يوم 29 إبريل، هاجم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو منظمة الصحة العالمية، مرة أخرى، متهماً إياها بالفشل في الوقاية من وباء كورونا المستجد ومكافحته، مهددا بفتح تحقيق معها بحجة أنها “لم تستخدم أموال دافعي الضرائب الأمريكيين بشكل معقول”.
وفي هذه اللحظة الحرجة التي تجاوز فيها عدد الإصابات المؤكدة بالوباء في الولايات المتحدة مليون شخص، لم يركز بومبيو على إنقاذ أرواح مواطنيه، بل حرص على توجيه اتهامات باطلة للآخرين لتحميلهم مسؤولية فشل الحكومة الأمريكية، محاولاً اختطاف منظمة الصحة العالمية وتحدي العالم كله، وقد أثبتت الوقائع أن السياسيين أصحاب الدم البارد مثل بومبيو هم الذين خيبوا آمال دافعي الضرائب الأمريكيين.
وباعتبارها أهم منظمة متعددة الأطراف في مجال الصحة العامة، أدت منظمة الصحة العالمية منذ انفجار الوباء واجباتها على نحو احترافي وعملي وفعال، ولعبت دورا لا غنى عنه، وحظيت بثناء واسع من المجتمع الدولي.
أولاً، دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر عالمياً بعد يومين فقط من تلقيها التقرير الرسمي من الصين في الثالث من يناير، وبدأت في 7 يناير بإجراء اتصالات منتظمة لإخطار مسؤولي الصحة العامة في مختلف البلدان عن الوضع الوبائي، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفي فبراير، أرسلت فريقًا دوليًا من الخبراء لزيارة الصين، وبينهم خبيران من الولايات المتحدة.
وجدير بالذكر أن لجنة الطوارئ التابعة لمنظمة الصحة العالمية لعبت دوراً مهماً في اقتراح التوصيات ذات الصلة، وهي تتكون من خبراء مستقلين من العديد من البلدان، بما في ذلك الخبراء الأمريكيون.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة تتمتع بسهولة الوصول إلى المعلومات من منظمة الصحة العالمية، ولكن لماذا لم يعلن البيت الأبيض عن “حالة طوارئ وطنية” حتى 13 مارس؟
أي بعد مرور أكثر من 40 يومًا على إصدار منظمة الصحة العالمية تحذيرًا عالميًا!
ثانيًا، مع انتشار الوباء في الولايات المتحدة، لا يزال بومبيو يتقاعس عن مكافحة الوباء، وبدلاً من ذلك، ومدفوعًا بالتحيز الإيديولوجي المتطرف، يشوه عمداً التقييم الموضوعي لمنظمة الصحة العالمية لاستجابة الصين للوباء، ويهاجم بشكل متكرر تدابير الوقاية والسيطرة الفعالة التي تبنتها، ليضلل الرأي العام في بلاده، ويهدم المناعة المعرفية الجماعية للمجتمع الأمريكي.
والنتيجة هي بطء أعمال الوقاية من الوباء ومكافحته في الولايات المتحدة، وضياع الكثير من الفرص الثمينة.
ثالثاً، دفع بومبيو باتجاه وقف تمويل منظمة الصحة العالمية، حتى إنه هدد علناً بعدم استبعاد تشكيل هيئة بديلة لها، وهذا في الحقيقة ابتزاز دبلوماسي وتقويض للتعاون العالمي في معركة مكافحة الوباء.
لقد أدت منظمة الصحة العالمية منذ اندلاع المرض دوراً مهماً في نشر الإرشادات والمعلومات وترتيب إمدادات المكافحة إلى الدول المحتاجة، والتنسيق بين كبار الباحثين والخبراء للبحث عن علاجات مناسبة للمرض ولقاحات للوقاية.
وفي ظل هذه الخلفية قوبلت تصرفات بومبيو باستنكار شديد من المجتمع الدولي كله، وأكد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش أن خفض الموارد اللازمة لمنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية الأخرى أمر غير مناسب في الوقت الحالي، وقال جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية إنه لا يمكن الدفاع عن تصرفات واشنطن، وأشار بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت إلى أن تصرفات الجانب الأمريكي خطيرة جداً، مؤكداً أن العالم بحاجة إلى منظمة الصحة العالمية أكثر من أي وقت.
ومن منظور أعمق، فإن الحكومة الأمريكية تتمسك دائماً بمبدأ الأحادية، وبعد ظهور كوفيد ١٩، تبنى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مواقف صادرة عن أفكار الحرب الباردة، مع تجاهل آراء المتخصصين وإنذار منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى تشويه التجارب الإيجابية الدولية في مكافحة كوفيد ١٩، ما ضلل الشعب الأمريكي، ودفع البلاد إلى طريق مسدود، حيث فشلت أكبر دولة في العالم في التصدي للمرض.
ونحن نتساءل، ألا يشعر بومبيو بأي خجل أو مرارة تجاه التزايد المتواصل في عدد الإصابات والوفيات بين الأمريكيين جراء الفيروس؟
وسائل إعلام صينية