تحقق أعمال الفنان التشكيلي محي الدين الحمصي حضوراً لافتاً في معارضه الفردية ومثيلاتها الجماعية التي يشارك فيها ولا سيما عند مقتني الفن حيث يرجع ذلك لأسباب عديدة تبدأ من الأسلوب الخاص للفنان ولا تنتهي عند ما يسميه بالحظ.
بهذه الطريقة يفسر الحمصي عدم تحقيق أعمال تشكيليين مهمين يوازونه وربما يفوقونه إبداعاً وفناً جماهيرية عند المقتنين ولكنه يرى أن الفنان يحتاج أيضا إلى محبة الجمهور.
وتحدث الحمصي لـ سانا عن بصمته وأسلوبه الرمزي والتجريدي والذي استطاع عبره كسب محبة الجمهور بعد أن خلص إلى نتيجة أن الفنان الحقيقي يتمسك باللوحة المتكاملة من حيث اللون والخطوط والفكرة.
ويعول الحمصي كثيراً على الشرط الجمالي كضرورة للفن التشكيلي بعكس الكاريكاتير الذي يميل إلى الفكرة المباشرة والنقد السياسي والاجتماعي من غير أن يعني ذلك ألا يطرح التشكيلي فكرة تلامس شعور وعاطفة المتلقي بل يجب أن يكون له قضية من صميم هموم المجتمع يترجمها بلون أو رمز.
ويأخذ تصوير قضايا الناس في الفن المعاصر شكلاً مختلفاً عن السابق كما يراه الحمصي فليس ضرورياً أن يرسم الياسمينة الدمشقية أو الحمامة ليعبر عن السلام لأن اللون الأبيض يعبر عنه في المدرسة الرمزية بعكس الواقعية التي تعبر بشكل مباشر أما هو فيميل إلى الرمز والتجريد.
وبين الحمصي أن الرسام يختلف عن المصور الضوئي الذي يلتقط الصورة مباشرة بينما الرسام يعتمد الرمز والإيحاء فهو يحب سورية ولكن لا يرسمها مثل مدرس الجغرافيا بل بالرمز واللون فأساس اللوحة هو اللون والفكرة والخط وهي تشكل مجتمعة التكوين.
ولا بد للرسام أن يتأثر ببيئته التي تنعكس في مضمون لوحته وألوانها فابن البيئة الدمشقية يرسم بيوت دمشق القديمة والمولوية وابن الساحل يرسم البحر والطبيعة وينحاز للون الأزرق بينما في السويداء أكثرهم نحاتون متأثرون بالبازلت ويجتمع الجميع على التأثر بالأم الكبيرة سورية.
وحول مواكبة النقد للحراك التشكيلي الحالي يعتبر الحمصي أن النقد في بلادنا متأخر عن الفن ولا يوازيه مشيراً إلى تجربة الناقد الراحل طارق الشريف وإلى تأسيس جمعية للنقد في اتحاد التشكيليين من ستة أعضاء منهم الفنانان أديب مخزوم وغازي عانا والناقد سعد القاسم ولكن هذا العدد ضئيل برأيه وغير كاف متسائلاً لماذا لا يكون لدينا مدارس ومعاهد وجامعات متخصصة بتدريس النقد ليواكب مسيرة التشكيل ويرتقي بها.
ويبدي الحمصي أسفه من أثر الحرب والظروف الاقتصادية على سوق اقتناء الفن حيث انشغل الجمهور بلقمة العيش ولا يستطيع اقتناء اللوحة ومع ذلك فهو يرتاد المعارض ويتأثر بالحركة الفنية ولكن ذلك يدفع بعض الفنانين إلى العمل بطريقة تجارية لتنفيذ أعمال بأسعار رخيصة ولكنها ضعيفة المحتوى الفني الفكري.
الفنان محي الدين الحمصي من مواليد دمشق وخريج معهدي الفنون التطبيقية وأدهم اسماعيل.