محمد إسماعيل آغا مخرج تلفزيوني أكاديمي (68 عاماً).. من جيل الثمانينيات. درس الإخراج في أوكرانيا، وفي أرشيف التلفزيون الكثير من المسلسلات والأفلام الوثائقية من توقيعه.
عن وهج البدايات، يأخذنا إلى مقولة أن الإنسان
وُلد ممثلاً، بطبعه وفطرته، منذ بدء الخليقة.
ماذا عن البدايات في الإخراج؟
البيئة التي كنت أعيش فيها كانت مليئة بالدراما. كنا أطفالاً ويافعين. عشقنا أفلام السينما. نحضر الأفلام، ونعود للبيت كي نعيد تمثيلها.
بعد البكالوريا سجّلت فرع تاريخ، بجامعة دمشق، وفي السنة الأخيرة حصلت على منحة من الاتحاد السوفييتي/ سابقاً، لدراسة الإخراج السينمائي.
تركت التاريخ والتحقت في معهد مهمّ من معاهد السينما في العاصمة الأوكرانية كييف عام 1975 وامتدت الدراسة لـ 7 سنوات. عدت بعدها إلى سورية عام 1982 لكنني بقيت 3 سنوات بلا عمل. وطرقت باب وزير الإعلام في حينه، الراحل أحمد اسكندر أحمد، وشرحت له الوضع، فوافق، مشكوراً، على تعييني بالتلفزيون.
وقتها لم تكن هناك تلك الحركة، أو تلك الأعمال الكثيرة. وشعرنا، نحن الخريجين الشباب من رومانيا أو الاتحاد السوفييتي، أننا عبء على جماعة التلفزيون، فقد وضعونا بغرفة تكدّسنا فيها، حيث (لا شغلة لنا، ولا عملة).
كما ساهم المخرجون الأوائل في محاربتنا وإبعادنا عن أي عمل. مع حفظ الألقاب:علاء الدين كوكش، غسان جبري، ، هاني الروماني، سليم قطايا، شكيب غنام.
15سنة ونحن على هذا المنوال، إلى أن عملت فيلماً عن قصة للأديب عبدا لله عبد (الحمّال والعربة)، ولم يوافقوا عليه، وتدخَّل الروائي نبيل سليمان، باسمه الكبير كي يوافقوا على تنفيذه، وتمّ الأمر، كما عملت فيلم (بدلة عرس)، وصوّرت هذا العمل بعدسة سينمائية.
ما أهم الأعمال التي قدمتها ومن شارك فيها؟
شارك معي في أعمال البدايات فنانون، من اللاذقية/ مدينتي، ومن غيرها، كانوا في بداياتهم، وصاروا فيما بعد نجوماً، مثل غسان مسعود، زهير رمضان، وكان قد تخرَّج حديثاً من المعهد العالي للفنون المسرحية، وكذلك جرجس جبارة، الذي أحببته، وصرت أشركه بأي عمل أقوم به. أيضاً كان من اللاذقية المرحوم نبيه نعمان، الذي توفي في منتصف عملنا بفيلم (الديك)، الذي صوّرناه بدمشق، وهو من بطولة أيمن زيدان وجرجس جبارة.
عملت مخرجاً منفذاً في كثير من الأعمال، مع مخرجين مهمين، أمثال علاء الدين كوكش، وهو مخرج عملاق، استفدت منه كثيراً، والراحل غسان جبري، وهو مدرسة في الإخراج، ويجب الاستفادة من أعماله لكي تدرس في أعظم المعاهد.
أبيض وأسود
كما أعتز بفيلم روائي صامت مدته 20 دقيقة صورته بالأبيض والأسود من بطولة أديب قدورة وثراء دبسي وهو من أصعب الأعمال الدرامية. وعمّا يميّز المخرج الناجح، ، أشار إلى أنه:
يجب أن يكون موسوعة. وأنْ تكون لديه أرضية ثقافية كبيرة، ومخزون معرفي، مع تمكنه من أدوات العمل الإخراجي، كما يجب أن يستند إلى الموهبة، المزروعة في كيانه وفي فضاء خياله الإبداعي، بما يُكسب أعماله اللمعة الخاصة به، إضافة إلى نزوله إلى الشارع، واحتكاكه بعامَّة الناس. فالناس والشخصيات التي يتواصل مع عالمها ودقائق معيشتهم الحياتية تعطيه شخصيات جاهزة، يمكنه إسقاطها في تركيبة شخصيات أعماله، مما يعطيها المصداقية والإقناع، أيضاً، أن يكون ابن بيئته، ثم بعد ذلك ليترك العنان لحالات الإبداع والابتكار والخلق، ورشّ البهارات، ضمن اللعبة الفنية المعروفة لدى المخرجين، لأننا بالنهاية نحن نقدم فناً، ويجب أن يكون في هذا الفن جرعة خيال ومتعة، وليس تقديم الواقع كما هو، وإلاّ فما سوفَ نقدّمه لن يكون فناً، بمعنى الفنّ الممتع، الذي من أولويات قبوله ونجاحه، أن يشدّ المشاهد. وعن الدراما السورية وشقيقاتها قال:
بالنسبة للدراما السورية والدرامات الأخرى، الدراما العربية تتقدَّم، والمال يفعل فعله، فحين يأخذ المخرج حقه وزيادة، ، وكذلك كاتب السيناريو، وكافة النجوم وحتى باقي الممثلين والفنيين، حين تكرّمهم مادياً ومعنوياً، وبشكل لائق، حتماً ستنتج من خلالهم أعمال لها وزنها، وسترغب أي فضائية في عرضه.
