يعيد خالد نده فتح معصرته كل عام في مثل هذا الوقت ليبدأ العمل بتقليد عائلي يزيد عمره على مئتي عام لإنتاج نحو ستة أطنان من دبس العنب وفق تقديراته فتدر عليه الحرفة التي يخاف عليها من الاندثار دخلا يعيل عائلته.
معصرة “نده” الوحيدة المتبقية في جيرود بريف دمشق كجزء من أدوات صناعة دبس العنب اليدوية التي توارثها أهالي القلمون عن أجدادهم كتقليد سنوي يوفر لهم مؤونة الشتاء بصنف حلو المذاق ويمنح الدفء كما يقول صاحبها لكن هذه المعاصر تكافح اليوم للحفاظ على وجودها أمام الآلات الصناعية على حد تعبيره.
ويرى نده في حديث لـ سانا أن معاصر الدبس اليدوية جزء من الهوية التراثية للمنطقة ومصدر رزق لأصحابها وخاصة ان منتجاتها تحظى بإقبال كبير من الأهالي معربا عن خشيته من أن يكون لمعاصر الدبس التقليدية مصير المعاصر الحجرية القديمة التي كانت منتشرة في قرى القلمون وأضحت اليوم من المعالم التراثية المنسية.
وعن العمل في المعصرة التي ورثها عن والده ويزيد عمرها على مئتي عام أوضح نده أنه يجهزها في مثل هذه الأيام كل سنة ليبدأ إنتاج الدبس وهو عمل يحتاج خبرة وصبرا والخطوة الاولى تبدأ بفرش الزبيب على الأرض ودرسه بشكل متواتر ثم جمعه على شكل كتل كروية تحفظ لمدة 10 إلى 15 يوما لتجف تماما وتصبح قاسية وبعدها تفتت بواسطة “القدوم الحديدي” إالى شرائح صغيرة.
ويتابع نده: تنقل الشرائح الى القدور الفخارية ليصب عليها الماء وتنقع لمدة أربعة أيام وبعدها يتحول إلى عصير شديد الحلاوة ثم تنقل إلى حلة نحاسية كبيرة تسمى “الجعيلة” تحضيرا للطبخ على مواقد الحطب مع التحريك الدائم بواسطة أدوات خشبية حتى ينضج المزيج ويتجانس ويصبح كثيفا ثم تطفأ النار ويبرد الدبس لمدة يومين وبعدها يفرغ في أوان وقدور وخواب فخارية مبينا أن إنتاجه يصل سنويا إلى نحو 6 أطنان دبس.
المهندس الزراعي طالب طالب بين أن دبس العنب يستخدم الزبيب الناتج من تجفيف العنب البلدي الذي يمتاز بنسب عالية من السكريات تصل حتى 30 بالمئة منه ويحقق فوائد صحية كما يمكن إدخاله في صنع بعض أنواع الحلويات والأصناف الغذائية.
سانا