آبدة سورية هامة تحمل تاريخها الفريد بين حجارتها وتحكي عن نفسها بشموخ وعزة لكل القادمين إليها عبر المدى الممتد من اول التاريخ إلى اشراقيات الوجود والتواجد…
بِطلَّة مهيبة تبهر الناظر إليها تشمخ قلعة المرقَب إحدى اهم القلاع التي بُنيت في العصور الوسطى في العالم بأسره
اسمها بالعربية المرقَب وباليونانية مارغابوس ومارغات بالفرنجية
بُنيت قلعة المرقَب بحجارة البازلت الأسود ماتجعلها تبرز أكثر وتتباين أكثر مع مايزنرها من سفوح ذات رياض وبساتين وتقع على بُعد ٣٥ كيلومتر شمال مدينة طرطوس الساحلية وعلى بُعد ٥كيلومترات جنوب شرقي مدينة بانياس وترتفع مايقارب ال٥٠٠م عن سطح البحر، فالمسافر من اللاذقية او من طرطوس ومهما كان على عجل لايمكن إلا أن يتوقف بُرهةَ اندهاشٍ حينما يصل إلى مشارف بانياس أمام تلك التلة المغطاة بالبساتين على درجات حيث تنتصب قلعة المرقب بشكلها المعماري وهو عبارة عن مثلث مساحته نحو ٦٠٠٠٠م٢ وفيها سور مزدوج أحدهما خارجي والآخر داخلي لزيادة تحصينها ومناعتها ويحتوي السور الخارجي على أربعة عشر برجاً دفاعياً منيعاًومن يقف على أحد هذه الأبراج فإنه سيشاهد البحر والشطآن والقمم البنفسجية فيشعر وكأنه أمام لوحة خلابة ويشعر بأنه على متن سفينة عملاقة حطت على ذروة هضبة عالية بديعة الجمال وفي داخل القلعة الكثير من المنشآت والمباني مثل قاعة الفرسان والقاعة الملكية وكنيسة هي أكثر الابنية ارتفاعاَ بين الأبنية المحيطة بالساحةالرئيسة ومخططها شبيه بمخطط كنائس جنوب فرنسا في القرن الحادي عشر.
انتبه المخططون العسكريون لأهمية موقع القلعة قبل الصليبيين بعشرات السنين فتنافس عليها البيزنطيون والعرب طوال القرن الحادي عشر الميلادي وقد أجمعت المصادر العربية التاريخية بأن أول من بناها هم العرب المسلمون عام ١٠٦٢م وقد تغير أسياد القلعة أكثر من مرة حتى عام ١١٤٠م عندما تم ترميمها وأصبحت معقلاً للصليبييين ثم سيطر عليها الاستباريون عام ١١٨٦م فأصبحت من أهم المواقع الحصينة على امتداد الساحل السوري، استعادها السلطان قالوون عام ١٢٨٥م بعد معارك عنيفة وحصار طويل وتوجد كتابات في أحد صفوف الحجارة الكلسية فيها تُخلِّد ذكرى الانتصارالنهائي لفاتحي القلعة التي استعادت بدخولهم اسمها العربي المرقَب بعد مارغات اسمها الافرنجي نظراً لأهمية القلعة القلعة تراثياً وطبيعياً فقد أُدرجت على قائمة مشروع/اليورميد/التابع لاتحاد دول اليورميد وهي اسبانيا واليونان وسوريا والبرتغال والجزائر ومصر بهدف توثيق الثراث الدفاعي لدول البحر الأبيض المتوسط والمحافظة على القيمة الاقتصادية والحضارية للمواقع الدفاعية المطلة على مسطحات مائية..
قلعة باقية بمجدها وعنفوانها تُذَكِّر بأننا كنَّا وكان التاريخ هاهنا مُرتَقَبٌ في قلعة المرقَب آبدتنا السورية العربية الخالدة
اعداد: مجد حيدر