وكأنك تستحم في أحضان التاريخ والتراث تُعتبر من روائع الفن الإسلامي بطراز عمارتها ونقوشها تفنن الدمشقيون ببنائها منذ عهد الرومان وفي العصور اللاحقة تشعر داخلها بالاسترخاء الجسدي وحتى النفسي والرضا الذاتي هي طقس شامي حميمي دأب أهل الشام على ارتيادها إنها “الحمامات ” قديما كانت مقتصرة على الدور الكبيرة وأصحاب النفوذ أو الجاه ليدعوا المقربين من الجوار للاستحمام في الأعياد والحج لتكمل إلى يومنا هذا وتشهد إقبال الكثير من السياح وأبناء البلد خاصة في السنوات العشر الماضية هذا الإرث الذي يمتد في قدمه لعصور مضت تحتضنها أسواق دمشق القديمة مفاخرة بعراقة ابنيتها وتصميمها المعماري القديم وزخارفها الجميلة والوانها المتميزة محافظةًعلى اقسامها حيث يبدأ الحمام بالبراني وهو القسم الخارجي حيث تخلع عنك ملابسك ثم الوسطاني وهو قسم معتدل الحرارة مسقوف بقباب تحوي فتحات زجاجية تتيح لضوء الشمس الدخول من خلالها أما الجواني أو الداخلي حيث الحرارة المرتفعة فيتكون من إيوانين متناظرين يتوضعان على طرفي بيت النار لكل منهما جرن ماء ساخن يصل من بيت النار عبر نظام هندسي بارع لتزويدها بالماء الساخنة تبدأ رحلة الاستحمام في حمام السوق حيث ما أن تدخل إليه حتى يستقبلك معلم الحمام اي صاحبه ثم يتلقاك الناطور ويهيأك باللباس الخاص للاستحمام ولاسيما القباب الخشبي ناهيك عن انه تراث شعبي فهو يمنع الزبائن من الانزلاق واخيرا يأتي دور من ورث العمل من اجداده وهو عامل الحمام المسلح بمهارةٍ بأدوات تنظيف لا يُستَهان بها يدوية الصنع محلية المنشأ كما تتميز هذه الحمامات بوجود بحيرات تزينية في وسطها ومصطبات عالية يجلس عليها الزائرون حيث أبدع المعماريون في بنائها فرصعوا جدرانها بالقيشاني وفرشوا أرضها بالرخام لتغدو اليوم ليس مكان للاغتسال فقط وإنما أشبه بنوادٍ رياضية وقاعات اجتماعية مصغرة حيث الجلسة البديعة والروائح العطرة والطعام اللذيذ سيما وان عددها اليوم لا يتجاوز ال ٢٠ حماماً ولعل اشهرها حمام نور الدين الزنكي الذي رُمم عام ١٩٨٠ والتيروزي وحمام النوفرة وحمام الملك الظاهر يذكر أن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عندما بنى المسجد الأموي قال لأهل دمشق :تفخرون على الناس بأربع خصال تفخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأحببت أن يكون مسجدكم الخامسة هذا وقد مثلت هذه الحمامات منذ ظهورها وإلى يومنا هذا مقصدا شعبيا له مزاياه الخاصة يقصده الإنسان للتخلص من متاعبه الجسدية وصغوطاته النفسية فإذا كنت ترغب بنزهة حقيقية ومسلية فعليك بحمام السوق فهو ليس للاستحمام فقط بقدر ماهو للاستجمام أيضا…. وحمام الهنا…..
اعداد مجد حيدر