قطنا: إذا لم تتغير سياساتنا فستحدث كارثة بعجوزات تأمين المحاصيل الأساسية
قال رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس لا أحد يفكر أن الدولة سترفع أي نوع من أنواع الدعم عن القطاع الزراعي لكن إيصال الدعم سيكون مختلفاً باعتباره محصوراً على المنتج النهائي، وأعلن عرنوس في كلمة له خلال المؤتمر الختامي لعرض نتائج ومخرجات وإطلاق حزمة البرامج التنفيذية لملتقى تطوير القطاع الزراعي أن الدولة لن تتخلى عن تأمين مواد مستلزمات الإنتاج لكن هناك ظروف تمنع تأمين كل المواد بشكل مباشر وإنما ضمن حلقات متتالية.
لافتاً إلى أن محصول القمح مثلاً قدم له الكثير من الدعم لزراعة 277 ألف هكتار وكان من المفترض أن نستلم من 600 إلى 700 ألف طن علماً أننا لم نستلم اليوم سوى 340 ألف طن فقط.
عرنوس أكد أنه لا يمكن لأي وزارة أو فريق عمل أن ينجح بمفرده، من دون التعاون والتنسيق التام مع كل الشركاء المعنيين في الحكومة وخارجها بحيث يتم تحديد وتوصيف الأدوار والحرص على تكاملها. إن التفاعل الإيجابي في مناقشة الأفكار والطروحات هو مؤشر على سلامة العمل الحكومي، وعلى التحلي بروح المسؤولية في التعاطي مع المصلحة العامة، على قاعدة شركاء في التخطيط وشركاء في التنفيذ. يستحق القطاع الزراعي منا جميعاً كامل الاهتمام والحرص على نجاحه، باعتباره قاطرة تنموية حقيقية، يسهم على المستوى الاقتصادي بشكل فاعل، كماً ونوعاً، في الناتج المحلي الإجمالي، كما يسهم في تثبيت الفلاحين والمزارعين في أرضهم ضماناً للاستقرار الاجتماعي. كما يستقطب هذا القطاع طيفاً واسعاً من المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ولا بد من اتخاذ كل يلزم لتمكين العاملين في هذا القطاع من الوصول إلى التمويل المناسب، وتوجيه الدعم الكبير المقدم لهذا القطاع بحيث يكون منتجاً وفاعلاً أيضاً. وأكد عرنوس أن الوثائق الخاصة بهذا الملتقى أصبحت ملكية وطنية تم تطويرها بخبرات وطنية، وهذا مصدر اعتزاز وفخر بهذه الخبرات التي تضع مصلحة الوطن في المقام الأول، وإن تحقيق الأهداف ورؤية القطاع الزراعي 2021-2030، سيشكل إحدى مراحل تعزيز الصمود وإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز الإنتاج المحلي. إن هذا الملتقى يعتبر نموذجاً للتخطيط الاقتصادي والتنموي، يجب على كل القطاعات الاقتصادية الأخرى أن تقتدي به، فلا يمكن تحقيق النهوض الاقتصادي إلا عن طريق التكامل القطاعي بين مختلف القطاعات الاقتصادية.
اهتمام كبير من القيادة بالزراعة
ونوه عرنوس بأن الحكومات المتعاقبة أولت في تاريخ سورية الحديث والمعاصر أهمية كبيرة للقطاع الزراعي من خلال استصلاح الأراضي والتوسع في مشاريع بناء السدود ومشاريع الري الحكومية، ودعم المكننة الزراعية، والتطوير المستمر لعمل المصرف الزراعي التعاوني، ومشاريع التنمية الريفية المستمرة، وسياسات الدعم والتسويق والتسعير، وغيرها من الإجراءات التي نحصد أثرها الإيجابي رغم الظروف الصعبة التي تحيط بعملنا. حيث زادت المساحات المستثمرة فعلاً إلى 82 بالمئة من الأراضي القابلة للزراعة، كما أن 70 بالمئة من الإنتاج الزراعي يأتي من المساحات المروية التي تم تخديمها بشبكات الري، مؤكداً أن هذا دليل آخر على أهمية الإجراءات الحكومية في هذا الشأن. إن السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي إنما جاء نتيجة الاهتمام الواسع والكبير من خلال توجيهات القيادة السياسية بما يدعم استقرار وامتلاك القرار السياسي والسيادة الوطنية، وهو ما بدا بشكل جلي في توجيهات السيد رئيس الجمهورية حيث أكد في أكثر من مناسبة على دعم القطاع الزراعي لكونه ليس قطاعاً اقتصادياً إنتاجياً فحسب، بل قطاعاً اجتماعياً وتنموياً ونمط حياة بالنسبة للكثير منا.
