متحدياً المرض… التشكيلي أحمد خليل يحضر لمعرض (تراتيل الفراش)

بألوان المائي والاكليريك ومنذ ما يقارب الستة أشهر يواجه الفنان أحمد خليل المرض بإرادة وعزيمة مستثمرا كل ساعة تتاح له لمواصلة العمل وإنجاز المزيد من اللوحات ليحضر رغم أوجاعه وآلامه الكبيرة لمعرض (تراتيل الفراش) الذي سيضم لوحات عمل عليها خلال فترات التعافي القليلة التي يمنحه إياها العلاج.

وأكد خليل في اتصال هاتفي مع مندوب سانا أنه لا يجب الاستسلام للمرض بل إن الاستمرار في الرسم هو أحد طرق مواجهته وأنه سيستثمر كل لحظة ممكنة في الرسم موضحاً أن الأعمال التي أنجزها خلال الأشهر الماضية والتي يعمل عليها الآن تتركز على الطبيعة التي حرم منها منذ أشهر ستة كما يصور بعضها ذكريات المرض والألم والاستلقاء الطويل في الفراش.

وخلال مسيرته الفنية التي تقارب الخمسين عاماً لم يتبن الفنان خليل مدرسة فنية محددة بل إنه يرفض تصنيف أسلوبه وطريقته في الرسم ضمن أي مدرسة ويرى أن الالتزام بمدرسة واحدة هو نوع من التكرار وهذا برأيه يسيء إلى الفكر الإبداعي لأي فنان فلكل موضوع أسلوبه وعلى كل مبدع أن يستمر بالبحث والممارسة والمتابعة ليحافظ على إبداعه.

وانطلاقاً من هذه القناعة يمكن القول إن أعمال خليل هي مرآته التي تعكس ملامح شخصيته الباحثة دوماً عن الجديد والغريب فقد عاش تجربة حياتية غنية أمضاها في الترحال والسفر بين بلد وآخر منذ ذهابه أول مرة إلى مصر لدراسة الفنون الجميلة ثم التنقل بعد ذلك في دول كثيرة مثل ليبيا وتونس وإسبانيا ولبنان وغيرها.

رسم خليل المنظر الطبيعي والبحر والقارب والطبيعة الصامتة والبورتريه بأسلوبه وإحساسه الخاص إضافة إلى اللوحات التعبيرية التي وظف فيها مفردات البيئة المتوسطية لبناء لوحة فنية تعبر عن رؤيته ونظرته وثقافته وفي جميع هذه الاعمال كان الحضور الواضح للألوان الساحلية بكل دفئها وجمالها وغناها.

أولى الفنان خليل الأطفال أهمية خاصة في مسيرته الفنية مشيراً بهذا الخصوص إلى أن هدفه من تعليم الصغار الفن التشكيلي هو قناعته بأن كل طفل فنان ولذلك أحدث مركزاً خاصاً للفنون الجميلة بطرطوس باسم مركز أحمد خليل للفنون التشكيلية سنة 1997 واطلق برنامجه الفني (كل طفل فنان) والذي لقي قبولاً واسعاً من المجتمع المحلي والمديريات المختصة.

خليل الذي اتجه أيضاً لجيل الشباب لتنمية ثقافته الفنية حول مرسمه لمكان يرتاده المئات من طلاب الجامعات الذين درسوا وتخرجوا من هندسة العمارة والفنون الجميلة.

كما عمل خليل في التلفزيون سنوات طويلة وسعى من خلال عمله كمعد لبرامج أطفال في القناة الفضائية السورية مثل تعلم بالرسم وكل طفل فنان إضافة إلى برنامج مشوار لوحة وصورة إلى تعريف الأطفال بالكثير من فنون ومهارات الرسم إضافة إلى اطلاعهم على المواقع والمنشآت السياحية والمواقع الأثرية في مختلف المحافظات.

أقام الفنان خليل خلال مسيرته الفنية الطويلة نحو 30 معرضاً فردياً وشارك في عشرات المعارض الجماعية وفي الملتقيات الفنية والمهرجانات داخل سورية وخارجها وله ثلاثة أعمال ضخمة هي النصب التذكاري في الدريكيش واللوحة البانورامية على شاطئء طرطوس والتي أنجزها بالتعاون مع الـ (يو إن دي بي) تحت عنوان (جسر السلام) وعقدة بانياس طرطوس القدموس من الرخام بارتفاع 12 متراً.

وتنطلق رؤية خليل للجمال بأنه ليس مقصوداً به الوجه والجسد بل ان الطبيعة برمتها موزعة على أساس كل شيء يوجد في مكانه جميل وإذا تغير هذا المكان لم يعد هناك جمال ما جعله يدعو على الدوام لبناء ثقافة بصرية كبيرة تسمح لنا برؤية الأشياء بطريقة أفضل وأعمق.

يشار إلى أن الفنان التشكيلي أحمد خليل من مواليد مدينة الدريكيش عام 1954 نشأ وترعرع بمدينة ازرع بدرعا بسبب عمل والده.. بداياته كانت من خلال تشجيع أساتذته ومنهم القاص والروائي أحمد يوسف داؤود وأيضاً الفنان العالمي الراحل مجيب داؤود الذي أقام له عدة معارض في المحافظة ثم سافر لمصر لدراسة الفنون الجميلة وبعدها إلى ليبيا وعمل مخرجاً فنياً لمجلة أطفال السنابل وأسس أول نقابة للفنون الجميلة هناك ثم زار أكثر من عشر دول أجنبية وعربية ما أسهم بتزويده بالكثير من الثقافات والرؤى البصرية وحاز على الكثير من الميداليات وشهادات التقدير المحلية والعالمية.

سانا