الشاعر الراحل عيسى أيوب عرّاب الأغنية الوطنية وكاتب مبدع للأطفال

عشق الشاعر السوري الراحل عيسى أيوب وطنه فكان الحاضر الأكبر بقصائده وأغانيه التي حفرت بقوة في ذاكرة المستمع العربي فتجاوز عددها الـ 2500 لكبار المطربين السوريين والعرب.

أيوب الذي ولد عام 1946 في بلدة الحواش بريف حمص كتب الشعر فتىً يافعاً وتشرب صوره ومعانيه من ريف حمص الغربي الساحر والخلاب ومن أحياء دمشق القديمة التي عاش فيها بحكم عمل والده وعندما كان يعود مع أسرته إلى الحواش في الصيف كان يقيم حفلات وفقرات مسرحية قام بكتابتها وتمثيلها مستثمراً وجود فنانين كبار في الحواش للتنزه ليشاركوه فيها أمثال الراحل الكبير وديع الصافي والمطربة القديرة سميرة توفيق.

هذه البيئة الجميلة والمتنوعة صقلت شخصية أيوب الشعرية فكانت أول أغنية كتبها استوحاها منها بعنوان هات الدربكة والعود غناها الصافي وتتالت أغانيه بعدها التي تهافت عليها نجوم الغناء في سورية ولبنان.

أيوب الذي ترك دراسة الرياضيات في الجامعة لصالح اللغة العربية عشقه الأول يشغل الغناء الوطني زهاء نصف أعماله ليعكس إيمانه العميق بالأرض وتمسكه بثوابتها وما تزال أغانيه هي الأكثر حضوراً من (نهر الشام) و(بلدي الشام) و(يا طير سلملي على سورية) و(يا سورية عزك دام) وغيرها الكثير مشكلاً في أغلبها ثنائية مع الموسيقار الراحل سهيل عرفة.

وروى الراحل عرفة في تصريح سابق لـ سانا كيف أيقظه الشاعر أيوب بإحدى الليالي فرحاً بولادة ابنه البكر وليقرأ عليه قصيدة (يا بلادي خدي شادي) التي أصبحت أغنية ذائعة.

ورغم مشاغل الراحل الكثيرة حيث كان عضواً في اتحادي الكتاب العرب والصحفيين والجمعية الدولية للمؤلفين والملحنين ورئيس لجنة مراقبي النصوص في التلفزيون فإنه جير عمله كرئيس لمكتب الموسيقا ومسرح الأطفال بقيادة منظمة طلائع البعث منذ تأسيسها للعمل مع الأطفال مقدماً عبر مسيرته لهم نحو 350 أغنية و70 أوبريت غنائي و200 مسرحية عرائس و50 مسرحية خيال الظل و30 مسرحية للكبار والصغار.

حظيت أشعار أيوب باهتمام الدارسين الذين رأوا فيها منبتاً للأغنية الشعبية الأصيلة القريبة من القلب والمشاعر فكان واحداً من أعلام الأدب والشعر الشعبيين الذين ذاع صيتهم من سورية إلى العالم عبر مشاركاتهم في المهرجانات والأمسيات الشعرية والمراكز الثقافية والجامعات.

وقدم الشاعر الراحل جانباً من تراث سورية العظيم الذي نفتخر به والذي يعشعش في ذاكرتنا ومنه ما يسمى بالقراديات كما أعد وقدم البرنامج الزجلي كرم وعناقيد على أثير إذاعة دمشق.

وكان أيوب مدرسة يحتذى بها في الإلقاء الشفاف الوجداني الذي كان أشبه بالبوح فيزيد جمال نصوصه جمالاً ليردده جيل كامل.

ترك أيوب الذي رحل عام 2001 عن 56 عاماً إثر مرض عضال 12 ديواناً شعرياً بالفصحى والعامية ترجم بعضها إلى الإيطالية فضلاً عن دراسات تربوية وتراثية ومقالات غنائية وعمل رئيساً لتحرير مجلة الطليعي وحاز الكثير من الجوائز المحلية والدولية ومنها تكريم من القائد المؤسس حافظ الأسد لمساهمته في أعياد سورية واحتفالاتها وجائزة أفضل أغنية وطنية في الوطن العربي والجائزة العالمية لأغنية الطفل في إيطاليا وغيرها الكثير.

سانا