تسعى روسيا منذ سنوات للحصول على دعم من المجتمع الدولي بغرض إعادة الإعمار في سوريا، ولكن الدول المانحة لا تلبي ذلك بذريعة أولوية التسوية السياسية اولاً.. وهو امرٌ ليس مهماً وحسب وإنما من الأولويات حقاً، الكل يتساءل في سوريا وخارجها ما هي مبررات ومقومات العودة إلى الوطن؟ الوطن لا يحتاج لمبررات، ولكن خصوصية الوضع تطرح نفسها، فالتسوية السياسية لم تحصل، وليس من اتفاق صريح يُحكى عنه، وإلى أين سيعود ذاك اللاجئ. وماذا ينتظره في بلده الذي تشارك الجميع في تدميره، ها هم اليوم يحيدون عنه، كلٌ يريد الحصة الأكبر من الاستثمار في إعادة الإعمار ليس بدافع إنساني وإنما لغرض الربح والمنفعة، على الرغم من عودة الكثيرين داخل سوريا إلى منازلهم. ها هي المنظمات الدولية والدول الأوروبية تعارض وتستهجن هكذا مؤتمر لأنه لم يحن وقته بعد حسب رأيهم. المؤتمر عُقد وبحضور دول عدة صديقة لسوريا، ولكن يبدو أن الموضوع ليس مسألة لاجئين وحسب بل هناك أبعاد سياسية كبيرة.. فما زالت الدول الكبرى ترى الساحة السورية مكانا مستباحا لخلافاتها المصلحية، متناسية الوجع السوري الذي لامس رغيف الخبز اليوم.. فالكل موقفه حازم، تُرى لو كانت غايتكم حقاً إعانة الشعب السوري وتحسين واقعه فلماذا تقفون هذا الموقف؟ احضروا وناقشوا واختلفوا وساعدوا.. ألم تكونوا منذ سنوات خلت حريصين عليها؟! وبعثتم بكل اسلحتكم لتجربوها فوق سكانها من الاطفال والنساء والعُجز! تتذرعون بالفساد في سوريا وكأن دولكم مسارها قائم على الصراط المستقيم، وفوق هذا تتناسون الحصار والتجويع والقتل البطيء.. كلنا يعلم أن سوريا بحاجة إلى حل سياسي قبل اي شيء، ولكننا نعي جيدا ان مصلحتكم هي الأهم، وما فعلته وتفعله تركيا حتى اللحظة في الشمال السوري لأكبر دليل على عدم مصداقيتكم، ونعلم أيضا ان الصداقة شيء لا مكان له في عالم السياسة الكبير. اعتكفتم لأنكم غير مقتنعين بجدوى المؤتمر (لا يخدم مخططاتكم) ولكن من يرغب بالمساعدة فالأبواب مفتوحة ومن تذرع فلا داعي للاختباء خلف أصابعه.
فخري هاشم السيد رجب
القبس الكويتية
للمزيد: https://alqabas.com/article/5817891