التقى المسؤول الكبير في حركة «طالبان» أنس حقاني في كابل مع الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد اللـه عبد الله، فيما أعلنت دولة الإمارات استقبالها الرئيس الأفغاني أشرف غني وأسرته في البلاد لاعتبارات إنسانية، يأتي ذلك على حين أعرب مسؤولون في الغرب عن تفاؤلهم الحذر إزاء مستقبل أفغانستان تحت قيادة «طالبان»، بالتزامن مع ورود أنباء مقلقة عن حوادث أمنية في هذا البلد.
ونشرت قناة «طلوع نيوز» الأفغانية صوراً للاجتماع الذي عقد أمس الأربعاء بين حقاني، وهو الشقيق الأصغر لسراج الدين حقاني، نائب زعيم «طالبان» ورئيس «شبكة حقاني»، وكرزاي وعبد الله.
ولفتت القناة إلى أن حقاني وغيره من عناصر «طالبان» التقوا أيضاً مع زعيم حزب «الدعوة الإسلامية» والقائد الميداني السابق عبد رب الرسول سياف.
وأكدت وكالة «رويترز» صحة الأنباء عن الاجتماع بين حقاني وكرزاي وعبد الله نقلاً عن مسؤول في «طالبان»، من دون شرح مزيد من التفاصيل، في وقت تحاول فيه «طالبان» تشكيل حكومة جديدة بعد سيطرتها على العاصمة كابل الأحد الماضي.
مسؤول من حركة «طالبان» طلب عدم نشر اسمه قال لـ«رويترز» أمس إن قادة الحركة الأفغانية سيظهرون أنفسهم للعالم، على النقيض مما كان الحال عليه قبل 20 عاماً عندما كان قادة الحركة يعيشون بشكل كبير في أماكن سرية، مضيفاً «بالتدريج سيرى العالم كل قادتنا ولن يكون هناك تخفٍّ أو سرية».
ونوه أن أعضاء الحركة صدرت لهم أوامر بعدم الاحتفال باجتياحهم الخاطف للبلاد، والذي أخذهم إلى العاصمة كابل يوم الأحد، مشيراً إلى أن على المدنيين أن يسلّموا أسلحتهم وذخيرتهم.
في غضون ذلك أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية أن «الرئيس الأفغاني أشرف غني موجود مع عائلته في الإمارات»، وأوضحت في بيان لها أمس أن «الإمارات استقبلت الرئيس غني وأسرته في البلاد لاعتبارات إنسانية».
وفر الرئيس الأفغاني من بلاده بعدما تمكنت «طالبان» من دخول العاصمة، وقال في تدوينة على فيس بوك، الأحد الماضي، إنه «اختار المغادرة لتفادي إراقة الدماء».
وأضاف: إنه غادر لتجنب حدوث اشتباكات مع «طالبان» كانت ستعرض حياة الملايين من سكان كابل للخطر، وقال غني «طالبان انتصرت، وهي مسؤولة الآن عن شرف الحفاظ على بلادها».
الجدير بالذكر، أن السفارة الروسية في كابل كشفت لوكالة «سبوتنيك»، أن الرئيس غني، هرب من كابل مع سيارات مليئة بالأموال، بقي بعضها في المطار لعدم تمكنه من نقل الأموال كلها.
وتشهد أفغانستان حوادث أمنية حيث أطلق مسلحو حركة «طالبان» أمس النار على المشاركين في مسيرة لدعم العلم الوطني لأفغانستان في مقاطعة ننغرهار، حسبما أفاد مصدر محلي أكد لـ«سبوتنيك» سقوط جرحى وقتلى جراء إطلاق النار.
فيما يستمر عدد كبير من المواطنين الأفغان، بشكل يائس، بمحاولة الفرار من البلاد، عبر السفر على متن أي طائرة ممكنة في مطار كابل، الأمر الذي أدى لأزمة كارثية الأربعاء.
وقال مسؤول أمني في حلف شمال الأطلسي، أن 17 شخصاً أصيبوا، أمس، في تدافع عند إحدى بوابات مطار العاصمة الأفغانية كابل، مع تكثيف الدول الغربية عمليات إجلاء دبلوماسييها وآخرين من هناك.
وذكر المسؤول، الذي كان يعمل في المطار، أن المدنيين الأفغان الذين يسعون لمغادرة البلاد بعد أن سيطرت حركة «طالبان» على العاصمة يوم الأحد، طُلب منهم عدم التجمع حول المطار ما لم يكن بحوزتهم جواز سفر وتأشيرة.