وأشار إلى أن الاجتماع مرة أخرى لعرض نتائج ومخرجات وإطلاق حزمة البرامج التنفيذية لملتقى تطوير القطاع الزراعي (تحديات وفرص)، بعد عدة أشهر من العمل الدؤوب يؤكد أهمية العمل المؤسساتي والمخطط والممنهج في سبيل بناء القطاع الزراعي وفق أسس علمية ومدروسة تأخذ بعين الاعتبار الإمكانات المادية والمالية والبشرية المتاحة، وتضع الأهداف الواقعية والموضوعية التي تسعى الخطط والتدخلات المناسبة للوصول إليها بأفضل السبل والوسائل الممكنة. إضافة لذلك يوضح الحرص على تفريغ الخطط الموضوعة في برامج تنفيذية محددة وفق جداول زمنية تضمن إمكانية الرصد والتتبع والتدخل لمعالجة أي انحراف قد يظهر خلال مراحل التنفيذ. مع التأكيد على البعد المؤسساتي للعمل الحكومي، حيث تجلى ذلك من خلال إشراك كل الجهات الوطنية المعنية بالقطاع الزراعي في صياغة خطط وبرامج عمل تطوير هذا القطاع.
وأوضح عرنوس أن المشاركة كانت جماعية من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والوزارات المعنية وكل من اتحاد الفلاحين، اتحاد غرف الزراعة، نقابة المهندسين الزراعيين، نقابة الأطباء البيطريين، وخبراء الجامعات السورية والمجتمع الأهلي والمحلي إضافة إلى المنظمات الشعبية المعنية وهذا ما يضفي بعداً واقعياً وعملياً مع الإصرار على أن يتم بناء وإعادة هندسة هذا القطاع بشكل عصري ومن منظور شمولي يضمن تكامل القطاع مع باقي الوزارات والقطاعات الوطنية من إدارة محلية، وموارد مائية وصناعة وتجارة داخلية وخارجية، بما يلحظ دراسات التسويق المناسبة، لتلبية احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض.
اقتصاد وتنمية
وأكد وزير الزراعة حسان قطنا أن القطاع الزراعي هو عبارة عن اقتصاد وتنمية، والتنمية تبدأ من الاستثمار الأمثل للموارد والتي هي الأهم في القطاع الزراعي، قطنا أضاف قائلاً وتأكيداً لقول رئيس الحكومة: «كونوا على ثقة أن الحكومة لن تتخلى عن الدعم الزراعي» والحكومة ستدعم القطاع التعاوني وتدعو القطاع الخاص للعمل المشترك لبناء الوطن. وبالتالي لن نبني سياساتنا إلا على سياسات صادقة ولن نتخلى عن مبادئنا في حماية الإنتاج والإنتاجية، معتبراً أن من يظن غير ذلك فهو متوهم لأن الحكومة تتبنى القطاع الزراعي ويجب أن يتعاون الجميع لبناء قطاع زراعي مهم وغير ذلك سوف نتوصل إلى كارثة نتيجتها أنه سيكون لدينا عجوزات سنوياً في إنتاج بعض المحاصيل وتأمينها، وبحال استمر العمل بهذه الطريقة وإذا كانت ظروفنا مثالية واستثمرنا الموارد الإنمائية بشكل صحيح والمحاصيل والثروة الحيوانية بشكل صحيح ولم يكن هناك أي تغيرات مناخية أو لا يوجد لدينا حصار دولي ولا تهريب ولا خيانة… والحصول على تقارير ودراسات شاملة تعكس رأي الجمهور.
وزير الزراعة أضاف إنه كان لا بد من إقامة ملتقى لدراسة جميع التحديات التي تواجه القطاع الزراعي ومراجعة السياسات الزراعية المتبعة في الوزارة لوضع سياسات بديلة لإعادة النهوض بالقطاع الزراعي هذا القطاع الذي واجه صعوبات كبيرة فترة ما قبل الحرب وخلال الحرب إلا أنه استمر بالإنتاج وتوفير حاجة المواطن من الاستهلاك المحلي من الغذاء عدا بعض المنتجات التي لجأنا بشكل اضطراري لاستيرادها مثل القمح والأعلاف عدا الصعوبات التحديات التي تواجه قطاع الزراعة ووضع برامج تنفيذية لإعادة تأهيله وتطويره ونقله إلى العمل التكنولوجي والتعاون مع المنظمات والبحوث العلمية لتطوير الإنتاج والإنتاجية الذي يعتبر من أهم التحديات التي يواجهها القطاع لأن إيصال نتائج البحث العلمي إلى الفلاح مازالت محدودة.
