إطلالة سورية،،الجامع الأموي،،بصمة التاريخ في قلب دمشق

ما أن تصل إلى دمشق حتى تسبقك الدهشة والشعور بالشوق لزيارة هذا الصرح التاريخي الكبير وتقف بإعجاب أمام إنجاز إسلامي إنساني حضاري عظيم يكاد يختصر حضارة الإسلام المعمارية ويُعد درة من درر تاريخ شُيِّد بأعمدة لم يطمسها الزمن بدأت قصتها قبل ١٢٠٠سنة ق. م ليخبر بها من بناه وهو سادس الخلفاء الأمويين الوليد بن عبد الملك مخاطبا اهل الشام انذاك قائلاً :ياأهل دمشق أربعة اشياء تمنحكم تفوقا ملحوظا على بقية العالم :المناخ المياهالفاكهةالحمامات وأضيف  إليهم خامساهو مسجد بني أمية أو الجامع الأموي الكبير


جهاته الأربع تجعله في قلب دمشق القديمة   فمن جهة الجنوب حي البزورية ومن الغرب سوق الحميدية ومن الشرق مقهى النوفرة ومن الزاوية الشمالية الغربية المدرسة العزيزية وضريح السلطان صلاح الدين الأيوبي


كان المكان قديما معبدا للإله حُدد الآرامي اله الخصب والرعد والمطر وعندما دخل الرومان إلى دمشق أقاموا فيها معبدا للإله جوبيتير وفي نهاية القرن الرابع الميلادي تم تحويل المعبد إلى كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان بأمر من الإمبراطور ثيودوسيوس الأول ولما دخل المسلمون إلى دمشق جرى اقتسام موقع الكنيسة إلى قسمين القسم الشرقي أصبح للمسلمين حيث صلى فيها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان وكان يدخل إليها من الباب القبلي الروماني والقسم الغربي للمسيحيين وكان يشهد هذا الموقع الصلاتين الإسلامية والمسيحية كرمز للسلام والتعايش السلمي وحرية العقيدة…
الجامع الأموي الأقدم والأكثر عراقة وقدما  ويعد شاهدا على مراحل تطور فنون العمارة والزخرفة والبناء في سوريا على مر العصور الآرامية والهللنستية والرومانية والإسلامية ويمكن اعتباره الأثر الوحيد من آثار بني أمية حيث البصمة الأموية هي الاوضح والأكثر استمرارا فيه من خلال مخطط الجامع الذي بناه  الوليد بن عبد الملك عندما تولى الخلافة سنة ٨٦هجرية مستفيدا مما هو موجود وحوّله إلى شكل إسلامي وكساه وزينه بالفسيفساء والمنمنمات والنقوش وكانت هي من ترشدك إلى اليد الأموية التي بني بها وتُخلِد ذكرهم في دمشق وتحكي حكاية الأمويين حتى بعد رحيلهم عنها.
استمرت فترة بنائه حوالي عشر سنوات وكان ذلك في عام ٧٠٥م حيث أنفق الوليد بن عبد الملك في بناء المسجد خَرَاج الشام عامين واكتمل بناؤه بعد وفاته وجاء على هيئة حفظتها لنا كتب التاريخ وكان آية في الحُسن حتى قيل “إنه لو زار المرء جامع دمشق ألف مرة لوجد فيه كل مرة جديدا لم يره” فبقي المسجد على هذا البناء أربعة قرون وتعرض بعدها للكثير من الحرائق والزلازل والتي كان لها دور في تغيير معالمه بشكل كبير.
رائعة من روائع الفن المعماري الإسلامي القديم وصِف بأنه درة جوامع العالم وأحد عجائب عصره لروعة عمرانه وروحية المقامات الموجودة بداخله، يبلغ طول الجامع ١٥٧م وعرضه ٩٧م فيما تقدر مساحته ب ١٥.٢٢م٢ ويحتل صحن الجامع منها مساحة ٦ آلاف متر، أما عن داخله فله أربعة أبواب ثلاثة تنفتح على صحن الجامع وهي الشرقي والغربي والشمال و الباب الرابع فهو الباب القبلي ينفتح على حرم الجامع وتشرف على صحنه ثلاث مآذن مطلة على مدينة دمشق وهي مئذنة قايتباي ومئذنة عيسى ومئذنة العروس وهي أقدم مئذنة بناها المسلمون وكانت منارة دمشق ومنها انتشر نموذخ المئذنة المربعة، أما وانت تنظر اليه من الداخل فتراه مقسما إلى ثلاثة أقسام وهي الحرم الداخلي الذي يصلي فيه المسلمون صلاتهم والدهليز المؤدي إلى الغرف والفسحة السماوية وملحق فيه أربع قاعات تسمى بمشاهد على اسم الخلفاء الراشدين
عبق التاريخ في قلب دمشق ورمز المذاهب والاديان والتسامح والتعايش بين البشر حيث انه اول جامع يدخله أحد باباوات روما وهو البابا يوحنا بولس الثاني عندما زار دمشق عام ٢٠٠١ كما أنه يشكل بكل مافيه مقصدا للزوار والسائحين حيث يجدون فيه الراحة النفسية والروحانية ويتذوقون الفن المعماري بابهى أشكاله
هي دمشق متحف لا تَمل من البحث فيها عن تاريخ ٍ كُتب هنا أو نُقِش هناك أو شُيِّد بين الازقة والاروقة ويبقى الجامع الأموي محطة تاريخية واسلاميةعتيقة لابد من المرور منها حين تزور دمشق.

اعداد:مجد حيدر