تجار الحرب يبيعون عبوات المياه بثلاثة أضعاف سعرها.. ومدير “حماية المستهلك“لا يرد كعادته

لم يعد واضحاً فيما إذا ظلت المياه كما كانت الأغنية تقول “المية تروي العطشان”، أم أنها تحولت لتروي “الجشعان والطمعان”، في “صائفة” حارة تعصف درجات حرارتها العظمى والصغرى بالبلاد.

وبات لسعر قارورة المياه المعدنية “دريكيش” مثلا، سعر صرف متبدل بشكل شبه يومي أو أسبوعي، ومياهها تنبع من داخل البلاد، وتعبأ في معاملها، وتنقل ضمن طرقها، فلا تخضع لا لحصار، ولا لقيصر، ولا لهرقل.

وخلال أقل من شهر فقط، ارتفع سعر العبوة ذات حجم لتر ونصف من 700 ليرة، إلى مستوى 1300 ليرة، أي قرابة الضعف تقريبا، رغم ما تشهده البلاد عموما من استقرار مثلا في سعر الصرف، الذي كان شماعة لأي ارتفاع.

والملفت، أن تلك الارتفاعات القياسية في سعر عبوة “دريكيش”، تمر مرور الكرام أمام التسعيرة الرسمية، التي تتزين بها العبوة، والبالغة ليس فقط 500 ليرة، بل 525، وبالعامية “ال25 قبل ال500”.

وتبدو التسعيرة الرسمية كشاهد زور، على الارتفاع القياسي الذي ناهز 100%، خلال أقل من شهر واحد، وكشاهد “مشفش حاجة” على التسعير وفق أهواء الباعة وربما تجار الجملة، وربما من هم أعلى، فالبعض يبيعها بألف، والآخر 1200، والثالث 1300.

“هتلي صندوق ب10 الاف، وخليها توقف علي ب830، لبيعها ب1000 متل من جمعة”، هي كلمات تمتم بها البائع وهو يرصد استغراب الزبون من بلوغ العبوة حاجز ال1200 ليرة، معقبا “مافي مي وبالزور عم نجيبا وتصلنا”.

في ظل ارتفاع الحرارة العالي الذي تمر به البلاد، والتقنين الذي تعدى الكهرباء وبات حاضرا بقوة على ساعات التزود بالماء، يضطر سوريون لشراء تلك العبوات المعبئة، لسد حاجتهم وتحدي العطش، وربما استعمالها بحال “فضي الخزان”، في الطبخ، أو التغسيل.

المدير التجاري في معمل دريكيش : وصل السعر في بعض المناطق ل ٢٠٠٠ ليرة للعبوة

وقال حيان أسعد، المدير التجاري في معمل مياه دريكيش “تصلني معلومات بأن عبوة اللتر والنصف من مياه دريكيش، وصل سعرها في بعض المناطق، إلى 2000 ليرة سورية، ويمكن تفسير تلك الظاهرة بزيادة الطلب الكبير، على حساب العرض”.

وتابع أسعد: “نعمل بطاقتنا القصوى بنظام ورديات مستمر 24/24، ونزيد من انتاجنا لتغطية السوق، الذي شهد زيادة في الطلب بشكل كبير، ابتداء من مطلع أيار الفائت”.

وأوضح اسعد: “زاد الطلب كونه موسم صيف وسياحة، متزامن مع موجات حارة شديدة، مترافقة مع انقطاع كبير بالكهرباء أثر على وصول المياه لبعض المنازل، فبعضها تصلها المياه مرة كل 5 أيام”.

وأكمل أسعد: “تلك المعطيات أدت لزيادة في الطلب على حساب العرض و التوافرية، ما خلق سوقاً سوداء بين التجار تباع فيه المادة بأعلى من سعرها الرسمي، وبفوارق كبيرة”.

