بعد 36 عاماً عاد عالم الآثار والفنان الهولندي ثيو دو فيتيه إلى حديقة المتحف الوطني بدمشق لينثر عبق عشقه لسورية وتاريخها وتراثها من خلال لوحات جسد فيها مواقعها الأثرية متأثراً بقدرة شعبها على الحياة والنهوض من بين الركام.
المعرض الذي زين سور المتحف وحمل عنوان (ترميم التراث السوري برؤية ثيو فيتيه) تضمن 15 عملاً مؤلفاً من رسومات ولوحات رسمها الفنان الهولندي لأوابد سورية خلال رحلته الى بلادنا من عام 2019 حتى عام 2021 كالجامع الكبير بحلب وقلعة الحصن والقصر المملوكي بمدينة حمص القديمة ومعبد بل بتدمر والجهود الكبيرة لآثاريين سوريين لترميم ما خربته الحرب موثقاً التقدم الهائل الذي تحقق في ترميم تراث سورية فضلاً عن أعمال تنقيب جديدة من قبل فرق محلية وأجنبية.
ورافق المعرض كتيب وثق من خلاله فيتيه الانشطة الأثرية السورية خلال الأعوام الأربعة المنصرمة في عدة اماكن ومن فترات زمنية مختلفة مع الأخذ بالاعتبار الظروف الصعبة المحيطة بهذه الأنشطة مستأثراً بدوافعه الشخصية وتعلقه بآثارنا.
وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أكدت في تصريح لـ سانا أن الآثاري والفنان الهولندي الذي أحب سورية عمل فيها منذ عام 1985 بصفته طالب آثار حيث تعرف على حقيقة حضارتها وأهلها وعندما عاد إليها عام 2018 هاله ما رآه من دمار في المواقع التي كان يعرفها فقرر أن يخلد هذه المشاهد ويرسم ما ستؤول إليه لاحقاً بعد عودة الحياة إليها.
ورأت الدكتورة مشوح أن المعرض وثيقة تاريخية للسوريين وللغرب توضح للعالم ما عانته بلادنا وما ارتكبه الإرهاب بحق تراثها العريق وجهودنا كأفراد ومؤسسات لعودة الآثار والحضارة السورية إلى ألقها وضرورة صونها للأجيال وللإنسانية جمعاء.
وفي تصريح مماثل أشار الرسام دو فيتيه إلى أن الهدف الأساسي من المعرض إظهار أعمال الترميم المهمة التي حصلت في سورية مصوراً التراث الثقافي السوري إضافة إلى بعض المواقع الآثارية التي تجري فيها أعمال التنقيب والترميم متمنياً إقامة معرض آخر له في حلب إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية ولا سيما في مدينة أمستردام الهولندية بهدف اطلاع المجتمعات الغربية على الأعمال المهمة التي تقوم بها مديرية الآثار والمتاحف والمؤسسات المعنية بترميم التراث الثقافي السوري خلال الفترات السابقة.
مدير عام الآثار والمتاحف نظير عوض أشار إلى أهمية هذا المعرض لفنان هولندي عمل في سورية منذ سنوات طويلة متخصص بالآثار الذي بدأ برسم المناظر المحيطة بها لينتقل بعدها إلى تصوير مواقع التراث الأثري السوري وما طالها من دمار ولا سيما في تدمر مقدماً بذلك صورة واضحة لأوروبا تروي ما تعرضت له الآثار السورية.
وسيتم عرض هذه اللوحات وفقاً لمدير الآثار والمتاحف في عدد من الصالات الأوروبية إضافة إلى إصدار كتيب صغير عن المعرض يوضح بالصورة ما طال التراث الثقافي السوري من تخريب ممنهج.