«سورية من دون نفاق».. صور مبتكرة تكشف الواقع بلا زيف!!

يضع أركادي فينوغرادوف كتابه بين يدي القارئ سورية الحقيقية، بلد المعالم الفريدة، والمدن والتقاليد العريقة، بلد الصحارى الحارة والشواطئ الرائعة، ويعرّفه بثقافة سورية وتاريخها، وطريقة حياة السوريين وعقليتهم، باكتشافكم لهذا البلد، ستتأسفون على عدم زيارتكم له حتى الآن.

«كتاب سورية من دون نفاق» للأديب الروسي أركادي فينوغرادوف والصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يحملنا على جناحين ويطير بنا مستكشفاً تفاصيل بلد مكتنز بالحضارات والثقافات والتراث والعادات، لنطلع على تاريخ مهم لطالما همش، إلا أنه اليوم واقع وكنز يثير مرتاديه.

يتطرق المؤلف إلى نواحٍ عديدة في البلاد عبر مسيرته التي عاشها، حيث زار سورية مرات عدة واستطاع أن يقرأ تاريخها ويغوص بواقعها وتفاصيل مدنها وعادات الأكل وطقوس الحياة، كما أنه زارها بعد الحرب بناء على دعوة من أصدقائه فكشف الآثار التي خلفتها الحرب على طبيعة السوريين وحياتهم اليومية ولكنه يؤكد في الختام أن لقاءاته مع أصدقائه القدامى تركت لديه انطباعاً مشجعاً وغرست الثقة بأن سورية لن تتجزأ كما فعلت أميركا في العراق وليبيا وأفغانستان ولن تنجح في زرع بذور الفوضى التي ترغب بها وإن هذه البلاد ستحافظ على استقلالها.

أقدم الحضارات

وهنا يتناول الصورة النمطية المعروفة عند الناس لينطلق منها إلى فضاء أكثر دقة ومصداقية قائلاً: «ماذا تعرف عن سورية؟ تتحدث الأخبار اليوم عن هذا البلد بلا كلل في وقت تدور فيه حرب ضروس على أراضيه، والناس تخاف ليس من تلك الحرب بل من الذين يفرون من هناك».

لا يمكن الحكم على سورية من النزاعات الحالية التي تعصف بها، لأنها ليست بلداً عادياً، ففيها نشأت أقدم الحضارات ويسجل التاريخ وجود الإنسان فيها قبل نحو عشرة آلاف عام.

يتحدث الكتاب عن الجوانب الواقعية في هذا البلد ويقدم صوراً حية لثقافته ومعالمه الفريدة ومدنه العريقة وجغرافيته الرائعة ومنطق السوريين في معالجة الأمور، اعتاد الناس جميعهم على اعتبار مصر مكاناً لتمركز الاكتشافات التاريخية والتحف الأثرية، وفلسطين المحتلة- قلب المسيحية، لذلك تتدفق حشود السياح الروس والأجانب إلى هذين البلدين، كي يتأكدوا أنه لا توجد على وجه الأرض أماكن أخرى، بمثل هذا التراث الثقافي والديني.

وحتى وقت قريب، كان عدد قليل جداً من الناس يعرف أن في سورية عدداً كبيراً من الآثار المسيحية العالمية، المذكورة في الكتاب المقدس.

في بداية هذه الألفية فقط فتحت سورية الأبواب للسياحة الدولية، وظهرت للبشرية مقتنيات عالمية نادرة، خيّم الصمت حولها زمناً طويلاً.

حصلت على المعطيات الأولى عن سورية من مصادر نادرة وفقيرة بالمعلومات، تمكنت من العثور عليها في مكتباتنا، وأقول بصراحة، إنه لم يكن لديّ فكرة واضحة عن البلاد، فعلى ما يبدو، أن مؤلفي الكتب مروا هناك مرور الكرام، وببساطة لم يلاحظوا الكثير، لذلك ظهرت سورية في كتبهم صحراء عارية، مع مدن مملّة وبيوت رمادية مجهولة الهوية.

خلال خمسة وعشرين عاماً من العمل في البلاد، أتيحت لي الفرصة لزيارة أبعد مناطق سورية، وأريد أن أخبر القارئ عن تاريخ هذا البلد وعاداته وديانته، وعن الشعب السوري وتراثه الثقافي الذي لا يوجد له مثيل في أي مكان آخر في العالم.

