قامة من قامات الفن …الفنان المخرج القدير مظهر الحكيم ..
أحد أهم رواد المسرح والدراما والسينما في الجمهورية العربية السورية ، إنه الفنان ،المؤلف ، المخرج والمنتج ، والد الفنانتين أماني ونسرين الحكيم ، في رصيده الفني أكثر من خمسين عملاً كممثل وحوالي خمسة عشرة عملا” كمخرج وعشرة أعمال كمؤلف وغيرهما في الإخراج ، عربي سوري ، كرم على المستويين العربي والعالمي ، في لبنان ومصر ، وفي أمريكيا وكندا ، وفي فرنسا كُرمت مؤسسته التي عُرفت باسم “”الحكيم للإنتاج والتوزيع الفني ” بدعوة رسمية لمكانتها الخاصة … كانت بداياته في التمثيل ومن ثم الإخراج وبعدها التأليف والإنتاج ، اشتهر بمسلسل” الأميرة الشماء “حيث تم اقتراحه من الراحلين ….الممثل طلحت حمدي والمخرج علاء الدين كوكش ، ولثقتهما بأدائه المميز نجح في الدور ، لدرجة تم تكريمه من السبد الرئيس السوري الراحل ” حافظ الأسد “بتعينه مخرجاً” في الإذاعة والتلفزيون السوري ، وبعد هذا الإنجاز ، حاول السعي نحو الأفضل بأن يلتفت قليلاً” الى الإخراج ، حيث أنشأ فرقة مسرحية برفقة زوجته السيدة الراحلة إنعام صالح ، استمرت لفترة الى أن لحق به الأذى والإساءة من بعض الأصحاب ، أوقفت مسرحيته من قبل الأمن ، ولتطلعه الدائم نحو الأمام وإيمانه بالعمل والمثابرة ، وجد نفسه بحاجة لأدوار معينة تحقق ذاته فكتبها ، بإحساسه وامتلاكه للخبرة الحياتية والاجتماعية ، وتكوينه الأسروي ، وتجاربه التي عاش بها ، وعندما تعرض لمعاكسات فنية ، انتقل للإخراج المسرحي الذي لم يستمر طويلا” ، فأسس شركة إنتاج ساعياً” للتمثيل وليس للإخراج ، وذلك بمشاركة ابنتيه أماني ونسرين حيث أن الأخيرة هي أول مديرة إنتاج في سورية ، وكان أول عمل في هذه الشركة من تأليفه وتمثيله وإنتاجه ، للمخرج عصام موسى ، الى أن عرض عليه مسلسل من منتج سعودي وتأليف شاعر كويتي ، وافق عليه لأنه وجد فيه فرصة إنتاج عمل كبير ، ممول خارجيا” ، مشيرا” الى أن الإخراج ليس بالأمر السهل ، فهو حس ونظرة وبالتالي شيءٌ ممتع وسلسل وجميل ، قام بدراسة علم النفس في مصر لما له حسب تعبيره ..” من أهمية كبيرة للفنان ليساعده أكثر في إيصال رسالته “
أبدع الحكيم في أول عمل في الكويت وألقى محاضرات بعنوان ” تطور الإخراج البدوي ” عند المخرج المسرحي إلى أن أضحى اسمه (مخرج الأعمال البدوية الأولى) .
ولخبرته الإنتاجية الكبيرة عمل مدير إنتاج لعدة أعمال روسية في بلده سورية ، إضافة للأعمال الفنية السورية .
وذكر الحكيم أن ” العملية الفنية تبدأ بالتأليف ثم الإخراج وبعدها إدارة الإنتاج والتمثيل وإن من الطبيعي أن يكون الفنان مخرجاً” في حال القدرة وإلا فيكتفي بمهنة واحدة ” .
وعبر الحكيم عن إعجابه بالفنان الراحل حاتم علي ووصفه ” بالممثل والمؤلف ، صاحب الخبرة والشخصية القيادية ، يمتلك حساً” إخراجياً” جميلاً” ، وله باع طويل ويد قوية وجيدة على كثير من الفنانين الذين أصبحوا نجوما” فيما بعد ، منهم النجم السوري تيم حسن ” .
وبعد كل هذا العطاء والنجاح والتطور الذي حققه الفنان الحكيم إلا أنه ظل يعشق المسرح ، ويتمنى آلا يموت ألا واقفا” على خشبته ، لأن بداياته الفنية بدأت كممثل مسرحي بفرق صغيرة بالتمثيل ، إلا أن التطور الذي حققه جعل منه ممثلا” مسرحيا” من الدرجة الأولى ، حيث لعب أدوارا” تراجيدية وكوميدية مع أبناء جيله الراحلين طلحت حمدي ، يوسف حنا ، سليم كلاس .
