ارتفاع أجور الشحن من دول آسيا يرخي بظلاله على الإنتاج المحلي .

كشف أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها محمد أكرم الحلاق، في حديث مع «الوطن» ارتفاع أجور الشحن للبضائع من الصين، موضحاً أنها ارتفعت وبسابقةٍ غير معهودة من ٧-٨ آلاف يورو لتصل إلى ١٢ ألف يورو للحاوية، وبعد ذلك إلى ١٤ ألف يورو بالحد الأدنى ما يعادل 17 ألف دولار، مضيفاً: ما يعني أن أي بضاعة مستوردة سيضاف إلى سعرها فرق أجور الشحن وبالمحصلة ستزيد تكلفتها لتصل إلى ميناء اللاذقية.
وعن وجود طرق بديلة بيّن حلاق أن أجور شحن حاوية ٢٠ قدماً تبلغ تكلفة وصولها إلى ميناء العقبة عشرة آلاف يورو، وحتى تصل إلى ميناء اللاذقية تبلغ الكلفة ١٣ ألف يورو، ناهيك عما يترتب عليه من أجور إدخال مؤقت في الأردن وما يتبعه من مصاريف تخريج من العقبة ثم تكاليف الإدخال لعمان وتخريج جمرك من نصيب وما يلحق بذلك من أجور نقلها إلى سورية، مضيفاً: ما يعني أن التكاليف مضاعفة.
ورأى عضو غرفة الصناعة أن ارتفاع تكاليف الشحن سينعكس على تكلفة المنتج ونوعيته، الأمر الذي سيهدد بوجود مشكلات أمام استمرارية المنشآت بالعمل.
ولفت عضو غرفة الصناعة إلى وجود مشكلة أخرى تهدد الإنتاج المحلي تتمثل بارتفاع أسعار المواد عالمياً، ضارباً مثلاً أن زيت النخيل قد وصلَ سعرهُ إلى ١٦٠٠ دولار بعد أن كان ٥٠٠-٦٠٠ دولار سابقاً، ما يعني أن السعر زاد أكثر من الضعفين.
وحول ارتفاع أسعار المحروقات رأى الحلاق أن مشكلة حوامل الطاقة وتكلفة تشغيل المنشآت على المولدات وتشغيل الحراقات لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية في ظل ارتفاع سعر المازوت من ٦٧٥-٦٨٠ إلى ٢٤٥٠-٢٥٠٠ ليرة أدت إلى ازدياد ساعات التقنين الكهربائي رغم ما تخلفه من زيادة على تكلفة المنتج، هو عقبةٌ صغيرة أمام كارثةِ انعكاسِ تكاليف النقل من شرق آسيا إلى سورية بشكلها الجنوني وارتفاع أسعار المواد الأولية.
وقال الحلاق خسارة الصناعي اليوم لا مفر منها بسبب ارتفاع تكاليف الصناعة من أسعار مواد أولية وأجور شحن واحتياجاتها من الطاقة والرواتب والأجور والضرائب والرسوم والتعبئة والتغليف، موضحاً أن الخسارة حسب نوع المنشأة تتراوح بين ١٠٠ دولار، لتلامس أعتاب الـ٥٠٠ دولار في صناعات أخرى.
وأشار إلى أن لجنة المواد الكيميائية سوف تعقد اجتماعاً لدراسة واقع الأسعار، والكلف والوصول إلى تسعيرة مناسبة بما يضمن تأمين السلعة للمواطن واستمرار عمل المنشأة. مؤكداً استمرار التوريد للأسواق، واستمرار المنافسة بين الشركات على قدمٍ وساق، مبيناً أن تواتر الإنتاج والمنتجات ممتاز جداً.
وختم قائلاً: تبقى الفجوة بين توافر المنتجات وغلائها وقدرة المواطن الشرائية تزداد شرخاً وعمقاً، فالسلع اليوم لا تناسب قدرة المواطنين الشرائية وبالتالي سيعرض عن شرائها الأمر الذي سيعرقل حركة الإنتاج فيتوقف الطلب على ما سيؤدي إلى إيقاف الإنتاج وبالتالي خسارة المعمل تكون حتمية، مضيفاً: وتجنباً لهذه الفاجعة تتم دراسة الأسعار بشكل يسمح للمواطن بالاستمرار بنمط الاستهلاك المعتاد بما يتناسب وقدراته الشرائية، لكون الشركات اليوم لا تبحث عن الربح وإنما تحاول الاستمرارية في العمل وإن اضطر البعض إلى الوصول إلى وضع تسعيرة تغطي التكلفة وإن لم تحقق له ربح.

اكتفاء محلي
من جانبه الدكتور الجامعي سنان ديب رأى أن المشكلة الكبرى لا تكمن في ارتفاع أجور الشحن أو أسعار المواد المستوردة وإنما بفجوة الإنتاج المحلي، معتبراً أن اقتصاد البلدان لا يبنى بالاستيراد، ويجب الاهتمام بالإنتاج الزراعي والصناعي ضمن إمكانيات الوطن بما يعمل على تحقيق الاكتفاء المحلي.
وقال ديب: لم نر من دعم المنتج أو المستهلك إلا الجانب السلبي علماً أن الجانب الإيجابي والأساسي هو تحسين الوضع الاقتصادي فالصناعيون اليوم بحاجة إلى دعم بعد أن وضعت الحرب أوزارها على أرزاقهم، فالضرائب عبء على كواهلهم خاصة أن جزءاً من مصانعهم لم تعد للعمل، مؤكداً أن دعم المنتج أكثر أهمية في ظل الظروف الراهنة من دعم المستهلك فالمنتج هو من يحرّك عجلة الاقتصاد بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي
ووصف ديب القرارات الاقتصادية للحكومة بأنها تصدر باتجاه واحد وهي قرارات غير المدروسة لا تتناسب مع الواقع المأزوم الذي تمر به البلاد، معتبراً أن العلاجات الفردية غير مثمرة وليست ذات جدوى فهي لن تعطي حلاً، لأن العلاج هو الحل الثلاثي والذي يتمثل بتعاضد الصناعيين والدولة مع الإعلام للوصول إلى الحلول الناجعة.
وأضاف ما شهدته سورية من تحوّل خلال السنوات العشر السابقة كفيل بقتل الاقتصاد وتحويله من اقتصاد متكامل إلى بلد احتكاري بيعي بعد أن كان يشهد أمناً زراعياً وتقدماً صناعياً، ناهيك عما كان يتوافر من الخدمات التعليمية والصحية المجانية وبأفضل أشكالها ومن نمو القطاع السياحي، أما اليوم فتوجد محاولة حقيقية لقتل القطاعات الإنتاجية على اختلافها.

الوطن