تعايش في ميلاد سورية

عليك فقط أن تتجول في أحياء دمشق وباقي شقيقاتها من المحافظات السورية وترى كيف يتجملون لتقول: إنه زمن الميلاد زمن إطلالة السانتا كلوز السنوية والانبهار برؤية الأضواء تتلألأ في البيوت والشوارع على الطرقات وشرفات المنازل وهذه المشاهد لن تراها عند المسيحيين في سوريا فقط وإنما في بيوت المسلمين وهذا مايشرح لك وجود مسجد يلاصق كنيسة في مشهد من الصعب أن يراه المرء إلا في دمشق حيث تضيع المسافات بين المكانين ويضيع معها الاختلاف بين الديانتين وفي سوريا فقط تستطيع أن ترى ضريحا لمسيحي كضريح يوحنا المعمدان في الجامع الأموي أو ضريح مسلم في دير كضريح الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز في دير سمعان والمشهد ذاته يتكرر في قاسيون حيث جبل الأربعين المتربع على رأس الجبل يؤمه الناس على اختلاف طوائفم و َمشاربهم مُقدِمة  بهذا نموذجا في الإخاء الذي عاشته على مر العصور بين المسلمين و المسيحيين فيها وتثبت للعالم اجمع أنها ليست بلد غني بالنفط والثروات الاقتصادية وإنما غني حتى النهاية بثقافة الروح وهذا ماعبر عنه زوار دمشق الأجانب حيث قال مصور بريطاني كان في زيارة لدمشق  إن ما شاهده في سورية لا يصدق فجولة واحدة في أحياء دمشق تثير لديك الفضول لتعرف كيف يفكر هؤلاء الناس فواجهات المحال تجمع القرآن والإنجيل والصلبان والمسابح و غيرها من الرموز الدينية بطريقة عفوية يصعب تصديقها ليكون الرد من بقية الأماكن السورية بأن ما شاهده ينسحب على كافة أرجاء سورية هذه اللوحة الفسيفسائية عبر عنها أيضا رئيس البرلمان الأوروبي هانس غيرت بوترينغ الذي زار سوريا في عام ٢٠٠٨ حيث قال لقد سررت لما شاهدته من تعايش ديني إسلامي مسيحي فقد دُعيت إلى أحد المطاعم في دمشق القديمة وكنا نجلس بين مآذن الجوامع وعدد من صلبان الكنائس كيف لا ومن هذه الأرض انتقلت رسالات السماء إلى العالم  فمنها انبثقت رسالة المسيحية ليعم نورها العالم ومن عاصمتها دمشق توهج مشعل الحضارة العربية الإسلامية ليصل الأندلس غربا والصين شرقا مضيئا درب الهداية والحضارة في منطقة واسعة الامتداد ساعدها في ذلك موقعها الجغرافي المميز على نقطة تلاقي دروب العالم القديم وطرق القوافل التجارية وأهمها طريق الحرير


رسالة السوريين في الميلاد كما في كل عام رسالة فرح يملأ القلب والنفس مهما كانت الظروف والمتاعب فرح حقيقي وليس فرحا زائلا متوجهين إلى السماء التي تستقبل صلاواتهم ودعواتهم الصادقة لتبقى سوريا محفوظة ومصانة بمحبة ولُحمة اهلهايرددون نشيد الملائكة الخالد
المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة

اعداد : مجد حيدر