وأضاف الحكيم ” أن الحالة المثالية في الفن هي المسرح ، لأن الممثل أمامه نص من سبعين صفحة وعليه أن يحفظ دوره ويجسد أحاسيسه ، مطبقا” توجيهات المخرج ، ويتعامل مع الزملاء بكل حب واحترام ، لكي يتفاعل مع جمهوره الموجود أمامه ، ويتقن أداءه ، ويستمتع بارتجاله في حال الخروج عن النص ، لذا فإن المسرح شيء جميل جدا” ، ولا يوجد فيه نجم ، فالصغير نجم والكبير نجم .
وانطلاقا” من مبادئه وأفكاره ، فقد اقترح فكرة تأسيس لمرحلة ثقافية جديدة ، تعيد الاعتبار للمسرح ، بأن تقرر ،وزارة التربية مادة المسرح ،ويقوم بتدريسها الطلاب الخريجون ، وتوظف في خدمة الاختصاصات كافة، كي يصبح الطبيب موهوبا” ، وكذلك المحامي وغيرهما ،كما حصل في مصر .
كما وشجع الحكيم اللفتة الكريمة من سيادة الرئيس الدكتور ” بشار الأسد ” بإصدار مرسوم لإنشاء معهد لتدريس السينما في سورية ، لكنه تساءل .. أين السينما في سورية …؟ أين المسارح في سورية ….؟
وأشار الحكيم إلى قول ” الأستاذ أحمد الأيوب ” أن الفن يولد في لبنان ويعيش في مصر ويموت في سورية .لذلك أكد الحكيم أن هناك إجحاف بحق الفن في سورية منذ أيام العثمانيين والإنكليز والفرنسيين ، بدليل حرق مسرح أبو خليل القباني في دمشق ، والذي اضطر للهرب إلى مصر وأخذ معه كل الفلكور السوري ، وهناك استضافه الفنان المصري ” أبو السيد درويش ” وبحكم الاستضافة أصبح كامل أرشيف أبو خليل القباني لدى السيد درويش ، وبالتالي أصبح فلكلور السبد درويش أغلبه ، شاميا” وحلبيا” أي سوريا” .ويتابع الفنان الحكيم قائلا” : ” كما أنه في زمن الفنان العملاق السوري فريد الأطرش كان قد صرح الرئيس جمال عبد الناصر كما أن الاقتصاد المصري يقوم على قناة السويس ، فكذلك يقوم على السينما المصرية التي ازدهرت وقويت بسبب وجود الفنانين السوريين ، ومنهم ،أنور وجدي ،أسمهان ،وغيرهم .
وفي رده على تصريحه ” المخرجون يخافون من مكانتي “
أشار أنه لم يتحدث بهذه الصيغة ، حيث عمل مع المخرج حاتم علي ،والمخرج تامر اسحاق، وغيرهما ،لكن البعض كان لديه تخوف من كيفية التعامل مع تاريخ هذا الاسم الفني الكبير ،إضافة للاختلاف حول الأمور المادية ،وهو عكس ما يعتقدون تماما” فهو فنان ملتزم ،يتمتع بأخلاقيات الفنان ،ويحترم المهنة والعملة، كما يحترم القائمين عليه .
كذلك تحدث عن حال الدراما السورية ومواقفها من الواقع الاجتماعي الذي تجسده قائلا” : إنها تجسد الواقع ،من خلال الكتابة الإنسانية الطبيعية الواقعية ،التي تعبر عن واقع الحياة اليومية ،ولكن بعض الكتاب يكون لديه رؤية سياسية معينة أو فلسفة خاصة به فيفرضها في كتاباته ،واصفا” هذا النوع من الأعمال ،بأنها مدسوسة أو مزيفة ،تشوه الواقع ، وحول الإنتاج والتوزيع ،فقد أضاف قائلا” : تراجع السوق بسبب الحرب الاقتصادية والكونية وأصبحت الأعمال تبث فقط عبر المحطات والأقنية السورية ،وبسبب الحرب الشرسة ،فقد اضطر بعض الفنانين إلى السفر والعمل بالخارج ،ووصفهم بأنهم نجوم من درجة الأولى ،وقد ازدادت نجوميتهم بعد تأديتهم العديد من الأعمال المشتركة ” .
وأشار إلى نجومية الفنان العالمي ” غسان مسعود ” والسيدة ” منى واصف ” التي لقبها ،بسيدة الفن السوري الأولى لخبرتها وتجاربها وشخصيتها المتميزة .
وأكد الحكيم أنه لم يبتعد عن الشاشة ولحبه الشديد بالتمثيل ،أدى العديد من المشاهد ،كضيف شرف ،وبقي متواجدا” ويتابع عمله في الإذاعة ،وأخر أعماله المحلية التي حضر لها،هي ( فناجين، طبقات) .
حوار رانيا ناربي – خاص موقع أصدقاء سورية