جاء لقاء وزير الزراعة في حكومة تسيير الأعمال حسان قطنا الخاص بعرض الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم الزراعي 2021 – 2022 أمس محملاً بالتبريرات والآمال والوعود لتحسين الموسم القادم كما تتطرق في حديثه قائلاً: إن الأرقام المهربة من القمح والقطن كبيرة جداً أكبر مما كنا نتوقع وهو أمر ليس آنياً لذلك يجب أن نأخذ احتياطاتنا حتى لا نصل إلى ما وصلنا له هذا العام بحيث يصل سعر كيلو الشعير أعلى من سعر القمح وهو أمر خطير، لذلك المساحة المخصصة للقمح يجب أن تزرع كاملة وسوف يتم دعم الفلاح عند التسعير على المنتج النهائي، والميزة التفضيلة ستعطى لمن يزرع محصولاً إستراتيجياً. وأضاف قائلاً: نحن مع دعم القطاع الزراعي والفلاح ولو خسرنا كدولة، ليس لدينا أي مشكلة لكن نحتاج إلى تأمين الوسائل الداعمة حتى نستمر بالدعم وذلك بالتعاون مع الوزارات والاتحادات ووضع برنامج زمني للتنفيذ لذلك علينا أن نأخذ احتياطاتنا للموسم القادم خاصة أنه جاء بعد موسم جفاف وشح بالمياه.. موضحاً أنه لا يجوز أن نخطط لزراعة مساحات مروية غير قادرين على إروائها.
ودعا الوزير القطاع الخاص للقيام بدوره لتأمين مستلزمات الإنتاج وخاصة أنهم يبيعون بالسعر الذي يتم تحديده من قبلهم لافتاً إلى أننا لا ننافس التاجر لذلك ليس لديه أي حجة في تأمين مستلزمات الإنتاج.
خطة الاحتياجات
وأكد وزير الزراعة أن الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم الزراعي 2021 – 2022 كانت تسير ضمن إطار نمطي، هذا العام تم استبدال إعداد الخطة بطريقة جديدة انطلقت من الميزان السلعي، أي ما احتياجات المواطن من السلع أولاً لننتقل إلى معرفة قدرة الموارد الطبيعية لإنتاج سلعي يستطيع أن يلبي حاجة السكان والصناعة والتجارة الداخلية والخارجية لأن ما يهمنا هو المواطن واستثمار الموارد وفق المعايير والأنظمة الموضوعة حتى نعرف ما الفائض وما العجز بالإنتاج الزراعي لتلبية الاحتياجات ونعرف ماذا سنخطط للإنتاج الزراعي القادم وبالتالي قدرنا هذا الإنتاج وربطناه بموضوع الميزان السلعي لتحديد الفائض والعجز بكل منتج زراعي لتتمكن الوزارات الأخرى من وضع الخطة اللازمة لتأمين المستلزمات أو لتأمين المنتجات الزراعية اللازمة لتوفير احتياجات القطاعات المختلفة.
التغير الآخر بالخطة هو الانتقال إلى التخطيط وإجمالي مساحة سورية لنحدد احتياجاتنا من مستلزمات الإنتاج نتيجة ظروف الحرب التي يعرفها الجميع لافتاً إلى أن الحكومة لديها القوة والقدرة على تأمين الإنتاج مقارنة مع احتياجات السكان.
نقص بمستلزمات الانتاج
ومن ناحية أخرى قدم الوزير قطنا جملة من التبريرات التي حالت دون تنفيذ الخطة الإنتاجية للموسم الزراعي الحالي مبيناً أن هناك تحديات أثرت بشكل سلبي في مستوى تنفيذها على الرغم من الجهود المبذولة والإجراءات المتخذة لتأمين مستلزمات الإنتاج فقد واجهنا العديد من التحديات خاصة ما يتعلق بالأسمدة فقد بلغ الاحتياج من الأسمدة للموسم الزراعي (2020 – 2021) 300/ألف طن يوريا – 200/ ألف طن فوسفات – 100/ ألف طن نترات الأمونيوم – 10/ آلاف طن بوتاس، ونظراً للعقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على سورية لم تتمكن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من استيراد سوى كمية 6000 طن من اليوريا رغم كل الإجراءات المتخذة من قبلها من إعلان مناقصات والتعاقد لتوريد الكميات اللازمة إلا أن هذه الكميات لم يتم توريدها، كما بلغت الكمية المستلمة من سماد اليوريا من تاريخ 1/10/2020 وحتى 31/3/2021 (45376) طناً التي كانت كافية لتوفير الدفعة الأولى من الأسمدة لمحصول القمح فقط، وبين الوزير أنه ولمعالجة ذلك عقدت اللجنة الاقتصادية عدة اجتماعات لدراسة واقع الأسمدة، وتقرر رفع سعر استلام محصول القمح من الإخوة الفلاحين من 550 ل.س إلى 900 ل.س بحيث تم حساب تكاليف الإنتاج على أساس السعر الحر على كامل مستلزمات الإنتاج وذلك لتمكين الإخوة الفلاحين من شراء الأسمدة من السوق بالأسعار الرائجة، حيث قام القطاع الخاص بتوفير كميات من الأسمدة وطرحها بالأسواق بأسعار تراوحت بين (1 ـــــ 1.8) مليون ليرة سورية للطن الواحد، مع استمرار الجهود لتأمين الأسمدة بمختلف الطرق.
