106 أعوام على الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأرمن على يد العثمانيين.. استمرار إحياء ذكرى الشهداء حتى إحقاق العدالة

1

‌‎على الرغم من مرور 106 أعوام على جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأرمن على يد العثمانيين إلا أن الشعب الأرميني مستمر في إحياء ذكرى شهدائه انطلاقاً من إيمانه بأهمية النضال لاستعادة حقوقه وأرض أجداده المسلوبة وتعزيزاً للتلاحم بين أبنائه من خلال إحياء الذاكرة الوطنية.

‌‎وتشير المصادر والوثائق التاريخية إلى أن العثمانيين الذين اتبعوا سياسة التتريك في الفترة ما بين 1915 و1923 قاموا بإبادة مليون ونصف المليون أرمني كانوا يقطنون أرمينيا الغربية فيما تم تهجير من تبقى منهم قسراً إلى الدول المجاورة ومن بينها سورية التي وجدوا فيها ملاذاً آمنا وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من نسيجها الثقافي والاجتماعي والحضاري.

‌‎وكان للفعاليات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية الأرمنية في المهجر دور كبير في الحفاظ على ذكرى شهداء الإبادة من خلال إخلاصهم لقضية شعبهم عبر رفع الصوت عالياً في مختلف المحافل العالمية والمطالبة بالحقوق والعدالة التاريخية في وقت تستمر فيه الأنظمة التركية المتعاقبة بإنكار الإبادة ورفض الاعتراف بما ارتكبته الدولة العثمانية بحق الأرمن.

‎ويقر العديد من دول العالم ومن بينها سورية بأن ما حصل بحق الأرمن “إبادة جماعية” حيث تبنى مجلس الشعب في الـ 13 من شباط 2020 قراراً يدين ويقر بجريمة الإبادة الجماعية بحق الأرمن على يد الدولة العثمانية واصفاً إياهاً بأنها “من أقسى الجرائم ضد الإنسانية وأفظعها”.

وفي حديث لـ سانا أكد عضو مجلس الشعب جيراير رئيسيان أن جريمة الإبادة بحق الأرمن صفحة عار سوداء في التاريخ الحديث للبشرية موضحاً أنه حفيد من نجوا بأعجوبة إلهية في تلك الأيام من المجزرة المروعة التي ارتكبها العثمانيون بحق شعب دون تفريق بين أطفال وشيوخ ونساء وبأبشع الطرق التي لا يتقبلها أو يتصورها العقل البشري بل امتدت جرائم العثمانيين لاقتلاع شعب من وطنه وأراضيه التاريخية وتهجيره قسراً خارجها إلى البلدان المجاورة والاستيلاء على ممتلكاته دون مبرر شرعي أو قانوني في شكل يتعارض قطعاً مع الأديان والشرائع الدولية إضافة إلى حرمان أجيال من نجوا من حقهم الإنساني الطبيعي في أن تكون لهم أسرة متكاملة.

وأشار رئيسيان إلى سعي أحفاد من تعرضوا للإبادة إلى الانتصار لأجدادهم من خلال استمرارهم بالحياة ومطالبتهم بالعدالة وعودة الحقوق لأصحابها الشرعيين مبيناً أنه لو تمت إدانة تلك الجريمة الكبرى في وقتها ومعاقبة مرتكبيها لما تجرأ وواصل أحفاد المجرمين اليوم ارتكاب ذات الجرائم الوحشية ضد شعبنا في سورية.

وأكد رئيسيان أنه كما انتصرت إرادة الأرمن بالحياة تنتصر إرادة الشعب السوري اليوم رغم كل الضغوط والإرهاب فهو ما يزال صامداً يواصل ممارسة حياته وحقوقه الدستورية ليقول كلمته انتصاراً لتلك الإرادة.

وعن إدانة سورية وإقرارها رسمياً لجريمة الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأرمن على يد الدولة العثمانية من خلال مجلس الشعب بين رئيسيان أن سورية تختلف عن باقي الدول التي اعترفت رسمياً بواقعة مجازر الإبادة بحق الأرمن لأنها كانت الشاهد الأول لتلك الأحداث المؤلمة أرضاً وشعباً فكانت أولى المحطات لوصول قوافل المهجرين والمحطة الأخيرة للإبادة الجماعية التي شهدتها بادية دير الزور ومناطق من ريف حلب وغيرها وبالتالي فإن الإقرار ضمن المجلس لم يكن إلا استكمالاً رسمياً لشهادة الأرض والشعب على تلك المجازر وجاء ككلمة توثيق رسمي مساندة لمواقف الحق لافتاً إلى أن إقرار سورية لم يكن مجرد اعتراف وإدانة بل تضمن مناشدة لبرلمانات ودول أخرى خاصة الدول العربية لإعلان إدانتها لتلك المجازر.

وفي حديث مماثل أوضحت عضو مجلس الشعب الدكتورة نورا اريسيان رئيسة جمعية الصداقة البرلمانية السورية الأرمينية أن الاستمرار بالمطالبة بالحقوق والعدالة التاريخية واجب إنساني يمارسه الأرمن على مدى أكثر من مئة عام من أجل إحقاق الحق لافتة إلى أن الشعب الأرميني ما يزال يصطدم بالمجتمع الدولي الذي يتقاعس عن دوره في تعزيز مفاهيم القانون الدولي وتغيب عنه القرارات والمواقف العادلة والمنصفة للشعوب المظلومة إلا أن الشعب الأرميني مستمر في المناداة بحقوقه بانتظار إنصاف المجتمع الدولي لهم فيما يتعلق بجريمة الإبادة وقضية التعويض.

وأكدت اريسيان أن جريمة الإبادة بحق الأرمن تبقى وصمة عار تلاحق تركيا طالما أنها لم تتصالح مع ماضيها ومستمرة في إنكارها بل تستمر في أطماعها وسياستها التوسعية والعدوانية بممارسة الإرهاب في سورية.

وبينت اريسيان أن السوريين الأرمن والأرمن في الشتات وأرمينيا ممتنون للدولة السورية لإقرارها وإدانتها الجريمة المرتكبة بحق الأرمن من خلال القرار التاريخي لمجلس الشعب وتجلى ذلك من خلال تجمعات جماهيرية ومسيرات لكشاف الأرمن في المحافظات السورية وأرمينيا للتعبير عن الشكر والامتنان مؤكدين أنهم متمسكون بالهوية الوطنية في سورية ومدركون تماماً أنهم جزء من مكونات الشعب السوري الأبي.

وأوضحت اريسيان أن نص القرار الذي تبناه مجلس الشعب السوري يعد من أقوى النصوص التي أقرت بإدانة الإبادة المرتكبة بحق الأرمن واعترفت بها من بين برلمانات العالم التي أقرت قرارات مماثلة ولا سيما أنه يذكر بشكل صريح المصطلحات القانونية ومن بينها “الإبادة” بالإضافة إلى أنه شمل الشعوب التي تعرضت أيضاً لسياسة التتريك مثل السريان والآشوريين وغيرهم.

الجدير بالذكر أن ارمينيا اليوم تعد جزءاً من أرمينيا التاريخية التي امتدت على مساحة أكثر من 300 ألف كم2.

 ‌‎سانا -غنوه مية