6 نيسان اليوم الطيب في مملكة تدمر الأثرية

كانت الاحتفالات الشعائرية في مدينة تدمر الأثرية تبدأ اعتباراً من الأول من نيسان من كل عام لتصل ذروتها في اليوم السادس منه وهو اليوم الذي يتمتع بالقدسية لدى التدمريين القدماء ويسمى باليوم الطيب حيث تم فيه تكريس معبد بل الأثري.

وحول طقوس هذا العيد في تدمر القديمة يبين الخبير الأثري محمد خالد الأسعد في حديث لسانا الثقافية أن الحجاج كانوا يذهبون إلى المعبد مع أضاحيهم من الماشية ويدخلون إليه عبر ممر خاص ويدورون بها مع محمل الإله بل الموضوع فوق جمل ثم يذهبون إلى المذبح ليقدموا الأضاحي.

وبعد أن تطهى الأضاحي يقدم الطعام للمدعوين الذين تمت دعوتهم إلى هذه الولائم بواسطة بطاقات دعوة فخارية ثم يقوم الجميع بالطواف حول المعبد وهيكله بالتزامن مع توافد عشرات الآلاف من الحجاج والمصلين إلى باحة معبد بل الرحيبة حيث يرتدي الرجال والنساء أفخر الثياب ويتطيبون بأفخر أنواع العطور.

ويلفت الأسعد إلى أن هذه الطقوس كانت تتم تحت إشراف المئات من الكهنة وهم يعتمرون قلنسواتهم المكللة بالورود ويلبسون زيهم الأبيض المطرز والمزين بالأحجار الكريمة يحملون معهم البخور وأباريق الزيت المعطر بينما تتصاعد روائح الطيوب من الأواني لتعطر المكان.

ويوضح الأسعد أن هذه الاحتفالات تصل ذروتها في اليوم السادس من نيسان حيث تبدأ الطقوس الاحتفالية الرئيسة للعيد والمسمى باليوم الطيب من خلال إقامة الطواف وبعدها يقوم كبار الكهنة بانزال تمثال بل من محرابه الجنوبي ليحمل على سرير ذهبي ويوضع تحت قبة حمراء على ظهر جمل يقوده كاهن ليطوف به حول الحرم ووراءه كبار الكهنة والسدنة ورجالات المملكة وشيوخ القبائل والكاهنات من النساء المحجبات وممثل الإمبراطورية الرومانية.

وظلت هذه الطقوس الدينية العربية الفريدة من نوعها وفقاً للأسعد والتي كانت تقام في تدمر بشهر نيسان الذي يعتبر بداية تجدد الحياة في المفاهيم الدينية التدمرية والشرقية عموماً شائعة ومعروفة حتى ظهور الاسلام.

يشار إلى أن عظمة وأهمية معبد بل بتدمر الذي تم تشييده بواسطة التبرعات المقدمة من التدمريين الأثرياء في القرن الثاني الميلادي ترتبط بعبادة الإله بل والذي يعني باللغة الأكادية القديمة الرب كما أصبح المعبد واحداً من المباني الدينية القديمة الأكثر أهمية في المنطقة وتحول إلى كنيسة بيزنطية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية.