على مدى نصف قرن أخلصت الفنانة التشكيلية ليلى رزوق للمدرسة الواقعية في الرسم والنحت عبر إنتاج أعمال مرتبطة بالتراث الحضاري السوري.
رزوق التي ولدت ونشأت في بلدة السقيلبية بريف حماة جسدت بأعمالها تفاصيل شديدة الوضوح والبروز اعتمدت على طريقة تركيب طبقات اللون في اللوحة وعلى الخامات المتنوعة في النحت لتقدمهما عبر تكوين حكائي ومشهدية يرويان فصولاً من تاريخ بلدتها.
وترى الفنانة ليلى رزوق أن الالتصاق بالأرض وجمال الريف والطبيعة في ريف حماة جعلها ترسم لوحاتها من وحي الطبيعة السورية وتصف القرى وضوء القمر وترسم الزي واللباس الفلكلوري الشعبي وصولاً إلى تقديم تراثنا الحضاري العريق.
وحول حضور التفاصيل التاريخية والمتحفية في أعمال رزوق يبين الناقد والفنان التشكيلي أديب مخزوم أن تجربة هذه الفنانة تأتي من منطلق متابعتها الدائمة ودراستها المتواصلة لتراث بلدتها رغم إقامتها في دمشق حيث يلاحظ المتلقي في أغلب أعمالها المرأة الريفية بزيها الذي يمتد بجذوره إلى الحضارة التدمرية.
ويرى مخزوم أن مشروع رزوق التشكيلي يتميز بأرشفة التراث وجعل شواهده وعناصره مواد قابلة للتغيير ما يضفي على أعمالها الناحية الأسلوبية ويظهر قدرتها على التلاعب بالسطح التصويري ولا سيما عندما تقوم باستعادة متواصلة لثنائية الماضي والحاضر.
ويلفت إلى أن رزوق تظهر عبر أعمالها معرفة تاريخية بكل ما شاع من تشكيلات وفنون وأزياء قديمة باعتبارها من المهتمات حاليا بتصميم الأزياء في حين تأخذنا ببعض الأعمال إلى مشاهدات شكلية تتماهى أكثر مع ضرورات التأليف الفني منوهاً بقدرتها على صياغة تفاصيل صغيرة ودقيقة تجسد موضوعات غنية ومختلفة منها لوحات أيقونية وكنسية فيها ملائكة وأحصنة تجر عربة محمولة على الغيوم وسابحة في الفضاء.
وأنجزت رزوق وفق الناقد مخزوم مجموعة واسعة من الأعمال أبرزت جمالية الانتقال من الواقعية إلى أجواء روحانية وخيالية أحياناً جعلت لوحاتها تحمل حركة تعبيرية ورمزية وتنسجم في الوقت عينه مع الأجواء التاريخية متوقفاً عند الوجوه البشرية في لوحاتها التي تعرض لهموم لا تحصى وأوجاع لا تنتهي من الوجوه الطفولية والوجوه الحاملة ملامح عمرية أكبر مستمدة من بيئتها وذاكرتها فضلاً عن تجسيد لقطات بائسة لأفراد وبشكل خاص المرأة الريفية فنقلت معاناتها وكأنها عنصر مكمل العذاب الإنساني.
ومن المقرر تكريم الفنانة التشكيلية ليلى رزوق خلال ندوة ومعرض جماعي في أيلول القادم بالمركز الثقافي في كفرسوسة تقديراً لدورها الفني في إغناء الحركة التشكيلية السورية.
سانا