فورين بوليسي: العقوبات ضد روسيا لن تجعلها تجثو على ركبتيها

حذرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية من أن النهج الامريكي القائم على فرض العقوبات والمبالغ بها على الدول وشعوبها لم ولن يؤدي إلى تغيير سياسات الدول المستهدفة مؤكدة أن ما حدث مع إيران على مدى الـ 40 عاماً الماضية خير دليل على ذلك.

وحول آلية العقوبات التي تنتهجها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ضد الخصوم قالت المجلة في تقريرها إن” روسيا باتت هدفا للإجراءات العقابية الغربية ما جعلها تتجاوز إيران في فترة قصيرة بخصوص أنها الدولة الأكثر تعرضاً للعقوبات في العالم ولا سيما مع استمرار القوى الغربية بالتلويح بفرض المزيد من الإجراءات للضغط على الاقتصاد الروسي”.

وتابعت” كثيراً ما استخدمت الاجراءات القسرية على الدول على مدى عقود وكانت الولايات المتحدة المستخدم الأول لها فهناك ما لا يقل عن 24 دولة مستهدفة بالعقوبات الأمريكية سواء بشكل جزئي أو وقف كامل للتجارة مع البلد المستهدف كما يحدث مع إيران”.

وأشارت المجلة إلى أن العقوبات الاقتصادية لها دعاة ومؤيدون صريحون في البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي حيث يميلون إلى التفاؤل المفرط بشأن الآثار التي يمكن أن تحدثها هذه الإجراءات لكن هناك أدلة كثيرة على أن هذه العقوبات أصبحت غير كافية ولا تؤدي هدفها بل تحدث في بعض الأحيان تأثيراً معاكساً.

وتتطرق المجلة كمثال عن العقوبات وفشلها إلى ما وصفته بـ “ملحمة العقوبات على إيران” المطبقة منذ عام 1979 معتبرة أنها مثال حي على كيفية فشل العقوبات في تغيير سلوك الحكومات وأضافت المجلة “جرى سحق إيران بفعل العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لأول مرة عام 1979 ثم تطورت العقوبات بمرور الوقت حتى يومنا

الحالي وهو ما جعل طهران معزولة عن القطاعين المصرفي والمالي الدوليين كما جرى تجريدها من القدرة على الدخول في التجارة حتى مع شركائها المقربين ولكن يمكن قراءة هذه التطورات بأنها دليل على فشل نظام العقوبات إذ تعلمت الحكومة في طهران كيفية النجاة من هذه العقوبات

وإيجاد حلول لتفاديها وبدت إيران صامدة في الوقت الذي استنفدت فيه الولايات المتحدة خياراتها”.

وأشارت المجلة إلى أن وزير الخزانة الأمريكي الأسبق جاكوب لو كان قد حذر عام 2016 من أن الإفراط في استخدام العقوبات ضد الخصوم سيقلل من فعاليتها وسيقوض الدور القيادي للولايات المتحدة.

ورأت المجلة أنه قد لا يزال للعقوبات مؤيدوها الذين يعدونها بديلاً للحملات العسكرية والحروب المكلفة لكن الحقيقة أنها تفقد قوتها مع إضافة المزيد من البلدان إلى قائمة الدول الخاضعة للعقوبات لأنهم مع مرور الوقت يكتسبون المعرفة بكيفية العيش في ظل العقوبات والالتفاف عليها وتبادل تلك المعرفة مع المستهدفين الجدد.

وختمت المجلة بالقول إن “العقوبات الصارمة وسحب الاستثمارات والحظر مهما كانت شاملة وقاسية لن تجعل روسيا تجثو على ركبتيها وإن تجربة إيران تعد قصة تحذيرية مفادها أن الدول ولا سيما تلك الغنية باحتياطات الطاقة والتي لديها حلفاء مستعدون لمنحها مساعدات اقتصادية أوقات الأزمات لا يمكن تغيير سلوكها بالعقوبات الاقتصادية ولا سيما مع وجود العديد من الثغرات في النظام المالي الدولي وتضاؤل قوة الدولار الأمريكي الذي يتراجع تدريجياً أمام العملات المحلية الأخرى”.