دمشق مكان مروي جيداً

كان السياح الروس والأجانب سابقاً يتعرفون في سورية إلى بعض المعالم السياحية الرئيسة التي كانت تنتهي بها الرحلة عادة. وتجدر الإشارة إلى أن السياحة في سورية ليست متطورة، كما هي الحال في مصر أو تركيا، وكان عدد من السياح يبقون غير راضين عن مستوى الخدمة، فبعد اللقاء معظم اليوم في الحافلة متنقلين من مدينة إلى أخرى، كان السياح يعودون إلى الفنادق التي لم يكن فيها أي وسائل للترفيه، ولا حتى أحواض سباحة، لذلك فضّل الكثيرون الاستجمام في مصر وتركيا، حيث «كل شيء موجود»، إضافة إلى ذلك، كان اصطحاب السياح إلى الأماكن نفسها يقتصر على دمشق وحلب واللاذقية وتدمر، لكن الواقع، هناك عدد لا يحصى من المواقع التاريخية الممتعة والآثار العريقة البعيدة بعض الشيء عن الطرق السريعة الرئيسة، حيث عملياً لا يصل السياح.

مع تولي الرئيس بشار الأسد الرئاسة في سورية، اعتمد مسار تطوير السياحة حيث بدأ ببناء فنادق جديدة وتدفق السياح من جميع أنحاء العالم بأعداد كبيرة إلى هذا البلد المشمس.
يمكنك التحدث عن دمشق نفسها إلى ما لا نهاية، ومع ذلك لا يستطيع الشخص الذي يصل لأول مرة إلى هذه المدينة المدهشة، أن يستوعب على الفور، ولو واحداً بالألف من تلك المعلومات التاريخية التي تختزنها حتى الحجارة التي بنيت منها جدران القلاع والمباني القديمة، ورصفت بها الطرق التي مشى عليها العديد من الغزاة منذ أكثر من ألفي سنة.

أول ذكر لهذه المدينة موجود في البرديات المصرية القديمة، في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، كانت دمشق في البداية عاصمة الدولة الآشورية القوية العظيمة، ومن ثم لقرون عديدة وقعت تحت حكم الفرس والرومان واليونانيين والمماليك والأتراك، لكنها ظلت دائماً مركزاً لتجارة الشرق وحرفه وثقافته.

من المعروف أن دمشق واحدة من أجمل العواصم العربية، تقع عند سفح جبل قاسيون، ومحاطة من الجوانب الثلاثة الأخرى بواحة الغوطة الخضراء، وهي بذلك تعد أكثر مدينة في الشرق العربي خضرة، وتطمح إلى لقب أقدم مدينة في العالم، على الرغم من أن ذلك لا يحظى بموافقة الجميع، على أي حال وبكل تأكيد، يمكننا القول إن دمشق هي الأقدم بين العواصم الحالية.

الأطباق المحلية

السوريون من كبار الذواقة، يحبون تناول الطعام الجيد، ويعد المطبخ الدمشقي الأفضل في الشرق، السمة المميزة للمطبخ السوري هي استعمال الخضراوات الطازجة وزيت الزيتون والتوابل ومنتجات الألبان وعصير الليمون والحبوب والبقوليات، وعند زيارتك للمطعم السوري لأول مرة تندهش من وفرة الأطباق، ويمكن أن يُكتب في قائمة الأطباق طبق واحد «مقبلات»، لكنهم في الواقع، يحضرون لك أكثر من عشرة أطباق.

تنتشر الوجبات السريعة على نطاق واسع جداً لدى السوريين فإضاقة إلى الشاورما، يقدم في كل محل سندويشات من الكبد ونخاعات الضأن، مع أنواع الخضراوات جميعها والأعشاب والزيتون.

يذكر أن أركادي فينوغرادوف رحالة ودبلوماسي ومؤرخ وهو عضو اتحاد كتاب روسيا ومن أعماله مغامرات إيرلندي، أما مترجم الكتاب الدكتور عدنان إبراهيم فصدر له عدد من الأعمال منها قلادة من القلوب المحطمة والتسونامي السياسي.

الوطن