الاقتصاد الرقمي يصبح “حاضنة” للوظائف في الصين

الاقتصاد الرقمي يصبح
الاقتصاد الرقمي يصبح "حاضنة" للوظائف في الصين

تشيو جيون يعمل في إحدى منصات توصيل الطعام عبر الإنترنت في الصين، منذ شهر مارس الماضي، وهو ينجز حوالي أربعين طلباً للتوصيل يومياً حالياً. بعد اندلاع الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في الصين، لم تتقلص وظائف توصيل الأطعمة، بل بالعكس، ازداد عددها، حيث يعمل هؤلاء الموظفون على توصيل الأطعمة وغيرها من الحاجات اليومية إلى ملايين الأسر منذ تفشي المرض، وقد أصبحوا “شريان الحياة” خلال الوباء. وبفضل أسلوب العمل الذي تكون في الاقتصاد الرقمي، حافظت الصين على إدارة المجتمع بصورة مستقرة ومنتظمة أثناء فترة تفشي المرض، الأمر الذي أثبت الحيوية القوية للاقتصاد الرقمي وقدرته على توفير فرص العمل. وقد نشرت قناة (CNBC) الأمريكية المتخصصة في أخبار المستهلكين والتجارة، مقالاً، مؤخراً، ذكرت فيه أن الوباء سرّع تنمية التجارة عبر الإنترنت والبث المباشر من خلاله وغيرهما من الصناعات، بينما أصبحت وظائف العمل التي يشتغل فيها المزيد من الصينيين أكثر “رقمية”، وصار الاقتصاد الرقمي “حاضنة” لوظائف العمل في الصين حالياً، وذلك يرجع لعدة أسباب: أولاً، تنوع الحاجات في وظائف العمل للاقتصاد الرقمي. ووفقاً ل((تقرير البحث حول تطوير العمالة في الاقتصاد الرقمي الصيني))، الذي نشرته مؤخرا الأكاديمية الصينية لعلوم المعلومات والاتصالات، فإنه من بين إعلانات التوظيف المتعلقة بالاقتصاد الرقمي عام 2018م، اشترطت 37.8% من جميع وظائف العمل العالية والمتوسطة الحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس، و 5.5% منها اشترطت شهادة المعاهد المهنية المتخصصة أو الثانوية العامة، وبين الوظائف ذات المؤهلات الأكاديمية الأقل، احتل الحاصلون على الشهادة الإعدادية وما دونها 28.9%، بينما 19% من الوظائف لم تشترط الحصول على مؤهلات. ومع التكامل العميق للتكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الحقيقي، ظهر عدد كبير من الصناعات والأشكال والنماذج الجديدة، فهي لا تتطلب فقط موظفين تقنيين ذوي مؤهلات تعليمية عالية، بل تتطلب عدداً هائلاً من الوظائف ذات المتطلبات المنخفضة نسبيًا في خبرة العمل والمؤهلات الأكاديمية، ما أدى إلى توفير المزيد من فرص العمل. ثانياً، تنافسية رواتب الوظائف في الاقتصاد الرقمي .. وبحسب “التقرير”، فقد بلغ متوسط الراتب الشهري للوظائف في الاقتصاد الرقمي 7057 يوانًا في عام 2018م، وهو أعلى بنسبة 23.9٪ من متوسط الرواتب الشهرية في المؤسسات الكبيرة والمتوسطة في نفس الفترة. ووصل متوسط الراتب الشهري للموظفين الذين تخرجوا في معاهد متخصصة أو أعلى إلى 10922 يوانًا، وهو يتجاوز بكثير متوسط مستوى رواتب المؤسسات الكبيرة والمتوسطة، حيث بات من الواضح أن مستوى الراتب الأعلى يساعد على خلق وظائف جديدة باستمرار. ويجب أن نلاحظ أيضًا أنه في السنوات الأخيرة، أدى التطور السريع للتجارة الإلكترونية والاقتصاد التشاركي وغيرهما من الصناعات إلى ظهور عدد كبير من الوظائف بدوام جزئي مع ساعات عمل مرنة، لتصبح قوة مهمة في استقرار التوظيف في الصين. وهناك مثال حي للغاية ظهر أثناء الوباء، حيث “استعارت” شركة فريشيبو وغيرها من شركات البيع بالتجزئة العديد من القوى العاملة بسبب زيادة طلباتها، حيث اُعتبر “التوظيف التشاركي” ((مختلف الشركات تتشارك موظفيها فيما بينها)) إنجازاً جديداً آخر للاقتصاد التشاركي في الصين، وهي أيضًا مثال ناجح للتوظيف المرن. وتظهر البيانات أن معدل مساهمة الاقتصاد الرقمي في نمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2019م بلغ 67.7%، ما يبرز أهميته الواضحة. وفي عامي 2019 و2020، أصدرت الإدارات الحكومية المعنية بالصين ثلاث مجموعات لتسمية 38 مهنة جديدة، ومن بينها تجاوزت نسبة عدد المهن المتعلقة بالاقتصاد الرقمي 50%. ومع استمرار نمو حجم الاقتصاد الرقمي في الصين، يتوسع نطاق الأعمال التجارية للتصنيع الرقمي بسرعة، ويتسارع التحول الرقمي للصناعات التقليدية، ما يؤدي إلى عدد كبير من الاحتياجات المهنية الجديدة. ووفقًا لتوقعات مجموعة بوسطن الاستشارية بالولايات المتحدة، فإنه بحلول عام 2035، سيقترب حجم الاقتصاد الرقمي الإجمالي للصين من 16 تريليون دولار أمريكي، وسيصل معدل اختراق الاقتصاد الرقمي للمجالات الأخرى إلى 48%، ومن المتوقع أن يصل إجمالي قدرة التوظيف إلى 415 مليون وظيفة.

إن الاقتصاد الرقمي يقود الصين إلى تشكيل اتجاه توظيف جديد، من أجل تحقيق تحولات جديدة من التوظيف الثابت إلى التوظيف المرن، ومن التوظيف التقليدي إلى التوظيف الحديث.

ومن الواضح أن نمو الاقتصاد الرقمي بشكل أكبر سيصبح القوة الرئيسية الدافعة للتنمية الاقتصادية في الصين، كما سيصير خزاناً احتياطياً قوياً لفرص العمل.

شينخوا