ذوو الشهداء.. مصانع الأبطال وموئل الرجولة والفخر

تستحضر أم زيد تفاصيل وظروف استشهاد أبنائها الثلاثة ودموعها حبيسة مقلتيها فتضحيتها أكبر من أي دمع أو حزن، وبصوتها الثابت تحيك عبارات الشوق ومشاعر الفخر، عبارات تنضح حباً وعزة وكبرياء تنسج بها تلك الذكريات الطاهرة الحاضرة في محراب الشهادة والشهداء.تقول أم زيد “ما زلت أتذكر ذلك اليوم عندما حاولت الاتصال مع ابني البكر زيد، شيء ما يشدني لسماع صوته، زيد كان يحاول ملء الفراغ في حياتي بعد استشهاد شقيقيه، لكنه في ذلك اليوم اختار أن يلحق بهما، لم يخبرني بشيء، لم يقل لي أنه مل إلحاحي وإصراري على مكالمته عدةمرات كل يوم، رحل زيد، كان قبل ساعات يمازحني، رغم أنه حاول أن يكون حازماً “أمي لا تدقيلي.. أنا بحاكيكي.. أمي بخاف شي مرة كون مشغول أو ما فيي رد… ما بدي تقلقي ما بدي وجع قلبك” لقد انشغل عني صمت وترك هاتفه يرن، رحل.. زرعت فيه كل آمالي لكن الوطن اختاره كرفاقه منارة حق وعنوان حياة ودمه الطاهر ماء لترابه الغالي”.أم زيد التي تعيش ألم الفراق تروي لمراسلة سانا بحمص قصة استشهاد أبنائها الثلاثة في معارك الشرف والرجولة خلال تصدي الجيش العربي السوري للتنظيمات الإرهابية حيث قالت “ابني زيد العيسى مواليد 1987 وهو أكبر أشقائه نال شرف الشهادة في الثامن من حزيران 2013 تعرض للإصابة مرتين وخلال ملاحقة فلول الإرهابيين في سلقين بإدلب نال شرف الشهادة” وتتابع أم زيد وهي تتذكر الكلمات الأخيرة لابنها الآخر صالح وهو أصغر أخوته عمراً “سمعته يقول لي ادعي لي يا أمي أنا مصاب ودمي ينزف بغزارة” كان يخدم في البادية السورية وأثناء معركة ضارية مع إرهابيي (داعش) في منطقة اسمها (جزل) نال شرف الشهادة في العشرين من أيار 2015.عبارات الحمد والشكر لله لا تفارق حديث أم الشهداء (أم زيد) التي استكملت حديثها عن ظروف ارتقاء ابنها الثالث الشهيد إبراهيم مواليد 1992 بالقول “كان ابراهيم يخدم في الجيش بالقنيطرة ولأنه أصبح المعيل لأسرته بعد استشهاد أخويه طلب استكمال مهمته في حمص التي روى بدمهالطاهر ترابها الغالي في آذار 2017، غاب إبراهيم جسداً كأخويه إلا أن أرواحهم الطاهرة باقية مزروعة في قلبي وروحي أعيش على ذكراهم وأتوق للقياهم ، والله جبار الخواطر”.وفي منزلها المزينة جدرانه وذكرياته بصور زوجها الشهيد اللواء شرف عبد الله محمد سليم وولدها الشهيد عمار تتحدث حسنة سليم بدموع ممزوجة بالفخر وتقول “حملت المسؤولية بكل أمانة بعد فقدان السند والمعيل في رعاية باقي أفراد أسرتي” وتحمد الله في كل وقت بنفس راضية وبشعورعال بالاعتزاز باستشهاد زوجها وولدها في معارك الشرف ملتحقين بقافلة الشهداء الأطهار صناعي النصر على أعداء الوطن والانسانية وفق وصفها.وأضافت حسنة.. استشهد ابني عمار مواليد 1988 أثناء قيامه بواجبه في إسعاف المصابين والجرحى في تلبيسة بريف حمص الشمالي في الـ 28 من نيسان عام 2012 كان صف ضابط في الكتيبة الطبية اتصل بي قبل نحو ساعتين من استشهاده “قلي ادعيلي يا أمي”.وتابعت حسنة “إنه بعد سنتين تقريباً في الـ 14من حزيران من عام 2014 نال زوجي شرف الشهادة في درعا وأوصاني بالأولاد قبل يوم واحد من استشهاده ليكمل مسيرة الوفاء والإخلاص للوطن والإنسانية”.وفي بيت آخر من بيوت ذوي (أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر) عشنا قصة بطولة ولمسنا معاني الصبر بحديث أم يامن والدة الشهيدين النقيب شرف يامن أكرم سليمان وأخيه أحمد ذي الثلاثة عشر عاماً حيث قالت “استشهد ولدي يامن مواليد 1986 في مطار الطبقة في عام 2014 وكان سبقه ابني أحمد إلى العلياء في تفجير إرهابي غادر في آذار من العام نفسه وهو لا يزال على مقاعد الدراسة في الصف السابع”.أم يامن كغيرها من الأمهات السوريات الصابرات تمرن على احتمال الألم وجربن الصبر لكنهن لم يستطعن ترجمة كل ما بداخلهن فهن يؤمن بأن الوطن بحاجة جميع أبنائه ليدافعوا عنه وليبنوا صروحه وليسيجوا حدوده بأغلى ما يملكون.

سانا