متفائل بالدراما السورية وأتوقع انتشارها بشكل أوسع … بلال شحادات لـ«الوطن»: امتلكنا الجرأة ورفعنا سقف الحرية في مواضيع وقضايا محددة

مشواره متنوع المحطات، والوقوف عند كل محطة كان فيه من التجارب والخبرات، التي صقلت مبدع الحدوتات في حبكتها وابتكار شخصياتها، مع أحداثها ومفاجآتها، التنقل ما بين الصحافة والتأليف لأبي الفنون المسرح، أكسب الكاتب والسيناريست بلال شحادات، مرونة ونظرة واقعية، تتغير كما الأمواج في صعودها وهبوطها، ففي تكتيكه الدرامي يفاجئنا باستحداثه للورطات الواحدة تلو الأخرى، معتمداً على عنصر التشويق في تعزيز الحدث وسياقه في القصة بحيث لن تمرّ الحلقة مرور الكرام، من دون وقوع أمر مفاجئ فيها ضمن توليفة جذابة.

بلال شحادات التزم الكلمة منذ سنته الأولى في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، قسم الدراسات عام 2004، متنقلاً ما بين الكتابة الصحفية والتأليف المسرحي، هذا ونهمه الكبير للقراءة ومتابعته الجادة للمسلسلات والسينما الغربية، قاداه إلى عتبة التلفزيون في عام 2010 حيث بدأ كتابة المسلسلات، ومن أعماله نذكر: لو، لا حكم عليه، رفة عين، بعد السقوط، ومسلسل «عشرين عشرين» بالتعاون مع الكاتبة ندين جابر.

«الوطـن» حاورت شحادات وتوقفت بالحديث معه حول الدراما السورية والدراما المشتركة، إضافة إلى ما يحدّ من حرية وجرأة الكاتب، وأهمية التنويع في ابتكار التقنيات والأساليب في صياغة القصص، مع الكثير من الأمور الأخرى.

• بداية ما العوامل التي جعلت من مسلسل «عشرين عشرين» يحصد أعلى المشاهدات، رغم تأجيل عرضه للموسم الرمضاني 2021؟

كنا أنا وصنّاع المسلسل نتوقع نجاحه، لكن النتائج على أرض الواقع فاقت توقعاتنا كثيراً، أما العوامل التي ساهمت في نجاحه فترجع إلى تكامل الثوابت الأساسية لنجاح أي مسلسل، وهي ثلاثة: الحكاية والتمثيل والإخراج.

• اليوم هناك اتجاه وهو مشابه للغرب، في أَنسنة المجرم الخارج عن القانون، بل السعي لكسب استعطاف الجمهور تجاهه بتصويره كبطل، وهذا الأمر واضح في مسلسلي «الهيبة» و«عشرين عشرين»… ما تعقيبك؟

من وجهة نظر شخصية، كل المجرمين بشر وعندهم دوافع وأسباب لدخولهم في عالم الخارجين عن القانون، فمن الطبيعي أن تسلّط الدراما الضوء على هذه الشريحة، وأنا أعمل على توضيح أسباب الخروج عن القانون ونتائجه كي أعكس العالم الذي عاش فيه المجرم، ولا أبرر إجرامه ولا أدافع عن تصرفاته غير الشرعية.

في مسلسل «عشرين عشرين» ركزت على الخراب الذي يسبّبه تعاطي المخدرات والاتجار به بطريقة درامية لا بطريقة توجيهية مباشرة. وفي الوقت نفسه ركزت على العالم الذي نشأ فيه «صافي الديب» وكيف جعلت منه الظروف خارجاً عن القانون، بالنهاية هو إنسان ومجتمعه وظروف حياته ساهما في خلق هذا المجرم، وفي نفس الوقت يجري توجيه اللوم إلى المجتمع أيضاً الذي يشارك في تقديم بيئة حاضنة لنشوء هذه الشريحة من البشر، باختصار، الهدف ليس استعراضاً للمجرمين وترويج تصرفاتهم على أساس أنها شرعية، بل على العكس تماماً.

• أصبح الحدث الدرامي يعتمد على الكثير من المفاجآت الفاصلة في ختام كل حلقة.. هذا الأسلوب هل سيتم اتباعه في الموسم الجديد لمسلسل «عشرين عشرين»؟

طبعاً.. هذه تقنية وليست أسلوباً وأنا أتبعها في معظم الحكايات التي أكتبها، فهي تساهم في تعزيز حالة التشويق عند المشاهد وتثير فضوله لمعرفة خفايا الحكاية.

• حدثنا عن الإضافات للعمل المشترك مع السيناريست نادين جابر، وخصوصاً أنك من مشجعي ورشات الكتابة.

الكتابة الفردية لها ميزاتها، والكتابة الجماعية أيضاً، والمهم في الحالتين الحكاية المتماسكة والمشوقة والتي تحمل في طياتها معالجات درامية جديدة، وتقدم الفائدة والمتعة في آن معاً.

• ككاتب كيف تنظر إلى الممثلة نادين نسيب نجيب في مسلسل «لو»، حتى مسلسل «عشرين عشرين»…. وكذلك بالنسبة للممثل قصي خولي ما بين مسلسلي «لا حكم عليه» ومسلسل «عشرين عشرين».

