“على صفيح ساخن” الغرق في المحرّمات بقالب درامي مكثف

“يا سورية القاسية كمشرط في يد جراح، نحن أبناؤك الطيبون الذين أكلنا خبزك وزيتونك وسياطك! سنشق أمامك الدروب ولن نتركك تضيعين كأغنية في صحراء” قد برّد نص الشاعر “رياض الصالح حسين ” ختام المشهد الأخير لمسلسل “على صفيح ساخن” أفئدتنا كمتلقين بعقدِ الأمل، بعد كل هذا الغرق في المحرمات التي عشناها خلال عرض المسلسل العائد بنا إلى بدايات تألق الدراما السورية حين أزالت الستار عن القصص الاجتماعية الاستثنائية وعرضها للقضايا الشائكة التي تعيشها فئة مهمّشة من المجتمع، فالمحور الذي يدور حوله العمل الدرامي ككل، يبعد عن عين القانون، وهذا ما خلق متعة المشاهدة والتشويق والغموض في القالب الدرامي البوليسي بنشوب خلافات وصراعات مع مافيات غارقة في الملذات، لنعيش مع مجموعة من الأطفال جامعي القمامة والتي تفرحهم قطعة حلوى يعانون من التفكك الأسري يقعون مصيدة الجشع لصاحب العمل ” الطاعون” النجم سلوم حداد الذي أبدع فأقنعنا باحترافية عالية، فيما لم يكن لمّ القمامة وجمعها عملهم الوحيد، بل يشمل تجارة المخدرات من خلال (أبو كرمو) النجم عبد المنعم عمايري، تاجر الحلويات الذي يخبئ خلفه مهنته الحقيقية المتاجرة بحبوب الكبتاغون.
مسلسل” على صفيح ساخن” تأليف يامن الحجلي وعلي وجيه، إخراج سيف الدين سبيعي الذي قام بدور “نسيب” زوج الفنانة أمل بوشوشة ” هند” الأخت الوحيدة للنجمين باسم ياخور ” هلال ” و”ميلاد يوسف” اللذين أتيا من أوروبا بعد أن خسرا أموالهما ليبدأا من الصفر بجمع ميراثهما، تنفصل أختهما هند عن زوجها سبيعي، وتعيش تحوّلات شائكة في شخصيتها، تنغمس في أعمال تحوم حولها علامات استفهام كارتداء الحجاب ستار للعمل في جمعية خيرية تبطن الاتجار بالمخدرات والتطرف الديني والإرهابي مع زوجة أبو كرمو ” نظلي الروّاس” لتعيش وسط صراعات نفسية واجتماعية مشوقة.
إضافة إلى تناول العمل الدرامي العلاقات الأسرية الشائكة في العائلة الواحدة، حب المال وجشع الورثة تمرد الأبناء على الآباء قضايا يطرحها المسلسل بطريقة مشوقة ملفتة بخط درامي جديد لم نشهده من قبل، إضافة إلى ظهور وجوه جديدة كظهور لافت ومميز للممثلة الشابة جنى العبّود التي لعبت دور(تمارا) ابنة الطاعون تاركاً لها مالاً مخبأً داخل قبرٍ تسرح وتمرح به الفئران، سبقها إليه “الخفاش” اليد اليمنى للطاعون من خلال رسالة موجهة للابنة التي هربت مع “رواد” حب حياتها شريك عملها في لمّ النفايات.
تصدّر مسلسل “على صفيح ساخن ” مع مجموعة من الأعمال الدرامية السورية السباق الرمضاني بتألق نجومها وفرسان الدراما السورية دون استثناء لأي ممثل نجم أو مبتدئ، رغم أنه يعرض الناحية السلبية الكئيبة في المجتمع المهمّش دون أي جرعة أمل أو تفاؤل، حتى الأسماء والمفردات التي تخللها النص الدرامي خدمت بقوة القصة الدرامية المشوقة فجمعت الجرائم بتنوع أشكالها، ومع هذا لم يخل المسلسل من العودة بنا إلى الزمن الجميل من خلال ظهورشخصية شمس النجمة “سمر سامي” رغم عدم انسجام قصتها مع الحدث الدرامي المقدم والتي يمكن الاستغناء عنها إن صح القول، إلا أن قصتها أعطت متنفساً للمتلقي من خلال شخصيتها المعزولة والتي تعيش خسارات مادية بتحول بيت العائلة إلى حديقة عامة، تتنكر شمس كل ليلة وتقف على باب الحديقة، توفى خطيبها الرجل السياسي قبل يومين من زواجهما، فترى في شخصية ” هلال ” حلمها المخمليّ الجميل.
النهاية المتسارعة لأحداث المسلسل والتي أنهت مجريات الأحداث المشوّقة في حلقة واحدة، بعد صراعات على مدى ثلاثين حلقة في الشهر الكريم قد حافظت على النهايات المفتوحة بتساؤلات قد يُجاب عليها في الجزء الثاني، يذكر أن العمل من إنتاج شركتي “غولدن لاين” و”آي سي ميديا”.

الثورة