هنا في هذا المكان حيث الجبل يلامس شاطىء المتوسط، هنا في هذا المكان حيث أشجار الدلب والصنوبر والسنديان تقف بتواضع أمام شاطئ البحر تغازلها موجاته الزرقاء الصافية،هنا في هذا المكان الذي لازال يتغنى بعذريته وصفائه ونقائه من كل تلوث.
هنا في هذا المكان تكون في رأس البسيط أو كما ينادونه اللاذقانيون “البسيط”الذي يبعد مسافة ٥٠ كم شمالا عن مدينة اللاذقية يعني أنك تحتاج حوالي الساعة تقريبا لتصل والمؤكد في رحلتك هذه انك لن تشعر بشيء اسمه الملل أو النعاس لأنك ستكون في رحلة أسطورية ترى فيها الجمال بأشكاله وألوانه حيث يأخذك الطريق الشاطئي ويمر بك بالكثير من القرى والمحميات البحرية والمنتجعات والشاليهات والسدود المائية لتقع في حضن الطبيعة الأخاذة والفريدة فإن نظرت إلى اليمين فستشاهد الطبيعة الجبلية وان التفت إلى اليسار فسترى البحر الأبيض المتوسط بأفقه اللامحدود يرافقك هذا المشهد حتى تصل إلى رأس البسيط وتبدأ تستفيد من روعة المكان وجماله الآسر وتكون البداية من شاطئه الرملي الجميل الممتد على شكل نصف دائرة أو جرن كما يسميه البعض.
وكثير من الناس يلجؤن إليه للاستشفاء من بعض أمراض المفاصل والروماتيزم من خلال المشي عليه أو حتى القيام بحمامات الرمل الأسود المعدني فيه والغني بالحديد والمنغنيز والكبريت والبوتاس كما أنك تستطيع أن تقوم بنزهة بحرية في قوارب موجودة في مياه البسيط تعطيك الفرصة لتشاهد جبل الاقرع المطل من الجهة الشمالية الغربية عليه وتصلك المعلومة عن سبب تسميته بالاقرع مباشرة من الملاحين المتأهبين لاستقبالك في تبريرهم المكرر لكل الزائرين انه بسبب خلوه من الأشجار بخلاف كل جبال الساحل السوري في حالة جيولوجية طبيعية نادرة تضاف إلى كل مايرافقك في هذه البقعة التي تختزن في موقعها وجغرافيتها وتضاريسها كل مفردات الجمال البحري السوري ما جعلها مقصدا رائعا لزيارة الجبل والبحر في وقت واحد وفي مكان سياحي شعبي يُعتبر الأول على شاطىء المتوسط رأس البسيط والذي يعني كما جاء في كتاب الباحث “محمد جميل الخطاب( معاني أسماء القرى في اللاذقية)الرأس هامة الإنسان وأعلى مافي الجسد ويقال للجزء الذي يدخل في البحر فيعلوه رأسا كراس البسيط والبسيط تعني الأرض الواسعة وارتبط اسمه منذ وجوده باسم بوسيدون أي إله البحار عند اليونانيين
وحسب المؤرخين لم يكن هذا المكان وليد صدفة زمنية عابرة بل إنه منطقة بحرية موغلة في القدم واكتُشف فيها الكثير من اللقى التي تثبت عراقته كما أنه يحوي كنائس قديمة ومقابر حجرية واقواسا رومانية ومغارات كثيرة، كما دلت الكثير من المعطيات الأثرية على أن أقدم سكن لرأس البسيط يعود للقرن السادس عشر قبل الميلاد وازدهر في مجمل الحضارات والمراحل التاريخية التي مرت على الساحل السوري حتى اعتبر من أهم المرافىء البحرية في العصر الكنعاني وظل يعج بكل مظاهر الحياة منذ أربعة آلاف عام وحتى وقتنا الحاضر حسب ما أوصله لنا باحثو الآثار السوريون الذين لازالو يختزنون هذه المعلومات القديمة عن هذا الجمال الذي يدعو خيالك أيضا ان يخزّن ما رآه من مناظر متناهية الجمال يحتاج وصفها منك أياما وايام لتختصرها بالقول الرؤية ليست كالكلام وتدعو وتنصح كل من يريد أن يزور منطقة الساحل السوري وشاطىء المتوسط أن يكون رأس البسيط أول وجهة يقصدها ويستمتع بمنطقة تجمع ثالوث الجمال من بحر و جبل وغابة.
اعداد: مجد حيدر