أعتقد أن «نادين» أثبتت جدارتها في مهنة التمثيل وبقوة إذا نظرنا إلى أعمالها منذ مسلسل «لو» وما قبله من مسلسلات وحتى مسلسل «عشرين عشرين» وأعتقد أنها تمتلك الكثير لتقدمه في أعمالها القادمة.. أما «قصي» فهو ممثل محترف والمقارنة بين شخصيتي «نسيم وصافي» في مسلسل «لا حكم عليه»، «عشرين عشرين» تؤكد قدرته على التنويع والفصل والتجديد في أدائه التمثيلي.

• لماذا لا تتدخل في قرار شركة الإنتاج باختيار الممثل رغم أنك مؤسس الشخصية الأول وصانعها؟

حقيقة.. أنا أختار لمن أكتب من النجوم، وأرفض الكتابة لنجوم آخرين لا أرى فيهم القدرة على البراعة التمثيلية وأشارك مع المنتج والمخرج في اختيار بقية الممثلين، ويبقى الأمر مفتوحاً على عدة خيارات وعدة ظروف تبعاً لطبيعة كل عمل وطبيعة كل شركة.

• الدراما السورية المشتركة تحقق حضوراً وتميّزاً يفوق الدراما السورية، ما رأيك بهذا؟

لا أظن ذلك، فلكل دراما ظروفها وميزاتها، وكل دراما تعيش حالات صعود وهبوط وهذا ينطبق على الدراما في كل العالم، أما الدراما السورية فرغم الحرب لم تتوقف، وها هي الآن تثبت بأنها قادرة على الرجوع وبشكل أقوى، خاصة مع ظهور المنصّات، أنا شخصياً متفائل جداً بالدراما السورية وأتوقع أنها سوف تنتشر بشكل واسع في السنوات القادمة بإذن الله.

• أنت من مؤسسي الميثاق الخاص بكتّاب الدراما السورية، وهي خطوة لإعادة ألق درامانا، فهل هناك خطوات أخرى يجب الاتجاه نحوها؟

إلى الآن لم يتم النقاش في أي خطوة قادمة بالنسبة لمؤسسي الميثاق، بدأنا وكان يملؤنا الحماس، لكنه تضاءل تدريجياً، ولا أعرف ما الأسباب وراء ذلك!

الجرأة في الطرح تحتاج إلى سقف من الحرية… أنت ككاتب كيف تلعب على هذا الوتر، وخصوصاً بأن القضايا العربية الملحّة تحتاج قدراً كبيراً من الشجاعة.

أظن أننا امتلكنا الجرأة ورفعنا سقف الحرية في مواضيع وقضايا محددة، وعلى العكس في مواضيع وقضايا أخرى، والأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت ومزيد من الإصرار ومزيد من الانفتاح المعرفي عند صناع الدراما وعند الجمهور على حد سواء.

• قلت مرة: «الكتابة هي غير المشاهدة ويستلزمها توليفة جذابة» برأيك هل هذا مبرر كي نتجه نحو قصص مأخوذة عن الغرب ونبتعد عن إبداع الحالة؟

المهم هو تقديم معالجة درامية متينة وجديدة وقوية، وليس المهم كيف، إن كانت اقتباساً أم تأليفاً محضاً.

على سبيل المثال مسرحية «هاملت» لشكسبير هي اقتباس وإعداد عن مسرحية «هاملت» لتوماس كيد وكل العالم يعرفون مسرحية شكسبير ولا يعرفون مسرحية كيد والسبب هو المعالجة الدرامية (أو الدراماتورجيا) التي قام بها شكسبير والتي أثبتت متانتها وقوتها.

في النهاية الإنتاج الإبداعي الحكائي هو قراءة عن مصدر، إما أن يكون المصدر هو الحياة وإما التجربة الشخصية، أو أن يكون المصدر رواية أو فيلماً أو قصة.. إلخ، والقراءة الجديدة الأقوى والأمتن هي التي تعيش وتستمر، بغض النظر عن المصدر.

• أيهما تفضّل: أن يكون النص جاهزاً ويبدأ التصوير، أم يتم التصوير وما زال العمل على النص قائماً سواء من الكاتب أم من الورشات؟

يمكن العمل في الحالتين، لكن بداية التصوير دون اكتمال النص من الممكن أن تخلق مشاكل فنية ليست في الحسبان، والأفضل أن يكون النص منتهياً بالكامل إلا في حالة الأعمال الطويلة، حينها يتم التجهيز بشكل مسبق لكي يسير التصوير والكتابة بشكل متوازٍ.

• أخيراً أنت تعمل على مسلسلي «شتي يا بيروت» ومسلسل « عشرين عشرين» المشتركين… كيف سيكون الحضور الجديد في النص والحدوتة؟

ما زلت أكتب الحلقات الأخيرة من مسلسل «شتي يا بيروت»، وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور وتفاعلهم، أما الحديث عن الموسم الثاني لمسلسل «عشرين عشرين» فمؤجل حالياً، وأعتقد أن حضور الحكاية في المسلسلين سيكون مختلفاً وغير متوقع على المستوى الحكائي والدراماتورجي.

الوطن