في طريقك إلى الشمال السوري وتحديدا في مدينة بانياس حيث الغابات تتيه زهواً وينتشي البحر من مجاورة البر تستوقفك هذه المدينة لتخبرك أنها مدينة ومرفأ سوري يكسر أمواج البحر الهادئة ليحمي اللائذين إليه من غدر البحر
تعود أصول نشأتها إلى الكنعانيين وكانت تتبع لمملكة أرواد ومثلت انذاك ميناء بحريا هاما و في العصرين اليوناني والروماني ازدهرت وتطورت وكانت تعرف باسم (بالانيا) ومن ثم (بُلنياس) بمعنى الحمامات ومنها جاء اسمها الحالي بانياس
تتبع لمحافظة طرطوس تبعد عنها حوالي ٤٠ كم شمالاً حيث تزهو بجمال اخاذ وطبيعة ساحرة ومياه وافرة إذ يشقها نهر بانياس ويزنرها نهر السن بغزارته اللافتة مشكلة حلقة وصل بين مدن الساحل السوري ومعلنة أنها من أغنى المناطق السورية المكسوة بالأحراج والغابات ومحاطة بالجبال التي تغطيها أشجار الزيتون لتعطي صورة طبيعية فائقة الجمال يؤطرها مشهد التقاء الجبل بالبحر فتتكاثر فيها المصايف والبلدات التي تخفيها كثافة الأشجار وتنساب في نواحيها الجبلية الينابيع لتكون الجاذب الأكبر لكل السياح والمتنزهين فيها
في ستينيات القرن العشرين توسعت المدينة باتجاهين الشمال والجنوب وذلك بسبب تحولها إلى مرفأ ومصب لخط أنابيب النفط العراقي وكذلك أصبحت مقرا لشركة نقل النفط السوري وفيها محطة حرارية لتوليد الكهرباء
أما ماتخبرك به عن آثارها واحيائها القديمة فقد بني الحي القديم فيها فوق سفح تل يعرف بحي القلعة ومن آثارها قلعة القوز وبرج الصبي وقلعة المرقب ذائعة الصيت وقد شيدت المدينة بالقرب منها لحمايتها حيث جاء أول ذكر للقلعة في السجلات والكتابات العربية عام ١٠٤٧م، أما ماعثر عليه الآثاري “آرنست رينان” على نقش باللغة اليونانية في معبد صغير بني على ضفة نهر بانياس اليمنى وذلك عام ١٨٦٠ يقول :على شرف أهل بانياس في سورية المستقلّين قام انتيوخوس الملقب بديفيلوس ابن مينودور بتشييد هذا المعبد وإقامة التماثيل على نفقته الخاصة) كما عثر في المدينة على نقود وميداليات رسم عليها الإلهان الاغريقيان (جوبيتير وباخوس)
في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي باسم بُلنياس وصفها :
بُلنياس كورة ومدينة صغيرة وحصن بسواحل حمص على البحر ولعلها سميت باسم الحكيم بُلنياس صاحب الطلمسات..
لن تنسى زيارتك لهذه المدينة التي تفيض فيها الطبيعة جمالا
فالقرى مدفونة في غابات تخفيها وتتخفى بها وينابيع تروي الطيور التائهة قبل أن تدلّها إلى طريق المتوسط
اعداد: مجد حيدر