نجح الاقتصاد الصيني في مخالفة توقعات تراجعه وإصابته بحالة من الركود عقب تفشي فيروس كورونا حيث استطاع نفض غبار الوباء وتداعياته عن أجنحته الاقتصادية والتجارية والعودة بوتيرة متسارعة معززاً حصته من التجارة والاستثمار العالميين.
ففي الوقت الذي كانت فيه السلطات الصينية حريصة على محاربة الوباء ومنع تفشيه بشكل أكبر لم تسقط الجانب الاقتصادي من حساباتها وذلك من خلال اتباع سياسة مالية ونقدية توسيعية في وقت مبكر من الجائحة منعت حدوث تضخم وتجنبت وقوع مضاعفات للمخاطر المالية الناجمة عن الفيروس.
ووفقاً لبيانات الهيئة الوطنية للإحصاء الصينية فإن البيانات أظهرت نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 9.8 بالمئة على أساس سنوي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي بينما كانت نسبة متوسط النمو في الفترة نفسها من العامين الفائتين 5.2 بالمئة.
ومما لا شك فيه أن اعتماد الاقتصاد الصيني على الاستهلاك المحلي إضافة إلى الصادرات ساهم بشكل كبير بإحداث صحوة خلال الأشهر الماضية حسب ما أكده المتحدث باسم الهيئة فو لينغ هوي بأن “الاقتصاد الصيني حافظ على زخم الانتعاش في الأرباع الثلاثة الأولى مع تقدم في التعديل الهيكلي والتنمية عالية الجودة كما ساهم الاستهلاك بحصة الأسد في النمو الاقتصادي أثناء الفترة بين كانون الثاني وأيلول الماضيين بينما ساهم صافي الصادرات بـ 19.5 بالمئة في الزيادة بإجمالي الناتج المحلي”.
ولعل من أهم التدابير التي اتخذتها السلطات الصينية للمضي قدماً باقتصادها خلال جائحة كورونا تحقيق زيادة ناتجها الصناعي بنسبة 11.8 بالمئة على أساس سنوي خلال ثلاثة الأرباع الأولى وارتفاع معدلات الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 7.3 بالمئة على أساس سنوي خلال الفترة المذكورة.
وساهمت تلك الإجراءات في تخفيض معدلات البطالة على أساس المسح بنسبة 4.9 بالمئة من خلال تأمين 10.45 ملايين وظيفة مدنية جديدة لتحقق 95 بالمئة من الهدف المحدد للعام بأكمله.
ووفق الأرقام والاحصائيات فإن الاقتصاد الصيني استطاع النهوض على الرغم من الضغوطات الكبيرة التي واجهها حيث كشف تقرير ياباني للأبحاث الاقتصادية أن الاقتصاد الصيني سيتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية بحلول عام 2033 بحيث يصبح الناتج المحلي الإجمالي للصين أعلى بخمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا وفق ما أوردته صحيفة نيكي اليابانية.
وفي السياق نفسه أكد تقرير صادر عن مركز بلفير للعلوم والشؤون الدولية في كلية هارفارد كينيدي الأمريكية أن الصين في طريقها إلى تجاوز الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا الأحدث خلال عقد من الزمان وخصوصاً وسط تقدمها في جوانب مثل الذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس وأشباه الموصلات.
ورأى التقرير أن الصعود السريع للصين لتحدي هيمنة الولايات المتحدة على مجالات التكنولوجيا قد استرعى انتباه أمريكا مؤكداً أن الصين أصبحت الرقم واحد في بعض المجالات فضلاً عن تقدمها المتسارع في مجالات أخرى ستتفوق فيها على أمريكا خلال السنوات العشر الماضية.
وركز التقرير أيضاً على الإمكانية الحقيقية لقيام الصين بإزاحة الولايات المتحدة عن صدارة العالم اقتصادياً وتكنولوجيا حيث أنتجت أكثر من 250 مليون جهاز حاسوب و25 مليون سيارة و1.5 مليار هاتف ذكي خلال عام 2020 وحده.