تؤثّر الضغوط اليوميّة سلباً في نفسيّة المرء، ما ينتج الخربطة في الأكل، لناحية النوع والكمّ والمواعيد، وفي هذا الإطار قد يغالي المرء في تناول المزيد عن حاجة الجسم، أو القليل عنها، جرّاء الإجهاد النفسي، وذلك حسب شدّته. ولأن الطعام داء ودواء، فإن هناك أطعمة مثبتة فعاليتها في مواجهة الإجهاد.
توضّح اختصاصيّة التغذية ليا تابت لـ «سيدتي» أن «للسترس نوعين: المزمن الذي يصحب المرء كظلّه، ويحثّه على الأكل بطريقة غير منتظمة، وفائضة عن حاجته، لتكون زيادة الوزن في المرصاد، وصولاً إلى مرض السمنة». وتضيف أن «النوع الثاني من «السترس» وجيز، يقابله المرء في إثر حالة معينة، كفقدان عزيز، مثلاً، ولكن النوع قوي التأثير عليه، ويفقده الشهيّة عادة، فيأكل أقلّ من حاجة جسمة من الطاقة خلال النهار. وحين تلازم الحالة المرء لأيّام، يعرف جسمه فقدان الفيتامينات والمعادن والمغذيات الكلّية (البروتين والكربوهيدرات والدهون)، وبعدها النحول».
سوء فهم الرسائل
من الناحية العلميّة، الإحساس بالجوع هو رسالة مرسلة من الدماغ عند حاجة الجسم للطاقة. أمّا الإحساس بالشبع هو رسالة مرسلة من المعدة للدماغ تعلمه فيها عن الامتلاء. لكنّ الشدّة تحوّل فحوى الرسالة من الدماغ إلى المعدة، وبالعكس، ما يجعل الإحساس غير حقيقي، سواء تعلّق بالجوع أو بالشبع.
راهناً، تتزايد الضغوط اليوميّة جرّاء جائحة «كورونا» في العالم، وتطال الجنسين، والفئات العمريّة كافة. ومع تغيّر العادات والعمل عن بعد (من المنزل) والدرس عن بعد والحجر الصحّي والمستقبل الغامض والمعلومات المتضاربة في شأن اللقاح، تلاحظ الدراسات أن فرط الأكل شائع في صفوف الناس. إلى ذلك، يؤثّر «السترس» سلباً في الهرمونات التي تصبح إفرازاتها غير طبيعيّة، وعلى مدى يومي وطويل، كما في معدّل السكّر في الدم.
«الأكل المريح»
معلوم أن فرط الأكل جرّاء الكرب يجعل المرء يبحث عن «الأكل المريح»، ذلك الغني بالدهن والسكّر، وصولاً إلى إدمان هذين الصنفين، فكلّما انخفض معدل السكّر في الدم، ينتاب الجسم الشعور بالحاجة إلى المزيد من السكّر لانه اعتاد المستويات العالية منه للتلهي عن الضغوط. والأمر نفسه في شأن الدهون.
في المواجهة…
في مواجهة «السترس»، هناك صنوف من الأغذية، تعدّدها الاختصاصيّة في الآتي:
• المشروبات الدافئة: هي تُرتشف ببطء، وتُهدّئ الحواس، وفي هذا الإطار يبدو البابونج واللافندر خياران جيّدان لاحتوائهما على «الفلافونويدات» أي مضادات للأكسدة التي تروّق الجسم، وتساعد في حماية الخلايا العصبية من الأضرار. و«الفلافونويدات» متوافرة أيضاً في الشاي الأخضر. لكن، يجب شرب المشروبات الدافئة، من دون إضافة السكّر إليها.
• الشوكولاتة الداكنة: تخفف الشدّة عن طريق مركّباتها الكيميائيّة (الفلافونويدات)، وتأثيرها العاطفي، لأنها ترتبط بتدليل الذات والمتعة. لكن، لا لتجاوز 30 غراماً (مكعّب صغير) منها في اليوم.
• الكربوهيدرات المعقّدة: تحثّ على إنتاج «السيروتونين»، الهرمون المرتبط بالمشاعر الإيجابيّة، بالإضافة إلى أنّها تُمتصّ ببطئ أكبر وتتحكّم في مستويات السكّر في الدم. ومن أنواعها: البطاطس الحلوة، والحبوب الكاملة.
• الأفوكادو: الثمرة تزخر بالدهون الجيدة (الأوميغا_ 3)، الحمض الأساسي الذي يحتاج الجسم إليه للتركيز، والحدّ من الغمّ، بالإضافة إلى مكوّنات الأفوكادو من الألياف والمغذّيات الأساسيّة. لكن، لا لتناول أكثر من نصف حبّة في اليوم.
• السمك الدهني المشوي: السلمون والتونا والماكريل والترويت والسردين منه، فيها «الأوميغا_ 3» المحاربة للكرب، مع أهميّة تناولها في الوجبة الرئيسة مرّتين في الأسبوع.
• المكسّرات النيئة: هي غنيّة بالفيتامين «ب» والدهون الجيّدة التي تريح الأعصاب، وتخفض ضغط الدم المرتفع، بخاصّة اللوز والجوز والفستق، لكن يستحسن استهلاكها باعتدال.
• الأغذية الغنيّة بالفيتامين «C»، كالكيوي والليمون الحامض والبرتقال والليمون الهندي والفراولة… علماً أنّها تحتوي أيضاً على الفيتامين «E». لكن، لا لتجاوز المستهلك منها 500 ميلليغرام (ما يعادل كوباً من البرتقال المعصور) في اليوم.
• «البروبيوتيك»: هي البكتيريا «الجيّدة» التي تُحافظ على سلامة الأمعاء وتعزّز صحّة الجهاز المناعي وتعدّل المزاج. تشتمل مصادرها على الزبادي.
الأكل المتوازن والنوم الكافي
لمحاربة الكرب، وتلافي سيطرة الشعور بالجوع الدائم على المرء، يفيده أداء النشاط البدني، يوميّاً، وكشف الحالة التي تجعله يفرط في الأكل، لتفاديها. مثلاً: مع ملاحظة أن الانفعال يدفع إلى تكرار فتح البرّاد، يمكن السيطرة على الموقف، بارتشاف كوب كبير من نقيع البابونج.
بالمقابل، لا لمنع الذات عن أي أكل مرغوب، بل الاعتدال فيه، حسب الاختصاصيّة ليا، ووضع القواعد، كأن لا يتناول المرء وجبته، سوى جالساً، وفي الطبق، بعيداً من اقتماش الطعام، وأن يمتنع عن الأكل بعد التاسعة ليلاً، مثلاً، وأن يلتزم بالأكل الصحّي، مع ضبط كمّياته، وأن يشرب الكافيين بحدود (كوبان في اليوم في الحدّ الأقصى) وأن ينام لساعات كافية.
إذا لم تنفع الطرق المذكورة آنفاً، لا مناصّ من قصد عيادة اختصاصي التغذية المسجّل، للمساعدة في تحليل المشكلة وإيجاد الحلّ لها، والأخير يتفاوت من شخص إلى آخر.
سيدتي نت