3557 وحدة استيطانية ترسم ملامح طوق خانق لفصل جنوب القدس المحتلة عن بيت لحم

3557 وحدة استيطانية.. قد يراه البعض مجرد عدد عابر ضمن الأخبار اليومية المتعلقة بفلسطين لكنه في الحقيقة يشكل هدفاً جديداً تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذه بكل إمكانياتها جنوب القدس المحتلة وفي مركز المدينة لفصلها عن بيت لحم بالضفة الغربية وعزل أحيائها عن بعضها وسط صمت المجتمع الدولي عن جرائم التطهير العرقي والتهجير القسري التي يتعرض لها الفلسطينيون واكتفائه ببيانات خجولة تؤكد عدم شرعية الاستيطان وتدعو الاحتلال إلى وقفه بعيداً عن أي خطوة عملية لإلزامه بذلك.

الخارجية الفلسطينية أدانت المخطط الاستيطاني الرامي إلى إقامة 3557 وحدة استيطانية جديدة بالقدس المحتلة موضحة أنه تكريس لمخططات الضم الاستعمارية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ومطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني والضغط على الاحتلال لوقف الاستيطان.

مراحل تنفيذ الاحتلال للمخطط الاستيطاني الجديد تنقسم على مرحلتين وفق تصريح المختص بشؤون القدس فخري أبو ذياب لمراسل سانا الأولى  منها تتضمن إقامة 1465 وحدة في بلدة بيت صفافا وصولاً إلى بلدة صور باهر وجبل أبو غنيم جنوب القدس بهدف ربط مستوطنتين مقامتين على أراضي الفلسطينيين في هذه المناطق وفصل جنوب المدينة عن بيت لحم.

أما المرحلة الثانية فتتضمن إقامة 2092 وحدة استيطانية في منطقة التلة الفرنسية في مركز القدس لقطع التواصل بين أحياء البلدة القديمة وجنوب المدينة ووسطها وشمالها واستكمال إقامة حزام استيطاني يغلق جنوب القدس بشكل كامل.

وبالتوازي مع تكثيف عمليات الاستيطان في القدس يصعد الاحتلال عمليات الهدم حسب أبو ذياب فالعام الماضي هدم الكيان الإسرائيلي 177 منزلاً ومنشأة فلسطينية وهجر مئات الفلسطينيين بهدف إحداث تغيير ديموغرافي لمصلحة المستوطنين مشدداً على أنه بالرغم من كل هذه الممارسات التعسفية فإن الشعب الفلسطيني مستمر بصموده وتشبثه بأرضه ويسطر ملاحم صمود أسطورية في مقاومة الاحتلال ومثال ذلك ما يحدث في بلدات سلوان والعيسوية وحي الشيخ جراح وأحياء المدينة المقدسة لإحباط كل مخططات التهويد والتهجير.

خطورة ما يسعى الاحتلال إلى تنفيذه تكمن بتقسيم المناطق وفصلها حيث أفاد مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر أنه بمجرد انتهاء الاحتلال من تنفيذ مخططه لإقامة 3557 وحدة استيطانية في القدس ستصبح البلدة القديمة ووسط القدس وجنوبها مقسمة لعدة أجزاء تفصل بين أحيائها وقراها بؤر استيطانية محاطة بجدران فصل عنصري يتحكم الاحتلال بمرور الفلسطينيين عبرها بواسطة بوابات الكترونية الأمر الذي يفاقم معاناتهم.

ولفت خاطر إلى أن الاحتلال ينفذ سياسة تطهير عرقي وتمييز عنصري في القدس المحتلة وما يعيشه الفلسطينيون في المدينة هو تكرار لمآسي النكبة عام 1948 من خلال عمليات الاستيطان واعتداء عصابات المستوطنين على الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وتهجيرهم منها.

ومن المؤكد أن خطط الاحتلال بالوحدات الاستيطانية لا تنتهي وهو ما بينه خاطر بقوله إن الاحتلال يخطط لإقامة 57 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال السنوات القليلة القادمة بهدف تغيير الوضع الجغرافي والتاريخي لمدينة القدس وطمس هويتها العربية ومعالمها الإسلامية والمسيحية لافتا إلى أن الاحتلال يسابق الزمن لفرض واقع استيطاني تهويدي يستحيل معه إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس مستغلاً صمت وتجاهل المجتمع الدولي لحرب الاستيطان والتهويد المستمرة.

مدير عام دائرة الخرائط والمساحة في بيت الشرق بالقدس خليل التفكجي أوضح أن الاحتلال يحاول بطريقة ممنهجة تفتيت واختراق عمق القدس المحتلة والبلدات المحيطة بها حيث لا يمر يوم دون شق طريق أو إقامة وحدات استيطانية أو هدم منازل وذلك في إطار خطة ممنهجة ترمي إلى إغراق القدس بالمستوطنين وحصر الوجود الفلسطيني فيها بمناطق متباعدة لا تواصل جغرافيا بينها بينما يتم الربط بين المستوطنات لتنفيذ مخططات الضم الاستعمارية.

بدوره أكد منسق اللجان الشعبية لمقاومة الاستيطان والجدار صلاح الخواجا أن الاحتلال استولى العام الماضي على نحو 14 ألف دونم من أراضي القدس وأقام 19200 وحدة استيطانية جديدة كما أنه يهدد بهدم أكثر من 20 ألف منزل في القدس وبمقابل ذلك يحاول ربط المستوطنات المقامة في القدس بطرق وجسور استيطانية تخترق قلب القرى والبلدات الفلسطينية الواقعة في القدس ومحيطها مشيراً إلى أن هدف الاحتلال من هذه الممارسات العدوانية تهجير الفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم لإحداث تغيير ديموغرافي خطير في القدس المحتلة.

لكن مهما ارتكب الاحتلال من جرائم بحق الفلسطينيين فإنه لن يتمكن من تغيير حقائق التاريخ وطمس معالم الأرض وهويتها العربية الفلسطينية كما ذكر الخواجا مطالباً الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية بتحمل مسؤوليتهم والتحرك لوقف إرهاب الاحتلال بشكل حقيقي.