خان أسعد باشا،لؤلؤة في عِقد تاريخ دمشق

ما إن تُفتح لك بوابته الجميلة حتى تنتقل بك من زحمة وضيق سوق البزورية التجاري في قلب دمشق القديمة إلى هدوء وعظمة شاهد على حضارة دمشقية عريقة.. إنه خان أسعد باشا الدمشقي الذي بناه الوالي أسعد باشا العظم عبر سنوات امتدت من عام ١٧٥١ وحتى عام ١٧٥٣ أظهرت نماذج من الحضارات التي مرت على سوريا متوزعة على مساحة ٢٥٠٠ م٢ بين جنبات وردهات الخان الذي اعتُمد في تصميمه العمراني على مبدأ التناظر بتناوب اللونين الأبيض والأسود، وللتخفيف من حدة هذا التناظر لجأ المصمم إلى  النوافذ المصنوعة من الخشب المعشّق والزجاج الشفاف وقام بتوزيعها بشكل عشوائي على مستويين أرضي وعلوي وهذا ماتكتشفه عندما تدخل عبر دهليز كبير مسقوف بعقود حجرية متقاطعة تزينها زخارف جصية ويصل بك إلى باحة مربعة الشكل تتوسطها بحيرة كبيرة مضلعة مؤلفة من ١٦ ضلع في مركزها نافورة تستمد مياهها من أحد فروع نهر بردى مغطاة بثماني قباب تتوزع بشكل متناظر حول الفتحةالمركزية التي بقيت دون تغطية لتؤمن التهوية والانارة للخان المؤلف من طابقين حيث الطابق الأرضي يحوي ٤٠ غرفة والطابق العلوي الذي توصلك اليه تلك الادراج على جانبي الدهليز فيحوي على رواق يصل عرضه ل ٣ أمتار يطل على الباحة المركزية وتتوزع حوله ٤٤ غرفة وبهذا التوزيع يقدم لنا شرحا كيف كان يُستخدم هذا الخان للتجارة انذاك سيما وكلمة خان تعني الفندق بالفارسية حيث كان يعد كفندق عريق في تلك الأيام يقصده الزوار والتجار من كل مكان ويقدم للتجار خدمات خاصة غرفة لبضاعته وغرفة لمنامته ويحكى ان عملية البيع والشراء كانت تتم في باحة الخان وهذا مايخبرك بأن عمارة الخانات في دمشق تعود لعصور إسلامية قديمة إلا انها اخذت موقعا مهما بدءً من القرن السابع عشر حين كانت دمشق طريقا للقوافل التجارية ومركزا للنشاط التجاري والحياة العامة انذاك


والغوص اكثر فيه يجعلك تتأكد ان كل شي فيه صُنع بحرفية وإتقان وما يميزه اكثر ان من قام بتشييده هم سوريون تأثروا بما مر على دمشق من حضارات بدءاًبالعصر الهلنستي مرورا بالروماني والإسلامي بحقبه المتعددة فضلا عن التأثر الفكري والفلسفي وهذا يظهر أكثر وضوحا وانت واقف على سطح الخان حيث ترى مبان ومعالم أثرية كالجامع الأموي وقصر العظم الأثري وحمام النوري ناهيك عن أسواق دمشق المجتمعة في مكان عابق في الوداعة وشاهد على عمق الحضارة الدمشقية ومسؤول عن توثيقها عبر تلك الوظيفة الإضافية التي اوكلت للخان اليوم وتضاف إلى أهميته التاريخية في إقامة المعارض التشكيلية والامسيات الموسيقية ليحافظ على الصلة التي تربطه بزواره من داخل دمشق وخارجها
تبقى دمشق المتألقة بمجدها العالي وماضيها العريق المتجسدان في آثارها وعمارتها من مختلف العصور….
وخان أسعد باشا عيّنة قيّمة من هذا المجد والماضي العريق.

اعداد: مجد حيدر