فكره…. ٥ الهدية والرشوة

يُعتبر تقديمُ الهدية تعبيراً شفافاً عن التقدير والمحبة والصداقة مالم تكن الهدية بطبيعة الحال – استجراراً لمنفعة لأنها في هذه الحالة ستكون رشوة وشتّان بين الهدية والرشوة. ومن الملاحظ أن الهدية لاتستمد قيمتها من غلاء ثمنها بقدر ماتستمدها من كونها تعبيراً صادقاً ومخلصاً عن المشاعر الحقيقية. يخطىء الكثيرون حين يُرهقون أنفسهم بشراء هدايا غالية الثمن لأصدقائهم في الوقت الذي كان يكفيهم فيه ماهو أقلُ ثمناً وأبلغُ تعبيراً، أقول هذا الكلام وأنا ماأزال أذكر القصة المؤثرة التالية التي قرأتها في أحد الكتب :كانت إحدى المعلمات ستتزوج في نهاية العام الدراسي وفي آخر يوم من أيام الدراسة وضعت إحدى التلميذات لُفافةً ومعها رسالة على طاولة المعلمة، وأسرعت بمغادرة الصف، والخجلُ والارتباكُ يظهران عليها، وبعد أن غادر كل التلاميذ غرفةَ الصف فتحت المعلمةُ الرسالة وقرأت فيها وقرأت فيها :(عزيزتي ومعلمتي الغالية نحن جميعاً آسفون لأنك سترحلين عنا ولكننا نريدك أن تكوني سعيدة وقد ظللت أدخر وأدخر لأشتري لك هديةَ زفافٍ جميلة ولكن مااستطعت إدخاره لم يكن كثيراً ولن أستطيعَ شراءَ شيءٍ جميل بهذا المبلغ الصغير، لقد قالت لي أمي إن الناس حين يتزوجون تكون أشياؤهم كلُها جديدة بحيث لا تكون لديهم خِرَقٌ بالية التي سيحتاجونها لمسح الحمام وإزالةِ الغبار عن الأثاث وغسلِ النوافذ، وهكذا جمعت لي أمي بعض مالدينا من خِرَق وهي لا تحتاج إليها كلها… أرجو أن تُحبي هديتي مع حبي الكثير)ومن خلال ضباب الدموع فتحت المدرسة اللُفافة وجدت فيها قِطعاً قديمةً رقيقة من أقمشةٍ مختلفةِ الألوان وقد مُزقت بأناقة إلى مربعاتٍ وغُسِلت وكُويت بعناية.. لقد كانت هديةً رائعة لأنها كانت تعبيراً صادقاً عن المحبة.. ألم نقل من قبل إن الهدية تكون أقربَ إلى القلب إذا كانت صادرةً عن قلبٍ مفعمٍ بالحب والإخلاص..

مجد حيدر