عندنا، تراجع هذا الدعم، ولذلك بدأتْ تتراجع صناعة الدراما السورية.
حتى المعنيون في محطاتنا، وخاصة في المواسم الرمضانية، يفضلون عرض أعمال القطاع الخاص على أعمالنا المحلية، فيخصّصون لها أفضل مواقيت العرض، وأعمالنا المحلية يعرضونها في المواقيت الميتة، والسبب أن الفساد تدخّلَ، للأسف، ليقولَ كلمته.
عندنا لا نعرف كيف نسوّق لمخرجينا المحليين، ولا نهتمّ بهم، ولا بالتسويق، ولا بالإنتاج الفني، وفق الأصول والتقدير. كما يفعلون في شركات الإنتاج الأخرى.
ماذا عن دور التلفزيون اليوم ولماذا لا نرى لك أعمالاً فيه؟
عدا عن أن التلفزيون باتَ يعتمد ويسوق لمخرجين أميين، لا علاقة لهم بالإخراج، ويهمل المخرجين المخضرمين، والسبب أيضاً يعود الوساطات والمحسوبيات للأسف.
الفن أمانة. الفن وطن. لمن يعرف قيمة الأمانة وعظمة الوطن، وعمق الفن. لذلك أقول لوزارة الإعلام، ولوزارة الثقافة، ولنقابة الفنانين، حافظوا على كوادركم التي بدأت الساحة الفنية تفرغ منها، وانتقلت إلى دول الخليج وغيرها. التي عرفت كيف تستقطبهم وترعاهم وتكرّمهم حقَّ التكريم..
عندنا كوميديون مهمون مثل: أندريه سكاف- المرحوم نضال سيجري- شكران مرتجى- أمل عرفة- أيمن رضا..
مارأيك بالأعمال الكوميدية وماذا عن دورها؟
بقعة ضوء صارت نوعاً من التقليد. و(ببساطة) جاء دون المستوى المطلوب.
نجاح ضيعة ضايعة كان سببه بالدرجة الأولى الممثلين ثم السيناريو ثم اللهجة. وهناك فنان تصوير ضوئي اسمه أنس نديم إسماعيل من منطقة الحفة لم يذكره أحد في ضيعة ضايعة وهذا الشخص أتى لهم بمفردات وأعطى للنص روحاً ونكهة كبيرة. ولم يُشر إليه أحد!
حالياً ظهر منافس قوي للتلفزيون. تقنية عرض متطورة. هي منصات العرض، وهي تعرف ما تريد، ولديها سخاء في الإنتاج، وتستقطب ألمع الكتاب، وأهمَّ الأسماء في عالم الإخراج، وأهم النجوم، وأحدث تقنيات العمل الفني.
وهي تنتج الأعمال القصيرة: تسع حلقات، أو سبع، أو ست حلقات، لا أكثر. وحتى في مصر بدؤوا بإنتاج مسلسلات بـ15 حلقة، والكل يبتعد عن المطوّلات.
لدينا كتاب سيناريو مهمّون في الكوميديا مثل، نور الدين الهاشمي- د. ممدوح حمادة- كوليت بهنا، وهناك كاتب سيناريو مهمّ، هو الأستاذ فتح اللـه عمر وقد استقطبتْ أعماله منصات العرض العالمية. ولدينا مخرجون ونجوم وفنيّون. أعود للقول دعونا نتمسك بمبدعينا، فالفن في بلدنا بحاجة للجميع، ولكلّ طاقة مبدعة بالفن وسواه.
الأعمال التي أنجزها المخرج محمد إسماعيل آغا
أغلبية أعماله كوميدية، نذكر منها: (الهارب- موعود- الفهيم- الديك- أحلام حمُّودة- أبوعاكف- كوابيس منتصف الليل- المتمرد- سفر الأحلام- عندما يزهر الحب- لا يكفي- اسمع وطنش- حلوة يا بلدي- موزاييك….)
ومن أفلامه الوثائقية: (أوغاريت- قلعة صلاح الدين- أرواد- قلعة المرقب-جبرائيل سعادة- عبدالله عبد- زياد عجّان-د. وديع بشور- الكاتبة وداد سكاكيني- النهر الكبير الشمالي.).
أيضاً له برنامج مضمونه يعتمد على الكوميديا السياسية من 60 حلقة. بطولة الفنان اللبناني القدير أحمد الزين، والفنان الراحل نضال سيجري. مدة الحلقة 3 دقائق.
أما آخر أعماله: كتابة مسلسل درامي من 9 حلقات، تمّت الموافقة عليه من قِبل مؤسسة الإنتاج بالتلفزيون السوري.
الوطن