هل يمكن لطاقم الطائرة أن ينسى إنزال العجلات؟.

كشف سامي الرحيلي، خبير ومؤرخ طيران ومحقق كوارث جوية، عن حدوث 16 حادثة طيران بسبب عدم إنزال العجلات أثناء الهبوط، على الرغم من أن هذا الإجراء من أهم مراحل الوصول للأرض، ومن أبجديات الطيران. وقال “الرحيلي” وفقًا لـ”سبق” في أعقاب تغريدة له في حسابه بـ”تويتر” عن ظروف نسيان طاقم الطائرة إنزال العجلات: من المؤكد أن هناك احتياطات وإجراءات وضعها مصنعو الطائرات لمنعها من الهبوط وعجلاتها مرفوعة. كذلك فإن منظمات الطيران الدولية شرعت القوانين والسياسات لتفادي ذلك، كما أن اللوائح التشغيلية وإجراءات شركات الطيران فعّلت تطبيقها؛ ما يجعل أمر نسيان إنزال عجلات الطائرات قبل الهبوط أمرًا نادرًا، ومن شبه المستحيل وقوعه إلا في أضيق الحالات.

وتابع: لضمان عدم حدوث ذلك قام مصنعو الطائرات بتجهيزها بأجهزة تحذير ضوئية وصوتية، عند اقتراب الطائرة من الأرض أو من مدرج الهبوط والعجلات مرفوعة، كما أن أنظمة الطيران التي تطبقها الدول من خلال المنظمات المختصة بالطيران تفرض إجراءات تلزم أطقم القيادة بتطبيقها، منها “قائمة الفحص والمراجعة”، وهي قائمة تتضمن فحص عناصر متعددة عن العمليات التشغيلية لكل مرحلة من مراحل الطيران، ويقوم بمراجعتها طاقم القيادة عند كل جزء من رحلة الطائرة، ابتداء بتشغيل الطائرة والتحرك على أرضية المطار، والاستعداد للإقلاع، وما بعد الإقلاع من مراحل حتى مرحلة الاستعداد للهبوط، وما يتبعها من مراحل.

وأضاف: “تقل حوادث نسيان عجلات الطائرات في الطائرات المدنية التجارية، بل تعتبر شبه معدومة نتيجة للقوانين الملزمة التي تتبعها شركات النقل الجوي بحذافيرها، والتدريب العالي المستمر لأطقم القيادة، وخبرتهم الطويلة التي تمتد إلى الآلاف من ساعات الطيران، تساعدهم في ذلك أجهزة التنبيه الحديثة في الطائرات التي يقودونها”. وأشار “الرحيلي” إلى أن تلك الحوادث تزداد قليلاً في الطيران العسكري نتيجة للمهام والطبيعة التشغيلية التي تتبع قيود أقل صرامة في تنفيذ بعض الإجراءات. بينما تكثر بصورة أكبر في الطيران العام “طيران الهواة”.

وقال: يمكن للطاقم أن يخطئ في تطبيق بعض التعليمات والإجراءات التي قد تسبب عدم نزول العجلات. ويحدث ذلك عندما يفشل في تنفيذ قائمة التحقق من الهبوط، وتأكيد تمديد معدات الهبوط، والتغاضي عن التنبيهات والتحذيرات التي تقدمها أجهزة الطائرة. وبيّن أن الحوادث التي وقعت نتيجة لعدم إنزال العجلات بسبب الأخطاء البشرية محدودة جدًّا، وتكون عادة ناتجة من عوامل عدة، منها على سبيل المثال: عدم الالتزام بإجراءات التشغيل القياسية للطائرة، الإجهاد، المبالغة في الثقة العالية في النفس، الاعتماد على الذاكرة، الاجتهاد في أداء المهام بصورة غير الموصى بها، عدم الوثوق في الحاسبات والأجهزة الإلكترونية الحديثة (صراع الإنسان مع الآلة وعدم تقبله تفوقها عليه) وعدم إجراء قائمة التحقق أو جزء منها.

وكشف سامي الرحيلي عن أشهر تلك الحوادث، وهي رحلة خطوط “كونتيننتال” رقم 1943 من واشنطن إلى هيوستن في 26 فبراير 1996. عندما هبطت على بدنها في المدرج 27 بمطار هيوستن بولاية تكساس، ونتج منه انزلاق الطائرة لمسافة تزيد على 2000 متر، قبل أن تتوقف في العشب على بُعد 40 مترًا خارج المدرج.

وتم إخلاء الطائرة، التي بدأت مقصورتها تمتلئ بالدخان، من 82 راكبًا و5 من طاقم الطائرة، الكابتن ومساعده و3 مضيفات، كانوا على متنها. ولم تحدث وفيات أو إصابات خطيرة. وتم الإبلاغ عن 12 إصابة طفيفة للركاب. وتعرضت الطائرة لأضرار كبيرة في جسمها السفلي. وأبان أن سبب الحادث هو فشل طاقم الطائرة في إكمال “قائمة الفحص المرجعية” داخل نطاق مرحلة الاقتراب من المطار بشكل صحيح؛ إذ تم فحص كل عنصر من العناصر السبعة بالترتيب الصحيح باستثناء البند الرابع، الخاص بـ”المكونات الهيدروليكية”، الذي كان يعاني نقصًا في الضغط الهيدروليكي، لا يمكن معه خفض معدات الهبوط ونشر لوحات “الفلاب”.

كما أن الطاقم تجاهل جميع أصوات التنبيهات المتقطعة الثلاثة الصادرة عن “نظام تحذير القرب من الأرض” (GPWS) ، وكذلك من بوق تحذير معدات الهبوط، وعدم تأكده من إضاءة المؤشرات المؤكدة لتمديد معدات الهبوط. ومع كل ذلك أكمل الطاقم عملية الهبوط بدلاً من إلغائها. وهناك أيضًا مقطع فيلمي على موقع اليوتيوب، يظهر تجاهل أحد طياري الطيران العام جميع التحذيرات الصوتية في الطائرة التي يقودها، ويهبط بدون أن يُنزل العجلات، ولم يعلم أنه فعل ذلك إلا بعد خروجه من الطائرة.

موقع سائح