كتب راويل مصطفين أن دولا كثيرة في الغرب تنتقل علانية إلى جانب تركيا والميليشيات الجهادية في الحرب الليبية.
يبدو أن لحظة الحقيقة حانت في الحرب في ليبيا، فكثير من القوى الغربية إما تنحاز علنا إلى تركيا وحكومة فايز السراج الإسلامية، أو تحاول تجنب الصراعات المفتوحة معهما، وعملية الاتحاد الأوروبي “إيريني” المدعوة لمنع توريد الأسلحة إلى ليبيا، أثبتت فشلها.
حسب وكالات الأنباء العالمية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته إرسال لواء مساعد إلى تونس المجاورة لليبيا. وكما قال مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شرينكر لفرانس 24 ، فإن رئيس البيت الأبيض لا ينوي بهذا الشكل استلام ليبيا من يد حكومة فايز السراج، التي تعمل كمظلة للمنظمات الجهادية مثل الإخوان المسلمين والقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. ويؤكد الدبلوماسي أن المهمة الرئيسية لهذا اللواء ستكون حماية الطرق التي يتم عبرها توريد المؤن من الغرب لقوات حكومة الوفاق.
لم يكن الحصول على موافقة هذا البلد العربي لإرسال الجيش الأمريكي إلى تونس خلال اجتماعات طارئة مع قيادته أمراً بالغ الصعوبة، ففي البرلمان التونسي كثير من الإسلاميين المعتدلين من حزب النهضة، القريبين إيديولوجياً من الإخوان المسلمين في ليبيا وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا. علاوة على أنه من الخطر على دولة صغيرة مقاومة الضغط الأمريكي. ومع ذلك، لا يشارك جميع التونسيين وجهة نظر حكومتهم ويعارض الكثيرون الصداقة مع الأتراك.
إن سعي الإدارة الأمريكية إلى نشر قواتها في المنطقة يفسر الإصرار غير المسبوق في الحملة المعادية لروسيا التي قام بها الغرب إلى جانب تركيا وحلفائها. استخدم فيها كل شيء من الوقائع غير المؤكدة إلى واضحة الزيف، ومن القصص المخترعة للتو إلى تخيلات السنوات الماضية، وتقرير خبراء مجهولين من الأمم المتحدة من 53 نقطة أعد قبل عام ، وقصص تشبه الحقيقة حول توريد الطائرات العسكرية الروسية، ومزاعم عن نقود ليبية مزيفة مطبوعة في “غوزناك” ومصادرتها من قبل الجمارك بالمناسبة ، قبل حوالي ثمانية أشهر ، وكثير غيرها.
جرى ذلك لهدفين رئيسيين: الأول، من أجل تشويه سمعة موسكو وبالتالي تبرير التدخل الأمريكي في الحرب الليبية ، لأنه ، وفقا لقائد أفريكوم الجنرال ستيفين تاوسند ، فإن روسيا “تواصل تأجيج نيران النزاع الليبي” بدعمها القائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر.
الهدف الثاني هو تأخير ما أمكن ، والأفضل منع إحياء ليبيا. وفقا لدكتور العلوم السياسية الباحث البارز في IMEMO التابعة لأكاديمية العلوم الروسية ألكسندر فرولوف ، عودة ليبيا كمصدر كبير للنفط لا يتفق مع مصالح الولايات المتحدة. في أحسن الأحوال ، سيتم تقسيم الجماهيرية السابقة إلى مناطق نفوذ.
وقال فرولوف: “أخشى أن الآفاق أمام ليبيا قاتمة”، “من الوارد أنه بعد سوريا واليمن والصومال والعراق، ستدخل ليبيا في جو من الفوضى السياسية.” وليس من المستبعد أن تكون لأمريكا في ليبيا مهام أخرى. على سبيل المثال ، يمكن أن يتوضح لحفتر أنه من الأفضل عدم الابتعاد عن روسيا، وربما بعد ذلك تتعامل معه واشنطن بليونة أكثر.
بالإضافة إلى الولايات المتحدة ، هناك عدد من الدول الغربية ، وإن لم تذهب إلى جانب تركيا وحكومة السراج ، فهي على الأقل تحاول تجنب النزاعات معهما.
يدور الحديث على وجه الخصوص عن مشارك مثل إيطاليا في عملية IRINI التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي. بقرار من مؤتمر برلين حول ليبيا، الذي عقد في يناير، تعهد الاتحاد الأوروبي بمراقبة حظر الأسلحة، وفي الوقت نفسه وقف محاولات المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا الوصول إلى أوروبا، وتم تعيين الأدميرال فابيو أغوستيني لقيادة العملية وتخصيص مقر في روما ، وتشكيل قوة من عدة سفن حربية.
بعد ذلك ساد الصمت كما لو أن العملية سرية للغاية. في الواقع ، بدلاً من تفتيش سفن الشحن التركية ، التي تحمل الأسلحة علانية إلى مينائي مصراتة وطرابلس ، كانت الزوارق العسكرية الإيطالية إما تقف في الموانئ ، أو تختار الطرق خصيصا حتى لا تقابل السفن التركية. ووفقا لبوابة الأخبار العسكرية Bulgaranmilitary.com، التي تستشهد ببيانات الصحفي الإيطالي المستقل أنجيلو كامبيلا ، كانت فرقاطة فرنسية واحدة فقط ، هي جان بارت، تراقب الوضع.
هكذا ، بعد حوالي تسع سنوات من الإطاحة بمعمر القذافي ، لم تقترب ليبيا من استعادة السلام والوحدة، بل ابتعدت أكثر فأكثر عن هذا الهدف. المجتمع الدولي فشل في تقديم نموذج لحل الأزمة يقبله الليبيون، كما فشل اتفاق الصخيرات، الذي كان من المفترض أن يكون أساسا للبحث عن حلول مقبولة للطرفين، وفشلت المبادرات المتخذة في مختلف المؤتمرات حول ليبيا.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب – المصدر RT