وأضاف أسعد: “نبيع الجعبة للوكيل بسعر 2650 ويجب أن يبيعها ب2900 للمحال، أي أن العبوة يجب أن تقف على المحل بسعر تقريبي 485 ليقوم ببيعها بالسعر الرسمي 525 ليرة سورية”

وتابع أسعد: “التجار والوكلاء يحملون السبب أيضاً لارتفاع المازوت، ولموجات الغلاء المتلاحقة، وارتفاع التكاليف على الوكيل برأيي ليس مبرراً لأن يصل سعر اللتر ونصف إلى 2000 ليرة”.

ولفت أسعد إلى أن: “ارتفاع التكاليف يفسر جزءاً بسيطاً من الارتفاع، وليس كل تلك النسبة الكبيرة، والتي احملها للاحتكار والاستغلال والسرقة الحاصلة في الأسواق وبين التجار”.

وبين أسعد أن: “الوكيل يطلب أحيانا 400 ألف ليرة مقابل نقل حمولة من 8 طن مثلا من طرطوس لدمشق، ليغطي تكاليف المازوت الذي يشتريه من السوق السوداء ب2500 ليرة، لعدم توافره بشكل كاف”.

وتابع أسعد: “لا أستطيع كجهة رسمية أن أسعر للوكيل لتر المازوت على فاتورة النقل سوى بالسعر الرسمي للمادة، فيقوم بتغطية الفارق برفع سعر المادة على المحال، لكن تلك الزيادة لاتصل لأن تباع المادة بسعر 2000 ليرة”.

وبين اسعد أنه: “ندرس رفع سعر مبيع الوكيل للمادة لتغطية زيادة التكاليف عليه، قدر الإمكان، ورفع السعر مرتبط بأسعار الجهات العامة، مثل تسعيرة الكيلو متر لدى مديرية النقل البري، والحد الادنى للأجور في التأمينات الاجتماعية، مع أثر زيادة المازوت وأثر زيادة الرواتب”.

وأكمل أسعد: “بعد ذلك إذا ثبت على وكيل من الوكلاء ال300الذين نتعامل معهم، بيعه المنتج للبائع بالسعر غير الرسمي، نتخذ اجراءات قانونية بحقه وفق العقد المبرم، ويمكن للبائع عندما يحصل على المنتج بسعر مرتفع من الوكيل أن يتواصل معنا ليحصل حقوقه”.

ولفت أسعد إلى أنه: “لا نستطيع مواجهة الوكيل بأنه يبيع بسعر زائد لأنه لن يدين نفسه، لذا فالحل بأن يشتكي المواطن للتموين وأن يشتكي البائع للشركة، وأتمنى زيادة عدد موظفي التموين في الأسواق لتستطيع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضبط الأسعار وتغطية منافذ البيع لتطبيق بنود المرسوم التشريعي 8”.

مدير حماية المستهلك في اللاذقية “ لا يرد كعادته”

وحاول تلفزيون الخبر التواصل مع مدير التجارة الداخلية و”حماية المستهلك” في اللاذقية، سامر السوسي، للوقوف على رأيه في الارتفاع الكبير في أسعار عبوات المياه في المدينة.

وتعيش اللاذقية بشكل خاص موجة في ارتفاع الأسعار، بشكل وقح، حيث تضع الكثير من المحال البضاعة بسعر يفوق الرسمي بأضعاف و”على عينك يا تاجر”

وكما كان متوقعاً، لم يجب السوسي، كعادته، على إتصالات تلفزيون الخبر المتكررة، على أمل أن يكون انشغاله، لمتابعة قضية الفوارق السعرية الكبيرة، وضعف الرقابة وغياب التموين، عن أسواق يغني كل فيها على ليلاه.

يذكر أن موجات الغلاء تضرب معيشة السوريين بشكل متواتر، ومع كل موجة جديدة، نجد تبريرات مختلفة، كالحصار حينا، والدولار حينا، والتوافرية مرة، والمحروقات طورا، وغيرها من حوامل موجات الغلاء وحججها المتكررة، وسط تراجع كبير ومستمر بالقدرة الشرائية للسوريين.

الخبر