انتخابات الرئاسة انتصار للديمقراطية على كل الأعداء ,,, بقلم: تحسين الحلبي

تصف الولايات المتحدة نفسها «بزعيمة العالم الحر» وبالدولة التي تعلن للعالم أن قيمة «الديمقراطية» بالنسبة لها مقدسة في دستورها لكن المسافة التي تفصل بين ما تصف به نفسها وبين السجل التاريخي لواقعها السياسي المناقض كلياً لاحترامها للديمقراطية أبعد من المسافة التي تفصل بينها وبين بقية العالم فقد تبنت الولايات المتحدة سياسة «تغيير أنظمة الحكم بالقوة» – Regime Change Policy -بموجب تعريف قاموس أوكسفورد الذي جاء فيه أن «عبارة تغيير النظام تعني استبدال نظام حكومي بآخر عن طريق القوة والاكراه» أي عن طريق الاحتلال وشن الحروب والمؤامرات ومن الطبيعي أن تعد هذه السياسة انتهاكاً صارخاً لحرية وسيادة واستقلال أي دولة تستهدفها الإدارة الأميركية بهذا العدوان.

وتقوم الولايات المتحدة بتطبيق هذه السياسة منذ أكثر من قرن بأشكال وطرق ووسائل متنوعة جميعها غير شرعية تنتهك بواسطتها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والعلاقات الدولية بل والعلاقات الثنائية بين الدول لتحقيق أهدافها الإمبريالية في فرض الهيمنة والتبعية على الدول والشعوب وتجريدها من استقلالها وسيادتها من أجل التحكم بمصادر ثروات شعوبها وسياستها الخارجية وتحويلها في النهاية إلى أنظمة حكم تابعة تخدم المصالح الأميركية على حساب مصالح شعوبها.

فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) قامت الولايات المتحدة بالتدخل في الحرب الأهلية في روسيا بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917 وأرسلت مع بريطانيا وفرنسا ودول أخرى 250 ألفاً من القوات الأجنبية لإسقاط البلاشفة الثوريين ومنعهم من إجراء انتخابات ديمقراطية ثورية وكان عدد جنودها في هذه الحملة يزيد عن 13 ألفاً وانتصر الاتحاد السوفييتي وتحول في وجه أميركا إلى قوة عظمى واتسع تدخلها في دول أميركا اللاتينية بشكل علني أيضاً في بداية ذلك القرن وخاصة في كوبا.

ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) وبداية الحرب الباردة اعتمدت الإدارات الأميركية سياسة سرية في تغيير الأنظمة الديمقراطية المستقلة والمناهضة لها تولت الدور فيها وكالة المخابرات المركزية «سي آي إي» التي أصبحت صانعة الحكومات التابعة للولايات المتحدة مع بداية الخمسينيات.

وفي كل هذه السياسات كانت أنظمة الحكم التابعة للولايات المتحدة لا تدوم طويلاً فهذا ما حدث في فيتنام 1975 حين تمكنت الثورة الفيتنامية من تحقيق انتصارها على القوات الأميركية التي صنعت في جنوب فيتنام نظام حكم سايغون التابع لها فسقط في عام 1975 هو وقوات الاحتلال الأميركية، كما تمكنت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني في إيران عام 1979 من إسقاط الشاه الذي نصبته ملكاً عام 1953 وعميلاً للولايات المتحدة ومنذ ذلك العام حاولت الولايات المتحدة بكل قدراتها ووسائلها السرية والعلنية تغيير الحكم الثوري الديمقراطي في إيران ومنيت بالهزيمة.

وامتداداً لهذه السياسة التاريخية العدوانية الأميركية نفسها قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة بمحاولات كثيرة لزعزعة استقرار سورية وتفتيتها واستهداف رئيسها بشار الأسد في عام 2003 و2005 وكانت خططها تمنى بالهزيمة والفشل في كل مرة.

فانتقلت في عام 2011 إلى شن أكبر حرب كونية تعهدها المنطقة ضد سورية، لإسقاط الرئيس الأسد واستخدمت مئات الآلاف من المرتزقة لتقسيم سورية بل وأرسلت وحدات عسكرية من قواتها إلى شرق وشمال سورية لحماية المرتزقة من المجموعات الإرهابية بعد أن هزم الجيش السوري جميع تلك المجموعات وحاولت منع وجود انتخابات في أوج حربها على سورية وقيادتها وجيشها وشعبها عام 2014 وانتصرت سورية حين قرر الرئيس الأسد عقد الانتخابات الرئاسية في دورتها المقررة عام 2014 وشارك الشعب السوري في تلك الانتخابات التي شكلت أكبر تحد وهزيمة لسياسة الولايات المتحدة ومؤامرة «تغيير الأنظمة» وفاز الرئيس الأسد فيها بأصوات الأغلبية الساحقة من الشعب العربي السوري وبعد تلك الدورة الانتخابية بذلت واشنطن وكل حلفائها في العالم كل ما في وسعهم من مؤامرات إرهابية وحصار وعقوبات على سورية لمنع الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 أيار الجاري وبرغم الحرب التي استهدفت سورية طوال الأعوام العشرة الماضية أعد الشعب السوري نفسه لهذه الانتخابات في ظل وجود عدد من المرشحين إلى جانب الرئيس الأسد وسطرت سورية بعقد هذه الانتخابات انتصارا آخر لديمقراطيتها واستقلالها ومجابهتها للسياسة العدوانية الأميركية ضد شعبها وجيشها وقيادتها الثورية.

الوطن السورية