حقوق الإنسان وفق معايير الولايات المتحدة.. تسييس فاضح ووسيلة ضغط لفرض أجنداتها

متجاهلة وقوفها وراء تدهور الأوضاع الإنسانية في العالم عبر شنها الحروب وافتعالها للأزمات ووسط تعام تام عن تردي أحوال حقوق الإنسان في المجتمع الأمريكي نفسه اتهمت الولايات المتحدة في تقرير أصدرته مؤخراً 200 دولة بانتهاك حقوق الإنسان كاشفة بذلك عن معاييرها المزدوجة ونفاقها وتسييسها الفاضح لما تسميه ملف حقوق الإنسان.ففي الوقت الذي يزعم فيه حكام البيت الأبيض أن الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان آخذة في التدهور في أجزاء من العالم يثبت واقع الحال أن أمريكا تشهد تراجعاً كبيراً في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان فوفقاً لاستطلاع أجراه الموقع الإلكتروني لمعهد العلوم السياسية في كلية هارفارد كينيدي الحكومية فإن 52 بالمئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً في الولايات المتحدة يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية قد آلت إلى معضلة أو إلى الفشل جراء السياسات غير الحكيمة في التعامل مع مختلف القضايا الداخلية وأهمها الفقر والبطالة والعنصرية.وفي السياق ذاته علقت صحيفة نيويورك تايمز حول موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان بقولها “إن الديمقراطية في الولايات المتحدة تتداعى وإن على الساسة في البيت الأبيض أن يجدوا حلولاًسجون لإخفاقاتهم في تحقيق الديمقراطية على الصعيد الداخلي قبل تدخلهم بشؤون الآخرين”.متناسية تاريخ البلاد الأسود في انتهاك حقوق الإنسان أوردت الخارجية الأمريكية ضمن تقريرها بشأن “حقوق الإنسان في العالم” الذي نشرته يوم الثلاثاء الماضي تهما تتعلق بالقتل الجماعي للدول التي لا تسير في ركبها وهي المدانة أمام العالم بجرائم الإبادة الجماعية للهنود الحمر إلى التمييز العنصري والاستغلال والمعتقلات التي أقامتها على أراضيها وفي أماكن مختلفة من العالم وهذا ما أشارت إليه واشنطن بوست بقولها: “من منظور اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فإن سلوك الولايات المتحدة ضد السكان الأصليين بمن فيهم الهنود يشكل جريمة إبادة جماعية كما تعد الولايات المتحدة إحدى أكثر المناطق نشاطا في الإتجار بالبشر والعمل القسري” فيما تم خلال السنوات الخمس الماضية تهريب ما يصل إلى 100 ألف شخص إلى الولايات المتحدة للعمل القسري كل عام وفق ما أوردت صحيفة الشعب الصينية.من جهتها قالت صحيفة ريتشموند تايمز الأمريكية إن العبودية لم تنته أبداً في الولايات المتحدة التي أنشأت سجوناً سوداء في عشرات دول العالم واشتركت في عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب لانتزاع الاعترافات ما يمثل دليلاً قاطعاً على انتهاكات الولايات المتحدة لسيادة القانون وحقوق الإنسان.تدهور الأوضاع الإنسانية في أمريكا طال أيضاً القطاع الصحي حيث لم تكترث الإدارة الأمريكية بمواجهة فيروس كورونا فكانت من بين أكثر الدول التي انتشر فيها الفيروس جراء الفشل الذريع لسياسيي البيت الأبيض في التعامل معه على الرغم من توافر الإمكانيات لذلك حيث وصل عدد الإصابات إلى أكثر من 82 مليون حالة وما يزيد على مليون حالة وفاة.والإهمال الحكومي لم يقتصر على فيروس كورونا حيث شهدت الأشهر الأولى من السنة الحالية ارتفاعاً في انتشار فيروس العنصرية بين الأمريكيين واتساعاً لفجوة الثروة بين الأعراق التي يتكون منها المجتمع الأمريكي واختلت الموازين بين البيض والسود وسط تزايد في معدلات العنف المسلح التي خلفت وفقاً للموقع الإلكتروني لمنظمة أرشيف العنف المسلح أكثر من 10 آلاف قتيل في الولايات المتحدة منذ مطلع العام الجاري حيث شهدت البلاد ما لا يقل عن 130 عملية إطلاق نار جماعي.وما ارتكبته الولايات المتحدة عبر إداراتها المتعاقبة من قتل وخراب ودمار في فيتنام مرورا بأفغانستان والعراق وليبيا وسورية خير دليل على أن آخر ما يفكر فيه حكام البيت الأبيض هو حقوق الإنسان فما يتحدثون به لا علاقة له بالمفهوم الحقيقي الذي يحفظ كرامة الناس وحقهم في العيش الكريم بل يتعلق بالمنظور السياسي الضيق للإدارات الأمريكية التي تسعى لتنفيذ أجنداتها الخاصة على حساب مصالح الشعوب.

سانا