العنصرية والتحيز العرقي… دافعان رئيسيان للحروب الأمريكية والتدخلات في الخارج

حالة العنصرية المتجذرة في المجتمع الأمريكي كانت وما تزال محرك الدفع الرئيسي وراء الاضطرابات الاجتماعية وجرائم الكراهية المتفاقمة التي لم تعد تقف عند حدود الولايات المتحدة حيث حمل التحيز العرقي والتمييز على أسس عنصرية لدى الأمريكيين أبعاداً أكبر تجسدت وفقاً لدراسة جديدة بدعمهم للحروب والتدخلات العسكرية في بلدان أخرى بشرة سكانها ليست بيضاء.

الدراسة حول علاقة السياسة الخارجية للولايات المتحدة بالعنصرية التي أعدها ديفيد ابنر وفلاديمير ميدينيكا الاستاذان في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ديلاوير الأمريكية تؤكد أن التحيز العرقي والعنصري يجعل الأمريكيين البيض يندفعون إلى دعم الحروب العنيفة التي تشنها بلادهم على دول أخرى فوجهات نظرهم السلبية القائمة على التمييز لا تقتصر على مواطنيهم من أصحاب الأصول العرقية المختلفة والبشرة غير البيضاء بل تعدت حدود الولايات المتحدة.

الدراسة التي نشرها موقع كومن دريمز الأمريكي تبين أن المواقف العنصرية للكثير من الأمريكيين البيض تؤثر على دعمهم لحروب واشنطن في الخارج فهم يفضلون التدخل العسكري على الاستراتيجيات والحلول السياسية والدبلوماسية ولا سيما في البلدان التي تخالف سياسات الولايات المتحدة ولون بشرة سكانها ليست بيضاء.

وبينما يؤكد الباحثون في علم الاجتماع أن العنصرية والعرق يشكلان الأساس في قولبة آراء الأمريكيين البيض حول القضايا الداخلية مثل الرعاية الاجتماعية والعدالة الجنائية إلا أنهم يغفلون وفقاً للدراسة عن حقيقة أن التحيز العنصري لدى كثير من الأمريكيين يؤثر على رؤيتهم للسياسة الخارجية.

أمثلة كثيرة طرحتها الدراسة حول تبني الكثير من الأمريكيين سياسة العداء والهجوم بسبب ميولهم العنصرية بما في ذلك دعمهم المواقف الأمريكية المعادية لإيران والصين وكوريا الديمقراطية وفنزويلا وغيرها من البلدان التي ترفض إملاءات واشنطن.

الدراسة أوضحت في سياق الأمثلة التي استعرضتها أن عامل التحيز على أساس عرقي وعنصري يلعب دوراً حاسماً في وجهات نظر الأمريكيين البيض إزاء الصين وقد أججت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية هذه المشاعر بالآونة الأخيرة لخدمة مصالح معينة وأشارت الدراسة إلى أن نسبة الأمريكيين الذين نظروا إلى الصين بوصفها تهديداً لبلدهم ارتفعت بشكل كبير في عام 2016 بالتوازي مع حملة تجييش مستمرة أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عبر خطابه العنصري الواضح كما استمرت هذه النسبة بالارتفاع إلى 22 بالمئة في عام 2020 وفق مسح أجراه مركز غالوب للدراسات والأبحاث مع استمرار النهج العدائي لواشنطن إزاء بكين والحملات الإعلامية المرافقة لذلك.

تفاقم مشكلة التمييز العنصري في بلد يدعي الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان كالولايات المتحدة يكرس ما تكشفه الدراسة من الناحية الاجتماعية فالعنصرية جزء ماثل لا يتجزأ من المجتمع الأمريكي وقد أثبتت جرائم القتل المروعة التي ارتكبتها الشرطة الأمريكية بحق متحدرين من أصول أفريقية هذه الحقيقة مراراً وتكراراً في السنوات الماضية.

رابطة مكافحة التشهير في مدينة نيويورك الأمريكية أعلنت أن الترويج لتفوق العرق الأبيض في الولايات المتحدة ولا سيما رسائل العنصرية تضاعف خلال العام الماضي ووصل إلى مستويات قياسية وقالت في تقرير إنها وصلت إلى 5125 حالة خلال 2020 مقارنة مع 2724 حالة في 2019 وقد ظهر هذا الارتفاع في جميع الولايات الأمريكية ما يكشف عمق ظاهرة التمييز العنصري وخطاب الكراهية الذي شجع عليه ترامب خلال سنوات رئاسته الأربع.

وفيما احتشد الآلاف قبل أيام لإحياء الذكرى الـ 156 لانتهاء العبودية في الولايات المتحدة تستمر معاناة الأمريكيين المتحدرين من أصول عرقية مختلفة في مجتمع تتجذر فيه الفروق الطبقية والعنصرية وتتزايد فيه جرائم الكراهية والتفاوتات الاجتماعية والتمييز بالرعاية الصحية والتعليم والعمل تبعاً للون البشرة.

سانا