حقائق سورية التي لم تحرقها النيران .!

       بقلم : يونس خلف
أمين السر العام لاتحاد الصحفيين السوريين .

يخطىء ويتوهم من يعتبر ما يجري بين سورية وبعض الدول العربية سواء الإمارات أو غيرها مجرد تحالف سياسي ، أو لتحقيق مصالح اقتصادية ، أو كما يحاول أن يغمز البعض بعين تنازل سورية  عن بعض الأمور التي قد تمليها الإدارة الأميركية عبر وسطاء أو حلفاء لها في المنطقة . ودعونا نتحدث بالحقائق بعيداً عن التوهمات والأكاذيب  .
أولاً : لا بد لأي عاقل ان يدرك بعد كل ماحدث لو أن سورية كانت من الذين يفكرون بالتنازلات وقبول الإملاءات لما انتظرت حتى الآن وسيطاً أو وكيلاً أو همزة وصل مع أميركا ، كان الامر سهلاً منذ البداية عندما جاءت الإدارة الأميركية إلى دمشق عبر ممثلها كولن باول ودون اي وسيط وعرضت مساومة التنازل فكانت لاءات الرئيس بشار الاسد وفي مقدمتها لا للمساس بالسيادة الوطنية .  وبالتالي فإن ما لم تقدّمه سورية من تنازلات قبل الحرب  لن تقدّمه في نهايتها وهي منتصرة .
ثانياً : مايحدث من تقارب بين بعض الدول العربية هو الناتج الطبيعي لحقيقة انتصار الدولة السورية وحلفائها على أعدائهم ، وإذا كانت زيارة وزير الخارجية الإماراتي لدمشق تمثل مفتاح الدخول من بوابة حقيقة الانتصار  واستثمار هذا الدخول  ضمن الإطار العربي فإن الأمر الذي يستوجب الفهم والتفاهم حوله من قبل الاخوة العرب وغيرهم أنه
بات من المؤكد لدى الشعب العربي السوري أن سورية التي  اجتازت كل المراحل الخطيرة السابقة قادرة على المتابعة سواء في الميدان أو السياسة لاجتياز كل التحديات وصولاً إلى الانتصار على  الحرب العدوانية الظالمة و السلاح الأقوى الذي ساند بطولات الجيش العربي السوري هو إرادة الشعب وقراره في مواجهة هذه المؤامرة ويمكن قراءة وقائع الحرب على سورية ومجمل التحولات النوعية في مختلف الميادين على هذه القاعدة التي لطالما شكلت نقاط القوة  في مواجهة الضغوط والمؤامرات التي تعرضت لها. والأمر ذاته ينسحب على الرؤية الجماهيرية الموحدة لأبناء الوطن منذ بداية الحرب العدوانية على سورية  بأن المطلوب كان تغيير الوجه السياسي والثقافي والبشري للمنطقة وإعادة رسم خارطتها من جديد بما يخدم استراتيجيات ومصالح بعض القوى الأجنبية وفي مقدمتها إسرائيل وصولاً إلى تصفية الحسابات مع سورية لتمسكها بمواقفها القومية والوطنية الثابتة والمبدئية. 
ثالثاً :  النجاح الذي تحقق في القراءة الواعية لخلفية ما جرىو يجري وأدرك الجميع  حقائق كثيرة منها ايضاً  أن السياسة السورية رغم المتغيرات الدولية والضغوط برهنت أنها لا تخضع للإملاءات .
وبالعودة إلى الزيارات والاتصالات ومؤشرات التقارب ومد الجسور مع سورية المنتصرة فإن جوهر الأمر أن لدى سورية إرثاً حضارياً ومخزونا ًوطنياً وقومياً لا ينضب .. سورية التاريخ ، سورية الوطن الذي شكل على الدوام الحاضن القومي للعزة العربية وسورية الشعب والتاريخ والتجربة السياسية والقيادة الرائدة ، وإن حرص سورية على إعادة ترميم هذه الجسور وتمتينها يؤكد حرصها علىوجود إحساسها العميق بالعروبة ، ولعل المهم اليوم ليس الإنشغال بالتأويلات والأسباب الموجبة لمد الجسور وإنما أن يدرك الجميع ما أكدته سورية في نهجها وتجربتها السياسية المبدئية والثابتة بأن أمريكا هي العدو الرئيسي للأمة العربية والصديق الرئيسي للكيان الصهيوني . وأن في سورية جيشاً عقائدياً على رأسه رئيس صامد مقاوم شجاع لا يمكن أن يتنازل عن حقوق الأمة العربية وسيادتها ،والمهم أيضاً أن يكون قد أدرك الجميع ان سورية دفعت ثمناً باهظاً لأنها لم تخضع للإملاءات الأمريكية والصهيونية ولم توقع اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني ، ولأنها لاتقبل المساس بالسيادة الوطنية . فهل يتوقع أو يتوهم أحد بعد اليوم أن سورية تتنازل او تخضع للإملاءات .؟