وسط صمت دولي على جريمة النظام التركي وميليشيا قسد.. العطش يخنق أكثر من مليون شخص في الحسكة

بوجه متعب يتصبب عرقا يضع الشاب فيصل ما يحمله من الماء.. ليقول لمراسل سانا وهو يلهث بأنفاس متقطعة.. “يوميا على هذه الحال انتهي من عملي وأبدأ بنقل المياه من الخزان أمام منزلي ثم أنقله الى الطابق الرابع… لا قدرة لي على شراء المياه المعدنية.. ولولا هذه الخزانات التي ساهمت بتأمين بعض مياه الشرب لكان وضعنا أكثر من مأساوي بسبب جريمة الاحتلال التركي وميليشيا “قسد” بقطع مياه الشرب عن الحسكة”.

صور ومشاهد يومية تختزل أشكال المعاناة لأكثر من مليون شخص في مدينة الحسكة وما حولها من جراء استمرار كل من الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيين من جهة وميليشيا “قسد” المرتبطة بالاحتلال الأمريكي من جهة ثانية في ممارساتهم الإجرامية والتسبب بحرمان أهالي محافظة بكاملها من مياه الشرب والكهرباء في جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان وسط غياب وصمت كاملين من قبل المنظمات الدولية التي تتغنى بإنسانيتها… مشهد يومي.. عشرات ومئات من الأهالي يتجمعون عند الخزانات بحثا عن مياه الشرب … وأطفال يتفوقون على أعمارهم وقدراتهم الجسدية ليحملوا ما يتاح لهم من المياه لمسافات طويلة في درجة حرارة تتجاوز الـ 45… وعجوز يقف منتظرا أمام أحد الخزانات الفارغة ليصل الصهريج لعله يظفر بما يتيح له الاستمرار إلى الغد.. وامرأة تأمل بتعبئة خزان المنزل من الصهريج مباشرة لتأخذ قسطا من الراحة وتستعيد قواها لرحلة شاقة جديدة.. مثل الرجل الواقف بجانبها فقد أنهى عمله وبدأ رحلة البحث عن مياه تغطي حاجات أسرته من شرب وغسيل وطبخ وغيرها حتى شروق شمس يوم آخر.

وفي سياق امعانها في ممارساتها الإجرامية أقدمت اليوم ميليشيا “قسد” على منع عمال المخبر المركزي في مؤسسة المياه بحي العزيزية من الدخول إلى المخبر وأداء مهامهم الأمر الذي يتسبب بوقف تحاليل عينات المياه التي يتم نقلها عبر الصهاريج إلى الأهالي ويزيد من معاناتهم.

ويعتمد أبناء الحسكة اليوم على الصهاريج لتأمين مياه الشرب حيث تنقل الصهاريج المياه عن طريق التعاقد مع المنظمات لتعبئة الخزانات المنتشرة في الشوارع بمركز المدينة إضافة إلى إجراءات حكومية إسعافية لزيادة كميات المياه التي يتم نقلها إلى مركز المدينة بغية تخفيف المعاناة.

ورغم أن نقل المياه مستمر على مدار 24 ساعة لتعبئة الخزانات إلا أن الحاجة كبيرة وتفوق طاقة الصهاريج التي وفرتها الجهات الحكومية ولا سيما مع زيادة الاستهلاك من جراء ارتفاع درجات الحرارة وجفاف غالبية الآبار السطحية التي تم حفرها من قبل الأهالي مؤخرا والتي كانت تسد جزءا من حاجتهم في الاستهلاكات المنزلية.

أبو محمد الذي ينتظر دوره عند الخزان يقول لمراسل سانا متحسرا: “كيف نصل إلى هذه المرحلة… لعن الله الإرهاب وكل من ساهم بإيصالنا إلى هذه المرحلة.. فكل ما يحدث لنا سببه الميليشيات والمرتزقة والدول الداعمة لهم” ويتساءل.. “هل هناك جريمة إنسانية أكبر من قطع المياه عن مليون مواطن بوقت تصل درجات الحرارة إلى 45 درجة ولماذا يسكت المجتمع الدولي… ان الوضع لن يستقر في هذه المنطقة إلا بعد أن يبسط الجيش العربي السوري سيطرته عليها”.

من جهته يقول عبد المجيد: “ما نتعرض له هو أبشع وجه للإرهاب.. يريدون التضييق علينا.. حاصرونا فترات طويلة.. وحاربونا بمياه الشرب ولقمة العيش لنتخلى عن سوريتنا.. لكننا صامدون.. انها مرحلة كباقي المراحل التي مرت خلال السنوات العشر الماضية.. ستمضي وسيكون كل شيء أفضل.. لن يبقى على هذه الأرض إلا أهلها بحماية الجيش العربي السوري فهو صاحب الحق وصاحب الأرض ونحن نثق بقدرته على تخليصنا وايصالنا إلى شط الأمان”.

إلى ذلك يؤكد مدير مؤسسة مياه الحسكة المهندس محمود العكلة استمرار المؤسسة بالتعاون مع كل الجهات المحلية وبعض المنظمات الدولية لتأمين مياه الشرب لأبناء المدينة.. عن طريق النقل بخزانات من المحطات التابعة للمؤسسة في تل براك ونفاشه لافتا إلى أن ذلك لن يكون كافيا “خلال هذه الفترة.. ونأمل أن يتم وضع حد لهذه المشكلة الكبيرة التي يدفع فاتورتها الأهالي فلا مصدر لمياه الشرب سوى آبار علوك.. وان ما تقوم به الجهات الحكومية هو حلول إسعافية فقط”.

وتم أمس تسيير قافلة من الصهاريج لتعبئة المياه في الخزانات المنتشرة في شوارع مدينة الحسكة وإيصال المياه إلى المواطنين بشكل مباشر في الشوارع التي لا تحوي خزانات وذلك في إطار الجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية لتوفير مياه الشرب لأهالي مدينة الحسكة في ظل انقطاع الوارد المائي من محطة علوك نتيجة ممارسات المحتل التركي وإيقافه عمل المحطة إضافة إلى ممارسات ميليشيا “قسد” المرتبطة بالاحتلال الأمريكي.

سانا