كرجل صيني كيف تملك ركبتين ضعيفتين؟! من فيلم (الموت والمجد في تشانغد) ,,, بقلم غسان رمضان يوسف*

كرجل صيني كيف تملك ركبتين ضعيفتين؟! من فيلم (الموت والمجد في تشانغد) ,,, بقلم غسان رمضان يوسف*
كرجل صيني كيف تملك ركبتين ضعيفتين؟! من فيلم (الموت والمجد في تشانغد) ,,, بقلم غسان رمضان يوسف* - موقع أصدقاء سورية

خلال محاولة جيش الاحتلال الياباني الاستيلاء على منطقة (تشانغد ) في إقليم هونان عام 1943 وسط الصين وهي منطقة جميلة جداً وخصبة حتى أن أحد جنود الاحتلال الياباني الذي يحب الرسم قال له قائده : ” عندما تنتهي الحرب ستُقيم معرضاً في طوكيو عن (تشانغد) ” فيجيب الجندي بأن (تشانغد) جميلة جداً وبأنه سمع أن شاعر اليوتيوبيا تاو يوان مينغ كان يلقي شعراً في (تشانغد) !

بعد فشل كل المحاولات اليابانية بالسيطرة على مدينة (تشانغد) يقترح أحد الضباط اليابانيين القادة استخدام الغاز السام فيرفض قائد الكتيبة اليابانية المكلفة باحتلال المدينة بحجة أنه يريد أن يحقق انتصاراً أخلاقياً على الصينيين وذلك بتدمير إرادتهم لا أن يستخدم الغاز السام الذي تملكه اليابان لقتلهم.

لكن الأخبار تأتي أن الجيش الصيني يتقدم باتجاه (تشانغد) في مقاطعة فينغ القريبة وفي ( شيمان ) ( تسي لي) ( هوانغ شي) (تاويوان) ليصبح الجيش الياباني مطوقاً فيتدخل القائد صاحب نظرية ضرب الغاز السام ويطرح استخدام الغاز مرة أخرى وفي هذه اللحظة يأتي أمر من إمبراطور اليابان بأن (كتيبة يوكوياما أساميو 11 ) مكلفة باحتلال تشانغد خلال يومين ، خلاف ذلك سيتعرض الجميع لعقوبة (السيبوكو) و(السيبوكو) هي شكل من اشكال الانتحار عن طريق نزع الأحشاء من البطن ! فيقوم القائد الياباني (المتردد) باستخدام الغاز السام ويقتحم (تشانغد) ، في الأول من كانون الأول/ديسمبر عام 1943 وهو اليوم الذي وقعت فيه كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين إعلان القاهرة ضد اليابان .

خلال الفيلم يلفت انتباهك مشهد مؤثر جداً يدل على شدة تمسك الصيني بوطنه حيث يقوم أحد الضباط اليابانيين بإعطاء مقاتل صيني خمسيني (انقطعت ساقه في معركة ديشان ) ويمشي على العكاز علم الإمبراطورية اليابانية فيأخذ المقاتل الصيني العلم الياباني ويرميه على الأرض ويدعس عليه ويقول لهم : “أنتم أعداء سفلة ” يلتقط الضابط الياباني علم بلاده (المهان) من الأرض ويعطيه للمقاتل الصيني مرة أخرى فيعيد قذف العلم أرضاً وينتحر مفضلاً الموت على حمل علم الأعداء.

يحاول الضابط الياباني مع رجل أخر وهو طبيب يداوي جرحى الجيش الصيني في معركة تشانغد فيرمي الطبيب العلم ويستل سكيناً من جيبه ليطعن بها الضابط الياباني فيطلقون عليه النار.

يفشل اليابانيون في اقناع أي صيني بحمل العلم الياباني فيقومون بقتل الجنود الصينيين الأسرى المتبقين برشهم من الخلف!

بالطبع لم تكتمل فرحة اليابانيين باقتحام تشانغد لأن الفرقة الصينية الـ (18) عبرت نهر (يانجي) واشتبكت مع الكتيبة 39 من الجيش الياباني ورفض القائد الصيني (يو) المكلف بحماية تشانغد مغادرتها مفضلا الموت شهيداً مدفوناً في تشانغد على أن يتركها لليابانيين .

وفي رسالة وداع كتبها لزوجته يقول : ” حُبي (تشيونغ هوا) بدون ذخائر ومن دون تعزيزات ورجال يموتون ، أسوار المدينة تم اختراقها ، أنا عاقد العزم لأهب حياتي فداء للدولة ، لإبادة هؤلاء الغزاة ، أتمنى أن تتذكروني دوماً ،  كل الرجال يموتون في نهاية المطاف ، لكن لنترك شيئاً في التاريخ مع الآمال ، بأن يستفيد منها الآخرون بعد ما اتخذت قراري ،أقف أمام اللجنة، لأكون مذكوراً في قاعة الأبطال ، زوجتي الحبيبة مهما يحدث، ما لم يرحل الغزاة ، لن أترك (تشانغد) أبداً ، إذا قُتلت في المعركة ، فقد أكون مدفوناً في (تشانغد) ،أرجوكِ لا تكوني حزينة ، مع فائق إخلاصي” التوقيع (يو تشينغ وان ).

مشهد آخر ليس أقل عبرة من الأول.. يقوم الكابتن قائد المعركة بزيارة الجرحى فيمد يده اليمنى للتسليم عليهم ويقترب من جندي قُطعت كفه اليمنى فيخجل من نفسه ويمد اليد اليسرى فيتفاجأ أن اليسرى مقطوعة أيضاً ! فيحييه تحيةً عسكرية على الرغم من أن الجريح أقل رتبة ويتبعه جميع الضباط المرافقين برفع التحية لكل الجرحى المتواجدين في المستشفى.

توقفت كثيراً عند هذا الفيلم وعند قول ( الرائد تشاو) بعد ما هرب العقيد دينغ شياو فينغ مع عدد من أفراد فرقته وبقي الآخرون ثابتين في مواقعهم نحن المئة المتبقين لم نخذل ولن نخذل الصين مفجراً نفسه حتى لا يأسره الأعداء !

*كاتب سياسي سوري

نعم هذه هي الصين وسر نجاحها اليوم يعود لعقيدة مواطنيها بالموت فداء للوطن وأن يصبح الجندي اسماً في لوحة الأبطال أفضل من أن يترك الغزاة يدنسون أرض وطنه!

غسان رمضان يوسف – رئيس تحرير موقع أصدقاء سورية – باحث في شؤون الصين وآسيا