28عاماً على مجزرة الحرم الإبراهيمي.. والاحتلال الإسرائيلي يواصل جرائمه

فجر يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط 1994 الموافق للخامس عشر من رمضان اقتحم المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل في الضفة الغربية بحماية قوات الاحتلال ووقف خلف أحد أعمدة المسجد وفتح نيران رشاشه على مئات المصلين الفلسطينيين وهم سجود في صلاة الفجر ما أسفر عن استشهاد 29 منهم وجرح العشرات في واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. ولحصد أكبر عدد من أرواح الفلسطينيين الأبرياء أغلقت قوات الاحتلال أبواب الحرم لمنع المصلين من الخروج ومنعت المسعفين والقادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحاته لإنقاذ الجرحى وأثناء تشييع الضحايا أطلقت الرصاص على المشيعين ليرتفع عدد الشهداء إلى 50 والمصابين إلى 150 جريحاً. إثر المجزرة عمت المظاهرات مدينة الخليل وكل مدن وبلدات الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة 1948 فقمعتها قوات الاحتلال بالرصاص وارتفع عدد الشهداء إلى 60 والمصابين إلى المئات. في الوقت ذاته استغل الاحتلال الإسرائيلي المجزرة لينفذ مخططه بتهجير الفلسطينيين من البلدة القديمة في الخليل حيث أغلق الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة ستة أشهر واستولى على 60 بالمئة من مساحة الحرم ليستبيحه المستوطنون كما كثف حواجزه العسكرية في محيط الحرم ونصب على مداخله بوابات الكترونية وأغلق جميع الطرق المؤدية إليه بوجه الفلسطينيين باستثناء طريق واحد عليه إجراءات مشددة. وعلاوة على ذلك أغلق الاحتلال سوق الحسبة وخان الخليل وشاهين وشارع السهلة والشهداء الذي يعتبر الشريان الرئيسي وعصب حياة الفلسطينيين في المدينة ما أدى إلى إغلاق 1800 محل تجاري بالبلدة القديمة وبذلك فصلها الاحتلال عن محيطها وسرع وتيرة تنفيذ مخططاته لتهويدها وأقام ست بؤر استيطانية على أراضي الفلسطينيين فيها. ورغم وحشية الاحتلال اقتصرت ردود الفعل الدولية على بيانات الإدانة الشكلية دون أي إجراء عملي لمحاسبته وفي الـ 14 من آذار عام 1994 اكتفى مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 904 بإنشاء البعثة الدولية المؤقتة في الخليل (تيف) لتوثيق جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين ودعا لاتخاذ تدابير لضمان حمايتهم في جميع الأراضي المحتلة غير أن الاحتلال عرقل قيام البعثة بممارسة مهامها المحددة ورفض مطلع العام 2019 تجديد عملها ومنعت الولايات المتحدة حينها صدور بيان في مجلس الأمن يدين الاحتلال على تصرفه هذا. 28 عاماً مرت على المجزرة والاحتلال يواصل فصولها بحق الفلسطينيين ومقدساتهم في الخليل وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة كما أوضح وزير الأوقاف الفلسطيني حاتم البكري في تصريح لمراسل سانا ففي العام الفائت منع الاحتلال رفع الآذان من على مآذن الحرم الإبراهيمي 633 وقتاً وأغلقه أمام المصلين الفلسطينيين لـ 11 يوماً فضلاً عن أعمال الحفريات عند مدخله وفي محيطه وإقامة مصعد على مساحة 300 متر مربع من ساحات المسجد لتسهيل اقتحامات المستوطنين ومنع لجان الإعمار الفلسطينية من ترميمه مع أن أعمال الحفر وصلت إلى مراحل خطيرة تهدد وجود الحرم. وأكد البكري أن الاحتلال يهدف إلى السيطرة الكاملة على الحرم الابراهيمي وهذه جريمة بحق المقدسات ودور العبادة يضاف لذلك أن هذا يعد انتهاكاً لكل القوانين والقرارات الدولية وخاصة قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) التي أدرجت الحرم والبلدة القديمة في الخليل عام 2017 على لائحة التراث العالمي ما يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً من المجتمع الدولي لحمايته. من جانبه بين محافظ الخليل جبرين البكري أن الاحتلال يستخدم أدوات متنوعة في عدوانه المستمر على الحرم الابراهيمي ومنها تهجير الفلسطينيين من منازلهم وإقامة مئات الوحدات الاستيطانية في محيطه فضلاً عن الاعتداء على المعالم الحضارية للحرم وتغييرها لتزوير التاريخ مشدداً على أن الفلسطينيين الذين استشهدوا بالعشرات دفاعاً عن الحرم سيواصلون التواجد في باحاته وفي كل ركن منه رغم اعتداءات الاحتلال وسيفشلون كل مخططاته لتهويده. وأشار مدير الأوقاف في الخليل جمال أبو عرام إلى أن فصول المجزرة مستمرة وما زال الجرح ينزف في الحرم الابراهيمي من خلال عمليات التهويد والحفريات بهدف المساس بالموروث الديني والتاريخي للحرم لافتاً إلى أن الفلسطينيين يقيمون اليوم سلسلة من الفعاليات في قطاع غزة والضفة الغربية لإحياء هذه الذكرى الأليمة بهدف تذكير الأجيال المتعاقبة والعالم بجرائم الاحتلال وتأكيداً على الوفاء لدماء الشهداء التي سالت بغزارة في باحات الحرم الابراهيمي وتشديداً على مواصلة النضال حتى إنهاء الاحتلال ودحره من أرض فلسطين المحتلة.

سانا