بعد تقديم الأدلة الدامغة.. هل تحاسب المحاكم الدولية أميركا على جرائمها في سورية

لم يعد خافياً على أحد حقيقة دور الولايات المتحدة الأميركية في إثارة الفوضى والخراب في العالم وافتعالها الحروب تحت ذرائع وحجج كاذبة, وذلك لفرض هيمنتها وتبرير تدخلاتها واعتداءاتها، خاصة ضد الدول التي تناهض سياساتها وتقف حجر عثرة أمام تنفيذ أجنداتها ومشاريعها الاستعمارية الخبيثة.
إن تاريخ الولايات المتحدة الأسود منذ نشأتها وسجلها الذي يفيض بالهمجية والعدوان وجرائمها المتواصلة كل يوم، تدلل بشكل واضح على تلك الحقيقة وتفضح زيف ادعاءاتها وشعاراتها الكاذبة التي لطالما ظلت تتبجح بها والتي تتحدث عن الحرية والديمقراطية وبأنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان في العالم، فهي أكثر دولة تنتهك تلك الشعارات، وهي أكثر الدول إشعالاً للحروب وارتكاب جرائم القتل بحق المدنيين، وبالأرقام فإن حروب الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية, تسببت في مقتل أكثر من ثلاثين مليون إنسان حول العالم.
ما فعلته الولايات المتحدة في العالم هي جرائم حرب موصوفة بحق البشرية والإنسانية, جرائم لم يسبقها عليها أحد, وما ارتكبته وترتكبه كل يوم في سورية لم يشهد التاريخ مثيلاً له بفظاعته ووحشيته, إن كان من حيث دعم الجماعات الإرهابية التي دربتها ومولتها لتنفيذ جرائمها, والقصف المتكرر الذي طال المدنيين الأبرياء, أو من خلال الحصار الجائر والعقوبات الظالمة التي تفرضها منذ سنوات ولا تزال تحت مسميات عديدة، وتستهدف الشعب السوري في لقمة عيشه وغذائه ودوائه, ناهيك عن الاحتلال غير الشرعي لأجزاء من الأراضي السورية تحت الذريعة نفسها والكذبة ذاتها وهي “مكافحة الإرهاب”, تلك الذريعة التي اتخذتها شماعة لتبرير تدخلها في العديد من الدول بدءاً من العراق إلى أفغانستان، وكذبة “تنظيم القاعدة الإرهابي” الذي تبين أنه صنيعة أميركية بامتياز.
اليوم يتكرر المشهد نفسه في سورية تحت نفس الذريعة, ولكن بمسمى آخر وهو “تنظيم داعش الإرهابي”, هذا التنظيم الذي ثبت بالأدلة القاطعة والبراهين أنه صنيعة أميركية أيضاً, وسورية أكدت هذا الأمر مرارا وقدمت الأدلة والإثباتات والبراهين الكافية التي تدين أميركا وتثبت تورطها بالحرب على سورية وفي سفك دماء السوريين, وأنها رأس الإرهاب في العالم والداعم الرئيسي له, هذا الإرهاب الذي استجلبته ودعمته ومولته ودربته لتنفيذ أجنداتها الخبيثة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب, فيما الحقيقة أن الهدف الرئيسي لم يكن “محاربة الإرهاب” كما تدعي, بل لتأمين الحماية لتلك الجماعات الإرهابية وإنقاذهم بعد الضربات القاسية التي تلقوها على يد الجيش العربي السوري, لتبقي عليهم كحجة تبرر عدوانها واحتلالها لأراضي السوريين ونهب خيراتهم وثرواتهم , وكل ذلك مثبت بالأدلة والبراهين وعلى مرأى من بعض المجتمع الدولي الذي يصم آذانه ويتعامى عن تلك الجرائم، والمنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، المفترض أنه معني بحفظ السلام والأمن الدوليين, ولكنه لم يحرك ساكنا تجاه ما ترتكبه الولايات المتحدة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
واليوم تتكشف أدلة وإثباتات جديدة تدحض الادعاءات الأميركية وتكشف كذبها وتؤكد ضلوعها بالحرب على سورية ودعمها الواضح والمثبت للإرهابيين, وهو ما كشفت عنه النيابة العامة العسكرية في سورية, في بيانها الذي أعلنته مؤخراً والذي أكدت فيه أنه من خلال التحريات الدقيقة التي أجرتها قامت بتوثيق وقائع وأدلة حسية دامغة تثبت قيام الولايات المتحدة بانتقاء أعداد كبيرة من الإرهابيين ونقلهم إلى قواعدها العسكرية في المناطق التي تسيطر عليها, حيث يتلقون هناك تدريبات مكثفة بغية تمكينهم من تنفيذ اعتداءات تخريبية وإرهابية واستخدام معدات ووسائل استطلاع حديثة, وتضمن البيان عرضا لعدد من الصور تثبت تلك التدريبات وإفادات لبعض المتزعمين الميدانيين والإرهابيين يقرون فيها بتلقي الإرهابيين تدريبات من القوات الأميركية.
ما تم عرضه هو غيض من فيض, والنيابة العامة العسكرية, أكدت أنها باتت تمتلك من البراهين والأدلة القاطعة على جرائم إرهابيين يتبعون إلى جماعات مسلحة متطرفة تتلقى دعماً أميركياً, ما سيتيح توجيه اتهامات مثبتة ضد الولايات المتحدة الأميركية حول دورها في تحضير وتنفيذ عمليات إرهابية على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة, ولكن يبقى السؤال, هل يتحرك ضمير المجتمع الدولي والمحاكم الدولية أمام تلك الأدلة والإثباتات ليضطلعا ولو لمرة واحدة بمسؤولياتهما ويضعا حداً للبلطجة والعربدة الأميركية, وهل تستفيق المنظمات الدولية ذات الشأن من سباتها وتقاضي هؤلاء القتلة وتحاسبهم على جرائمهم؟.

الثورة