كان لدينا سابقاً شيئاً من الأمل بأن يدخل الكيان الصهيوني مرحلة حرجة، مرحلةً يتوقف فيها نموه، ويهبط مساره، مستندين إلى معطيات اقتصادية واجتماعية تخص هذا الكيان – الطائفي العنصري – الذي بدأ يعاني من انتشار الجريمة والفساد، ولكن الدعم الغربي الممنهج بقي عنصراً متنامياً لدعم الصهاينة، ولسحق الشعب الفلسطيني والعربي عموماً. دعونا نفرد كلامنا بعيداً عن العواطف والمشاعر المتبقية. فهل حقاً التطبيع يخدم مصلحتنا العربية أو القومية أو حتى وجودنا ولو مشتتين؟ لماذا نُسارعُ هذه الآونة فاتحين الأحضان؟! ولماذا يُسارع البعض إلى القول: «وإن جنحوا إلى السلم فاجنح له»؟! فهل هم حقاً سكان هذه الأرض؟ وكيف نسيتم بهذه السرعة أن الطرف الآخر هو غازٍ محتل، وأن تاريخه الدموي حافلٌ بالمجازر والقتل؟ وهل صارت نكبة فلسطين في خبر كان ، بعد كل ما أنتجته من قيام دولة احتلال غاصبة للأرض والعرض بالقوة، وأنها المسؤولة عن خلق جيل كامل من اللاجئين؟! وهل نسينا حقاً كيف تكالبت دولتان كبيرتان مع دولة الاحتلال في عدوان ثلاثي على دولة مصر الشقيقة فقط لأنها أممت قناتها المائية؟! ولماذا نسيتم أو تناسيتم أننا ما زلنا نعاني من نتائج نكسة حزيران/يونيو التي شكلت قضية أخرى بحد ذاتها صَعّدت الصراع وأضافت دوراً جديداً إلى الحركة الصهيونية في دعم كل التوترات في العالم، خصوصاً اللعب على وتر الطائفية (وهو كلام نطق به أول رئيس وزراء لدولة الاحتلال)، حاملاً أجندة تقسيم الأردن ولبنان وإنشاء دولة مسيحية… إلخ، وبعده جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين الذي دعم الأكراد في شمال العراق فأرسل لهم 150 مستشاراً عام 1995 ليتمكنوا لاحقاً (أي اليوم) من التمرد والمطالبة بدولة مستقلة من دولة كانت قد احتضنتهم؟ ولا ننسى ما حصل في الجزائر.. وغيرها، فعن أي سلامٍ وأي تطبيعٍ تتحدثون؟ للعلم والتذكير: إن من أهم ما سعى رواد بني صهيون لتثبيته غربياً وعالمياً أنهم شعب متحضر أتى إلى المنطقة لكي يحمي العالم من شعب عربي بدائي متوحش، من ميزاته الثابتة أنه: قاتل، ولص، وجبان، ومخرب….. وبعد كل هذا نلهث وراء التطبيع ونكران الذات متناسين حقائق أخطر وأكبر وللأسف هي واضحة بينما نتعمد نحن غض الطرف، فلا أعتقد أنه قد حان الوقت لننسى قرار الكنيست عام 2018 بأن حق تقرير المصير في إسرائيل ولليهود حق مقدس. وللعلم اليهودي العربي في كيانهم مهان ولا يتمتع بنفس حقوق اليهودي الغربي….. فأي مصلحة؟ وأي سلام؟ إن التطبيع خدمة تاريخية لإسرائيل، التطبيع يعني أننا سوف نكون مخترقين من الصهاينة عبر بوابات فتحناها لهم بقرارات ممهورة بالرضا لينعموا بالرفاه الاقتصادي أولاً وليعبثوا حتى بجذور هذه الأمة. لم يبق إلا أن نقدم التهاني لدولة الاحتلال بالعبرية. وللعلم ما حصل لسوريا من تدمير وتآمر ممنهج هو للوصول لهذه النتيجة المؤلمة، التطبيع.
فخري هاشم السيد رجب- صحافي وكاتب كويتي – صاحب موقع (أصدقاء سورية) Syriafriends.net
للمزيد: https://alqabas.com/article/5802600