الطربوش مفردة من الفلكلور الدمشقي

إلى قديم الزمان نذهب وراء قصة عمرها أكثر من خمسة قرون قصة الطربوش الذي كان ملمحاً رئيسيا للزي الدمشقي للرجال عليك فقط أن تتجول في أسواق دمشق القديمة لتراها معروضة ولتعلم أنه هنا تتواجد معامل آخر شيوخ صناعة هذه القطعة التراثية  التي كانت حتى خمسينيات القرن الماضي صناعة مزدهرة ولها أربابها يوم كان الطربوش أكثر بكثير من غطاء للرأس.


دخل الطربوش إلى دمشق في ظل الدولة العثمانية وبالتحديد في عهد  السلطان سليمان القانوني وانتشر على نطاق واسع بين أكابر ووجهاء الحارات الدمشقية العريقة والمسؤولين والموظفين في الدوائر الرسمية ومعلمي المدارس حيث كانوا يتباهون بوضع الطربوش على رؤوسهم وكان ارتداؤه مظهرا من مظاهر الرجولة والقوة في ذاك الوقت حتى أصبح الطربوش من أساسيات الأزياء الشعبية و الزي الرسمي فارتبط بملامح الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لذلك اهتم الوجهاء وكبار الشخصيات باقتناء أجود أنواع الطرابيش المصنوعة إما من الصوف المضغوط “اللباد” أو الجوخ الملبس على قاعدة من القش وتضاف للطربوش الشرقي ميزة حيث يتدلى من جانبه الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء تُدعى “الشراشيب” وصناعته هذه ازدهرت في دمشق وحلب في الماضي لكن مع اندثار عادة ارتدائه وتخلي الدمشقيين عن استخدامه كغطاء للرأس بدأ يقل عدد المصنعين أما من يُصنعّه اليوم فيكون بقصد العرض والزينة ويبيعونه لتجار التحف والشرقيات في سوق الحميديةوالأسواق الشعبية في حلب والعرض يكون بحسب الطلب والطربوش الذي كان يُغطي رؤوس كبار رجال الدولة وأهم رموزها يختلف عن ذاك الذي يزين رؤوس الممثلين في المسلسلات التلفزيونية التي حركت الطلب على الطربوش من جديد واعادته إلى ذاكرة من أوشك على نسيانه وللسبب نفسه يقوم العشرات من أبناء أحياء دمشق القديمة بفعاليات فلكلورية دورية وهم بزيهم التقليدي المكون من سراويل وسترات قماشية واحزمة عريضة على الخصر وطرابيش حمراء على الرؤوس ليبدؤوا بعدها جولة صغيرة في المنطقة تحت مسمى “عيد الطربوش” واعتمدوه كتقليد دمشقي ليبقى حاضرا عند محبيه


عصر الجينز والموديلات الغربية جعل من الطربوش موضة قديمة إلا أنه مايزال يباع في المحلات التراثية حيث تستخدمه اليوم فرق الإنشاد الدينية وبعض أصحاب المهن  الفلوكلورية إلى جانب كونه سلعة أثرية يتهافت السياح على شرائها واخذ صور تذكارية بجانبها
الطربوش الذي تحول اليوم إلى مجرد قطعة زينة أو قطعة فلكلور أو أداة درامية في أحسن الأحوال كان فيما مضى ضرورة ورمزا للفخامة والأناقة والوقار لكن دوام الحال من المحال.

اعداد: مجد حيدر