برنامج زمني لتأمين المحروقات
وحول تأمين المحروقات أكد أنه تم وضع برنامج زمني لتأمين احتياجات القطاع الزراعي من المحروقات خاصة المـــازوت بالاتفاق مع وزيري النفط والثروة المعدنية والإدارة المحلية والبيئة الذي يمتد من 15/10/2020 ولغاية 30/6/2021، وقد تم توفير المحـــــروقات اللازمــة لزراعــــة كل المســاحات المخصصة للزراعــــات الشتويـــــــة ضمن المناطق الآمنة خاصـــة محصول القمح، ونتيجة الظروف التي تمر بها البلاد وعدم إمكانية توفير المحروقات وزيادة ساعات التقنين الكهربائي تم عقد عدة اجتماعات مع الجهات المختصة لإعطاء الأولوية للقطاع الزراعي لتوفير مادة المازوت والكهرباء حيث تم إلغاء التقنين الكهربائي على كل شبكات الري الحكومية في مشاريع الاستصلاح الزراعي وغيرها من الإجراءات.
إضافة لذلك فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وارتفاع أجور النقل وارتفاع أسعار الأعلاف وعدم توفرها في الأسواق نتيجة الحصار الجائر على سورية. أدى إلى توجه الفلاحين لزراعة محاصيل تتناسب مع أوضاعهم الاقتصادية خاصة المحاصيل الطبية والعطرية كزراعات بديلة لأنها ذات سعر عالٍ خلال فترة قصيرة.
أما التحديات الطارئة فتتعلق بتعرض الثروة الحراجية والزراعية إلى عدد كبير من الحرائق في مناطق الغابات الواقعة في محافظات طرطوس واللاذقية وحمص وحماة، إضافة إلى أن التغيرات المناخية المتمثلة بقلة الهطلات المطرية والمترافقة مع سوء في التوزيع من حيث الزمان والمكان وارتفاع درجات حرارة (حيث كانت أعلى من معدلاتها السنوية بـ8 درجات في بعض المناطق) أدت إلى جفاف عام شمل كل المحافظات، وبالتالي تأثّرت المحاصيل الشتوية الإستراتيجية (القمح والشعير) التي تشكل أكثر من 70 بالمئة من المساحة الكلية المزروعة، الأمر الذي أدى إلى تراجع الإنتاج وخسارة ما لا يقل عن 3 ملايين طن منها، إضافة إلى تأثير الجفاف على الأشجار المثمرة كالحمضيات والزيتون، وإضافة إلى انخفاض كميات المياه المخزنة في السدود إلى نسبة 52 بالمئة وانخفاض المياه الجوفية إلى حدود حرجة، ما أدى إلى تراجع مردودية المساحات المروية 40 ـــــ50 بالمئة وبشكل متفاوت بين المناطق، علماً بأنه تم تخفيض الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم الصيفي (2020 – 2021) من 209 آلاف هكتار إلى 146 ألف هكتار خاصة بالنسبة للمحاصيل المجهدة للتربة وذات الاحتياج العالي للمياه مثل القطن ودعم مشاريع التحول للري الحديث.
وأشار إلى أن هذه التحديات امتدت لتشمل القطاع الزراعي بأكمله من حيث انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية وتراجع مؤشرات نمو الثروة الحيوانية وتراجع إنتاجها، الأمر الذي سينعكس سلباً على الأمن المائي والغذائي وتراجع الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية ومن البروتين الحيواني.
وبيّن قطنا أنه لنتجاوز كل ذلك تم إعلان بشكل مبكر عن الخطة لهذا العام لتتمكن الوزارات الأخرى من توفير مستلزمات الإنتاج وتنظيم عملها بحيث تكون في 1/10/2021 كل المستلزمات متوفرة لزراعة جميع المساحات الواقعة في المناطق الآمنة لذلك لابد من تحديد أسعار الشراء مسبقاً للمنتجات الزراعية المحددة في الخطة في ضوء السياسات العامة للدولة واعتماد تسعير المحاصيل الإستراتيجية من قمح وقطن وشوندر سكري وتبغ والرئيسة مثل شعير وذرة صفراء وفق التكلفة الفعلية لمستلزمات الإنتاج قبل البدء بتسويق الإنتاج بفترة زمنية كافية. والأهم توفير مستلزمات الإنتاج والأسمدة الرئيسة في حدود الإمكانيات المتاحة. والعمل على تأمين كل مستلزمات الفلاحين من المحروقات والطاقة وفق خطة الوزارات المختصة بتأمينها وتوزيعها من الجهات المختصة.
