اجتثاث الإرهاب العالمي يستلزم معالجة أسبابه الجذرية

اجتثاث الإرهاب العالمي يستلزم معالجة أسبابه الجذرية
اجتثاث الإرهاب العالمي يستلزم معالجة أسبابه الجذرية

 قبيل الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر، سحبت الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان، لتضع نهاية مخزية لأطول حرب خاضتها في الخارج تحت عنوان مكافحة الإرهاب.

ويجسد الخروج الأخرق من أفغانستان الفشل الذريع للحرب العالمية التي شنتها القوة العظمى الوحيدة في العالم على الإرهاب. كما أنه يبين أنه من ناحية، لا يمكن لأي بلد، مهما كانت قوته، أن يهزم جميع الإرهابيين في العالم؛ ومن ناحية أخرى، فإن السعي إلى اجتثاث الإرهاب العالمي دون معالجة أسبابه الجذرية أمر مستحيل.

ويُعتبر الفقر وعدم المساواة الاجتماعية والفجوة التعليمية وعدم الاستقرار السياسي على نطاق واسع من بين العوامل الرئيسية التي تولد أفكارا متطرفة وتساعد الجماعات الإرهابية في العثور على مجندين.

ومن بين 26445 حالة وفاة على مستوى العالم بسبب الإرهاب في عام 2017، وقعت 95 في المائة منها في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، بينما كانت أقل من 2 في المائة فقط في أوروبا والأميركتين وأوقيانوسيا مجتمعة، وفقا لقاعدة بيانات الإرهاب العالمي، وهي قاعدة بيانات مفتوحة المصدر للحوادث الإرهابية في جميع أنحاء العالم من عام 1970 فصاعدا.

وبالتالي، فإن إحدى أولويات بلد ما لدحر الإرهاب هي تنمية الاقتصاد، فضلا عن تعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة من أجل توفير حياة كريمة لشعبه، ولا سيما الشباب. ولا يمكن تحقيق ذلك من خلال القوة العسكرية.

وإلى جانب الأمن الاقتصادي، يضطلع التثقيف في مجال القضاء على نزعة التطرف – خاصة بين المراهقين والأطفال – بدور مهم أيضا في مكافحة الإرهاب.

في الوقت الحاضر، أدى التطور السريع للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة انتشار الأفكار المتطرفة إلى جميع أنحاء العالم تقريبا. وحذرت الأمم المتحدة في إستراتيجيتها العالمية لمكافحة الإرهاب من أن بعض الجماعات المتطرفة حاولت أيضا استغلال المظالم الناشئة عن وباء كوفيد-19 للترويج للكراهية والتحريض على الهجمات الإرهابية.

وبسبب التطرف المتفشي عبر الإنترنت، يحمل أطفال في بعض البلدان الأقل تقدما، ممن كان ينبغي أن يذهبوا إلى المدرسة ويحملون أقلام في أيديهم، قنابل يدوية وبنادق آلية من طراز “إيه كيه-47”.

وذكرت صحيفة ((إندبندنت)) البريطانية أن أصغر مجرم إرهابي معروف في بريطانيا ارتكب جريمته الأولى وهو في سن 13 عاما، وأصبح فيما بعد الزعيم البريطاني لمجموعة عالمية للنازيين الجدد على الإنترنت. وقد أبرزت هذه الحالة الصادمة أهمية مساعدة المراهقين على تطوير القيم الصحية ضمن مهمة مكافحة الإرهاب.

ومن خلال الاستشعار الدقيق للأسباب الجذرية للإرهاب، أثبتت الجهود الشاملة التي بذلتها الصين للقضاء على الهجمات الإرهابية، التي كانت تتصاعد فيما مضى في شينجيانغ، فعاليتها.

وفي السنوات الأخيرة، اتخذت الحكومة المحلية في شينجيانغ سلسلة من الإجراءات، مثل إنشاء مراكز للتعليم والتدريب المهني، لمعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب كالفقر والبطالة والتطرف الديني. ونتيجة لذلك، لم تشهد شينجيانغ هجوما إرهابيا واحدا منذ سنوات عديدة.

وفي عالم اليوم المعولم، لا يوجد بلد محصن ضد الإرهاب ولا يمكن لأي بلد استئصال شأفة الإرهاب بمفرده بصورة فعالة.

وبالتالي، يتعين على البلدان في جميع أنحاء العالم زيادة تعزيز التعاون الدولي في الجهود المبذولة لدحر الإرهاب العالمي. وللقيام بذلك، يتعين على بلدان مثل الولايات المتحدة أن تكف عن إساءة استخدام حربها على الإرهاب كذريعة للتدخل، وأن تتخلى عن معاييرها المزدوجة في محاربة الإرهاب، لأن هذه الأعمال تقوض بشكل خطير التعاون العالمي الذي تشتد الحاجة إليه.

وعلى الصعيد العالمي، تحاول الصين تعزيز التنمية المشتركة مع الدول النامية من خلال حملات مثل مبادرة الحزام والطريق على أمل التصدي للإرهاب العالمي بطريقة أساسية.

ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أنه بحلول عام 2030، يمكن أن تساعد مشاريع مبادرة الحزام والطريق، التي اجتذبت مشاركة نحو 140 بلدا، في انتشال 7.6 مليون شخص من براثن الفقر المدقع و32 مليون شخص من الفقر المعتدل في عموم العالم.

وتعد محاربة الإرهاب مسؤولية مشتركة للبشرية جمعاء. ويجب على المجتمع الدولي أن يحافظ على يقظة عالية، وأن يعزز الشعور بمجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وأن يتخذ نهجا شاملا في الكفاح المشترك ضد الإرهاب بجميع أشكاله.

شينخوا