وتأتي كارثة التدافع في المطار، موازية لمواجهات شهدتها شوارع مدينة جلال أباد، بين متظاهرين أفغان ومقاتلي حركة «طالبان»، الأمر الذي أدى لسقوط 3 قتلى على الأقل.
إلى ذلك تتوالى ردود الفعل على تسلم «طالبان» السلطة في أفغانستان حيث أكد قائد الجيش البريطاني الجنرال نيك كارتر أن قوات المملكة المتحدة المتبقية في أفغانستان تتعاون مع «طالبان»، مبدياً تفاؤله إزاء مستقبل هذا البلد تحت إدارة الحركة.
وحسب موقع «سكاي نيوز» قال كارتر أمس: «نتعاون مع طالبان على الأرض، ويبدو أن هذه العلاقة مباشرة جداً، يحتفظون بالأمن والهدوء بالتأكيد في شوارع كابل ويساعدوننا في المطار وأعتقد أننا نواجه مشكلة مثيرة للقلق محتملة متمثلة بأفغان منزعجين قد يحاولون التسلل إلى المطار مجدداً».
ودعا الجنرال كارتر إلى «توخي الحذر في استخدام مصطلح العدو» بحق «طالبان»، وأبدى قناعته بأن «طالبان» لا ترغب في أن تكون معزولة على الصعيد الدولي.
في الوقت نفسه، أقر الجنرال كارتر بضرورة «توخي أقصى درجات الحذر والحيطة» إزاء «طالبان»، قائلاً إن قوات الناتو قد تعود إلى أفغانستان «إذا ظهر هناك مجدداً خطر الإرهاب».
بدوره بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الإيراني الجديد إبراهيم الرئيسي في أول مكالمة هاتفية بينهما طيفاً من المسائل الثنائية والدولية الأكثر إلحاحاً، منها الوضع في أفغانستان.
وأكدت الرئاسة الروسية «الكرملين» في بيان صدر عنها أمس حسب موقع «روسيا اليوم»، أن بوتين ورئيسي أوليا اهتماماً خاصاً في مكالمتهما لمستجدات الوضع في أفغانستان مع «التعبير عن استعدادهما للمساعدة في إحلال الأمن والاستقرار في هذا البلد».
كما أكدت موسكو أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو ناشدا القوى الرئيسة في أفغانستان ضمان الأمن في البلاد، بعد سيطرة حركة «طالبان» على العاصمة كابل.
وقالت الخارجية الروسية إن لافروف وتشاووش أوغلو بحثا بالتفصيل آخر المستجدات على الساحة الأفغانية خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما أمس، مشيرة في بيان لها إلى أن الوزيرين في سياق حديثهما عن الملف الأفغاني «أعربا عن اهتمامهما المشترك باستقرار الوضع وحثّا القوى الوطنية الرئيسة على ضمان الأمن وسيادة القانون في البلاد بأسرع وقت ممكن».
ولفت البيان إلى أن المكالمة تطرقت أيضاً إلى مسائل أخرى مطروحة على الأجندة الدولية والثنائية واستعراض جدول الاتصالات القادمة بين موسكو وأنقرة على أعلى المستويات.
من جانبه أعلن المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو لي جيان، أن بكين تعتزم الاستمرار في مساعدة أفغانستان، وذلك بعدما فرضت حركة «طالبان» سيطرتها على هذا البلد الأحد الماضي.
وقال المتحدث في إفادة صحفية أمس: «سنواصل مساعدة جهود استعادة السلام في أفغانستان وسنقدم كل مساعدة ممكنة لهذا البلد لتحفيز تنميته الاجتماعية والاقتصادية»، مشيراً مع ذلك إلى أنه لا يمكن الحديث عما إذا كانت الصين ستقيم علاقات دبلوماسية جديدة مع أفغانستان، إلا بعد تشكيل «حكومة متسامحة ومنفتحة هناك تمثل بشكل كافٍ مصالح بلادها».
إلى ذلك أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مباحثات ثنائية مع وزير الخارجية الكندي، مارك غارنو، تناولا خلالها تطورات الأوضاع في أفغانستان، بعد انسحاب القوات الأميركية منها.
وكتب بلينكن على «تويتر»، أمس: «تحدثت مع وزير الخارجية الكندي مارك غارنو، الليلة الماضية، عما نبذله من جهود في أفغانستان»، مضيفاً «حماية وتأمين مواطنينا والمواطنين الأفغان المعرضين للخطر لا تزال على قمة أولوياتنا بشأن أفغانستان».
الوطن