لا بد من إجراءات لمواجهة تغيرات المناخ
وزير الموارد المائية في حكومة تسيير الأعمال الدكتور تمام رعد أكد ضرورة اتخاذ التحديات التي تواجهها المنطقة والتغيرات المناخية بعين الاعتبار واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التحديات موضحاً أن الخطة الإنتاجية لهذا العام وضعت بشكل مدروس وجيد بالتنسيق مع الجهات المختصة.
قروض لتركيب طاقات شمسية لآبار الضخ
بدوره وزير الكهرباء في حكومة تسيير الأعمال غسان الزامل أكد في تصريح لـ«الوطن» أن جميع محطات ومضخات الري الرئيسة في سورية التي تغذي المحولات والمحركات الكهربائية لري المحصولات الزراعية ومياه الشرب هي معفاة من التقنين بشكل دائم وشجعنا على استخدام الطاقات المتجددة في ضخ مياه الآبار وتم الإعلان عن إعطاء قروض للمزارعين لتركيب طاقات شمسية لآبار الضخ لكن بعد عقلنة هذا الإنتاج.
لأن المياه الجوفية هي ثروة يجب الحفاظ عليها لذلك يجب أن يكون هناك ترشيد وعقلنة في الاستجرار ويتم التنسيق مباشرة مع وزارة الزراعة لتأمين الاحتياجات المهمة أثناء موجات الصقيع وعندما تكون هناك حاجة ملحة للري يتم إعفاء هذه المناطق.
رئيس الاتحاد العام للفلاحين أحمد صالح إبراهيم قال: إن العوائق التي واجهت القطاع الزراعي كثيرة هذا العام منها الظروف المناخية وقلة مستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى أن الاتحاد شدد على أهمية تأمين مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب وفق الإمكانات المتاحة وعلى التشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص وكل من يستطيع تأمين مستلزمات الإنتاج وأن نلجأ إلى للزراعات التعاقبية بالنسبة للمزروعات الصناعية كالقطن والشوندر السكري وأيضاً بالنسبة للمزروعات والمحاصيل العلفية وأن تكون التسعيرة وفق الحاجة، أي إذا كان القطن نعطيه 25 بالمئة هامش ربح والقمح 25 بالمئة فالقطن يأخذ موسمين زراعيين، فالفلاح الذي يزرع محصولين زراعيين يجب أن يأخذ حقه في التسعير بشكل يساعد الفلاح في تأمين مستقبله ومستقبل أبنائه من أجل حياة كريمة.
مدير عام المصرف الزراعي إبراهيم زيدان أكد أن الاعتماد على تأمين الطاقة لمشاريع الري الحكومية ومستلزمات الإنتاج يؤدي إلى الخلل في تنفيذ الخطة لذلك لا بد من إدخال شركات القطاع الخاص لتأمين مستلزمات الإنتاج.
رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو استغرب وجود سعرين للأسمدة وأن ذلك لا يحقق العدالة بالمطلق لذلك على الدولة أن تترك موضوع تأمين السماد في عهدة القطاع الخاص.
وجاءت المدخلات لتؤكد أن الدعم يجب أن يكون على مدخلات الإنتاج وليس على المخرجات وأن الحكومة عندما تخطط للمروي يجب أن يعطي 75 بالمئة من الإنتاج وإذا لم يؤمن السماد والبذار فسوف يخرج ثلث الإنتاج خارج المخطط كما أن الخطة الإنتاجية الزراعية السنوية للموسم الزراعي 2021- 2022 لتحديد بدائل للطاقة وتأمين مشاريع بديلة على مستوى الوطن والاستفادة من تجربة العام الماضي وأن يكون دعم البذار والسماد على المدخلات وليس على المخرجات وإعطاء أهمية لأشجار الزيتون والتين والحمضيات وتشكيل لجان بكل محافظة لهذه الأشجار كما طالب المشاركون بمعامل للنفايات الصلبة والبحث عن البدائل المتاحة لتأمين مستلزمات الإنتاج وأن تأخذ الخطط الإسعافية مكانها وأن يكون لتجار القطاع الخاص المشاركة بشكل فعال بتأمين مستلزمات الإنتاج فنحن لم نلمس وجودهم بكثافة على الأرض لأن القطاع الخاص شريك مهم ورافد للقطاع الزراعي.
الوطن