الجرذان تغادر السفينة

                                                          

      الشاعر الروسي المعاصر دميتري دارين

   

      ترجمة د إسماعيل مكارم         

 منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا رأينا الشاعر دميتري دارين يشارك في الكتابة, ها هو اليوم يكتب عن ظاهرة (هروب الخائفين على مصالهم, والمرتبطين بقوى غريبة) وهذه الظاهرة تعد من الظواهر المتنقلة من زمن إلى آخر, ومن مجتمع إلى آخر, إذ أن حسب إبن خلدون فإن الظواهر الإجتماعية والتاريخية تعيد ذاتها ولكن في مجتمع آخر.أذكر كيف أنّ جماعة  من الكتاب وفريقا من الفنانين في سورية بعد بدء ما سموها زورا ثورة توجهوا إلى العمل خارج الوطن, في حين أن هذه النخبة تعد نظريا من عناصر تكوين ضمير الأمة, فكيف لضمير الأمة أن يهاجر بدلا من البقاء, والصمود والعمل لأجل صيانة سيادة الوطن, والوقوف إلى جانب جيشه وشعبه. في روسيا رأينا أن  فريقا من الفنانين, ورجال الدراما و العمل التلفزيوني والسينمائي  قد تركوا وطنهم روسيا  وهاجروا إلى الغرب وإلى فلسطين المحتلة….الشاعر دميتري دارين هنا في قصيدته هذه يسخر من هؤلاء الهاربين, ويطلق عليهم لقب – الجرذان الغريبة.

      الجرذان تغادر السفينة 

 السفينة لن تغرقَ, والشاطئ قريب,

 ها هي الجرذان الغريبة تغادر السفينة,(1)

 كون إتجاه السفينة لا يناسبها,

 ويبدو أن عنبر السفينة قد أصبح فارغا.

 **

الجرذان تهرب إلى أرض اليابسة الموعودة

كي تجد لذواتها الفاسدة الدفء والراحة,

وتسمَعُ صأصأتها اليائسة :

 − لا تحرمونا من تأشيرة الخروج !

**

ما هو بالنسبة لهؤلاء – أرض خصبة, إنما هو لنا مكان ضحل,

وما هو أمر سامّ لنا, بالنسبة لهم حبات كراميلا  

لذا تراهم مقابل حفنة قمح من يد غريبة

 مستعدون أن يرموا بنا إلى قاع البحر.

**

من غرائب الأمور, عند وصول السفينة إلى الشاطئ,

عندما ترسو في الميناء, تسْمَعُ جلبة هناك

كأنما يراد منها إغاضة البحّارة

وما هذه الجلبة سوى جلبة تلك الجرذان.

**

ومن جديد نقوم نحن باستقبال من هربوا

ونقدم لهم الفرصة من جديد للقيام بالخيانة,

من يعتز بوطنه الأم يدرك حتما

− أن لا حاجة للإقتراب من سلالات الجرذان.

*********************

* الجرذان الغريبة – ترمز إلى أولئك الذين ارتبطت مصالحهم  بمصالح أعداء روسيا.

 موسكو – شهر آذار عام 2022