صرح الباحث الاقتصادي عابد فضلية لـ«الوطن» أن الكثير من الإجراءات التي ينفذها مصرف سورية المركزي قد تكون صحيحة من الناحية النقدية لكنها ليست كذلك في الاقتصاد مثل التوجه نحو تجفيف السيولة والحد من تداولها فقد يتم تفهم ذلك لكن لزمن محدد وبهدف عدم تحول هذه السيولة للمضاربة في السوق السوداء لكن لا يجوز أن يكون ذلك إجراء دائماً ومستمراً كما هو معمول به حالياً لما لذلك من أضرار اقتصادية واسعة منها تعطيل الكثير من الأنشطة الاقتصادية خاصة أن قيمة الأوراق النقدية يكون بتحويلها لرأسمال عامل لكنها تبقى مجرد أوراق في حال عدم توظيفها واصفاً امتلاك الأوراق النقدية من دون توظيفها بجريمة اقتصادية وهو إجراء غير مشجع للنشاط الاقتصادي بل لعب دوراً محبطاً للكثير من النشاطات الاقتصادية ولا يشجع على جذب الاستثمارات وعودة العاملين في قطاع الأعمال من السوريين في الخارج كما هو التوجه اليوم، كما إن الإجراءات الشفهية بين مصرف سورية المركزي وضمن المصارف نفسها بين الإدارات وفروعها هي إجراءات غير منطقية خاصة في التعاملات المالية التي تحتاج أكثر من غيرها لعلميات التدوين والتوثيق خاصة أن المحاسبة تكون بناء على التعليمات الموثقة ومنه لا يجوز تطبيق إجراءات عامة من دون مراسلات وتعاميم رسمية ومصدقة ومسجلة.
وعن تحديد سقف السحوبات اليومي لدى المصارف وهو حالياً (2) مليون ليرة بين أنه إجراء غير قانوني وأخرج الكثيرين من النشاط الاقتصادي إضافة لما له من دور سلبي في تنامي حالة فقدان الثقة بالتعامل مع المصارف إضافة لوجود الكثير من الحالات التي تتطلب سحب مبالغ أكثر من 2 مليون ليرة مثل ظروف صحية عائلية أو تعاملات نقدية وغيرها ولا يجوز عدم السماح للمودع أمواله لدى المصارف من سحب احتياجاته من ماله وحول توجيهات المركزي بعدم السماح بحمل أكثر من 5 ملايين ليرة بين المحافظات السورية بين أن كل هذه القرارات أو التوجيهات الشفهية تم نسيانها في المصرف المركزي أو ليس هناك جرأة لإعادة تقييمها ومراجعتها والنظر في آثارها ونتائجها.
وهذا القرار يشبه قرار الحكومة في إلزام فتح حسابات وإيداع 5 ملايين ليرة لدى المصارف كشرط لإجراء عملية البيع وتنفيذها لدى الدوائر العقارية أو مديريات النقل ولا يجوز لأحد إلزام المواطن بإيداع ماله لدى المصرف في حين اعتبر المخالفة الأوسع هي في إلزام المودع إبقاء 500 ألف ليرة لمدة ثلاثة أشهر على شكل وديعة بلا فائدة وهي تمثل حالة سرقة من المصرف للمودع وهو شيء غريب كيف يمكن إلزام الناس على إيداع مبالغ مالية لدى المصارف وبلا فائدة.
وإذا كان المقصود من كل ذلك هو التوجه نحو الدفع الإلكتروني بين أنه من غير المعقول أن يكون التوجه نحو تطبيقات الدفع الإلكتروني في هذه العقلية والإلزام والإجبار بخلاف التجارب العالمية التي تقوم على التحفيز وتبسيط إجراءات الدفع الإلكتروني، معتبراً أنه ليس لدينا اليوم بنية تحتية للتحول للدفع الإلكتروني وهناك بعض المصارف ليس لديها القدرة على فتح حسابات جديدة، أو على تحسين واقع خدمة الصرافات الآلية التي تمثل حالة بدائية في التعاملات الإلكترونية، وأن حالة الإلزام والاستعجال في تطبيق الدفع الإلكتروني من دون توفر البيئة والبنية لهذا المشروع ساهمت في تكوين صورة ذهنية سلبية عن هذا المشروع لدى الكثير من المواطنين قبل تطبيقه أو التوسع فيه.
الوطن