وليد المعلم… دبلوماسي مقاتل دافع عن سورية حتى آخر رمق

ودعت دمشق اليوم دبلوماسيها المحبوب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم بعد أن حفر في ذاكرة السوريين تاريخاً من العمل السياسي والوطني الذي لم يخل من مواقف لافتة بلغته الدبلوماسية الهادئة والحاسمة معاً التي تحمل الثقة والشموخ والرفض لأي مساس بسورية وحقوقها.

فقبل أيام آثر الوزير المعلم إلا أن يشارك في افتتاح المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين متحدياً المرض الذي بدا واضحاً على ملامح وجهه ليوجه عبر حضوره دعوته الأخيرة لأبناء سورية للعودة إلى أرض الوطن بعد أن كان حمل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون الشهر الفائت رسالة ينتقد فيها الدور الغربي في عرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم وقيام القوى الغربية بتسييس قضية المهجرين لتحقيق أجنداتها السياسية.

مواقف الوزير المعلم دفعت بالاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات عليه ضمن الشخصيات الوطنية منذ عام 2011 ولاحقاً العقوبات الأمريكية نتيجة فضحه الدور الغربي في دعم الإرهاب ضد الشعب السوري لكنه لم يتوقف عن انتقاد السياسات الغربية وفضح الإجراءات القسرية ضد سورية ووصف المسؤولين الغربيين بـ “جوقة من الكاذبين” وقال خلال كلمة سورية أمام الدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة إن “قانون قيصر” يستهدف الضغط على الشعب السوري في لقمة عيشه وحياته اليومية ومحاولة لخنقه.

وبالعودة إلى جنيف 2 عام 2014 عندما سجل المعلم موقفاً فارقاً في تاريخ الأمم المتحدة بإصراره على إنهاء كلمته المتعلقة بسورية وتجاوز الوقت المحدد رغم إلحاح بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة آنذاك المتكرر لاختصار كلمته حيث رد المعلم بهدوء شديد “قطعت كل تلك المسافة بالطائرة لأتحدث عن سورية أعطني بضع دقائق فقط” ولكن بان كي مون عاد لتنبيه المعلم بضرورة الاختصار ليأتي جواب المعلم.. “سورية دائماً تفي بوعودها.. لا أستطيع أن أجزئ هذه الكلمة.. ولا أستطيع أن أعدك أن أنهيها.. علي أن أكملها كلها” ليعاود الكلام لعشرين دقيقة أخرى دون أن يقاطعه الأمين العام من جديد.

ولم يكتمل المشهد إلا عندما لوح المعلم بإصبعه موجهاً رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري قائلاً كلمته المشهورة.. “سيد كيري.. لا أحد في العالم له الحق في إضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريون أنفسهم”.

ذلك المشهد لن ينساه السوريون وربما غيرهم فهو علامة سورية مسجلة باسم الوزير المعلم صاحب الحنكة والقوة اللتين استخدمهما بمهارة سلاحاً للدفاع عن سورية أمام أعتى جبهات الحروب الدبلوماسية والسياسية.

ولطالما ترجم المعلم الموقف السوري الثابت والمتمسك بالمبادئ الوطنية واستعادة الأرض المحتلة عندما قال أمام الدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة.. “حالم من يعتقد أن الظروف الصعبة التي تمر بها سورية ستغير من حقيقة أن الجولان كان وما زال وسيبقى أرضاً سورية نناضل من أجل استعادتها الكاملة حتى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وأن هذا الأمر لا يمكن أن يخضع للمساومة أو الابتزاز أو أن يسقط بالتقادم”.

والمعلم حرص على ترسيخ موقف سورية الداعم للشعب الفلسطيني في ذهنية المجتمع الدولي فاعتنق الكلمة المقاومة التي كانت تصدح في كل الميادين لتنطق بكلمة الحق التي قل من ينطق بها في هذا الزمن.

حقق المعلم خطوات دبلوماسية دولية متقدمة منذ بداية الحرب على سورية عام 2011 ونجح في توضيح حقيقة ما يجري من تداعيات المؤامرة في كل محفل ومناسبة محلية ودولية وكشف زيف الادعاءات الأمريكية لتغطية أطماعها عبر تصريحات عديدة آخرها كان في المؤتمر الصحفي الذي شارك به المعلم خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دمشق في أيلول الماضي وجملته التي احتلت “المانشيت” العريض في العديد من الصحف “واشنطن تفرض العقوبات لأنه لا يعجبها القرار السوري المستقل.. ولا يعجبها موقفنا من إسرائيل ومن المقاومة”.

سانا