قطنا أكد أن الهدف من الملتقى إعداد مجموعة من الدراسات لتحليل الوضع الراهن وتراجع السياسات وبالطبع فالساسيات الجديدة تؤسس لمجموعة من جديدة للنهوض بالقطاع الزراعي بحيث نضمن تأمين حاجة السكان من الغذاء خلال الفترة القادمة كما يضمن العمل التعاوني ثم تعزيز وتوثيق التعاون والتكامل بين الوزارات ذات العلاقة لتحقيق الأمن الغذائي والمائي واحتياجات السكان من الغذاء، موضحاً أن هذا القطاع هو داعم لكل القطاعات الاقتصادية الزراعة والصناعة والتجارة الداخلية والخارجية ولايمكن أن تعمل إلا بوجود الموارد المائية وبظروف طبيعية مناخية يمكن من خلالها أن تحقق الاستقرار لهذا القطاع.
برامج عمل
الوزير أضاف إن المؤتمر خرج بخمسة تقارير فرعية وتقرير رئيسي تضمن مجموعة البرامج التي سيتم العمل عليها بالمرحلة القادمة ونأمل لهذه البرامج أن تطبق وتتحقق الغاية منها.
الوزير قال: إنه رغم الدعم الحكومي العلمي والتقني والفني والخدمات المساعدة المقدمة إلا أن مساهمة القطاع بالناتج المحلي الإجمالي كان في تراجع من 2000 حتى الآن وذلك لعدة أسباب منها الهجرة وبناء عليه انطلقنا في المؤتمر من الميدان ومع الجهات المعنية لدراسة الواقع وذلك بهدف تنشيط الحوار لمناقشة التحديات والفرص ووضع السياسات البديلة وتصنيف التحديات وتحديد الأدوار ووضع خطة متكاملة للاعتماد على الذات، ومن الضروري إعادة هيكلية القطاع، المؤتمر أكد على تحقيق الأمن الغذائي وكان لابد من دراسة تخفيض تكاليف الإنتاج لتتناسب مع مستويات الدخل وتطوير الإنتاج والإنتاجية وأصبح من الضروري التوسيع بمساحات جديدة وهو تحد كبير.
لا يوجد رقم إحصائي دقيق لحجم الدعم المقدم لقطاع الزراعي، ليس لدينا فقط بل لدى كل الوزارات والجهات المختصة.
رد رئيس الحكومة
في رده على مداخلات المشاركين أكد رئيس مجلس الوزراء أهمية تأطير العمل في جميع القطاعات والاعتماد على البحث العلمي في كل ما يتعلق باختصاص وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لحل الكثير من القضايا لاسيما الإنتاج الزراعي بمختلف أنواعه، مشيراً إلى أن الهدف من هذا المؤتمر هو التأكيد على ضرورة التعاون بين مختلف الجهات الحكومية ذات الصلة والفعاليات العاملة في هذا المجال من اتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة والمجتمع الأهلي.
وأوضح المهندس عرنوس أن الدولة لن تتخلى عن تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي وأن التوجه حالياً لتوجيه الدعم بشكل فعّال وبما يضمن وصوله إلى مستحقيه ويسهم بتعزيز وتمكين القطاع الزراعي، مضيفاً: إن نتائج المؤتمر وضعت ضمن برامج علمية ومحسوبة في المنطلق والهدف والأدوات وفي صميم ما يجب العمل عليه خصوصاً التوجه إلى مكننة الزراعة وتحديث أساليبها.
ودعا إلى إنشاء شركات مشتركة لتأمين مختلف متطلبات العملية الزراعية ومنها السماد، مؤكداً استعداد الحكومة لدعم تلك الشركات بالقروض وغيرها، كذلك دعا إلى تعزيز دور الإرشاد الزراعي وتفعيل أدوار كل من اتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة والعاملين في هذا القطاع والجمعيات لتطوير أي قضية ضمن هذا القطاع وحل المشكلات التي تعترضه.
الوطن